وجه بشوش، وابتسامة لا تفارقها، حتى وإن كانت تتحدث عن أمر يؤلمها، كوميديانة بامتياز، لا تخفق في إضحاك الجمهور، وحتى في حياتها العادية، إنها الفنانة المصرية سعاد نصر، التي لم تكن تتوقع أن تتمتع بهذه المَلكة، لكن القبول وحب الجمهور الذي وهبه الله لها، جعلها تدخل قلوب متابعيها فعشقوها وتعلقوا بتفاصيلها.
سعاد نصر ابنة حي شبرا، التي رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم، وولدت عام 1953، دخلت المجال الفني بالصدفة حيث تقول: "لم أحصل على مجموع كبير في الثانوية العامة، فمجموعي كان ٥١%، بينما عائلتي تريدني أن أكمل تعليما جامعيا، ولم أعرف ماذا أفعل وقتها بهذا المجموع واقترح المقربون مني الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية فأخبرتهم أنني لا أعرف كيف أمثل، فأخبروني أن أدرس نقدًا فنيًا وأدخل من خلاله للصحافة".
خطة سعاد نصر لم تسر وفق ما أرادت، حيث اختيرت للدراسة بقسم التمثيل ودون أن يعلم أهلها شيئًا عن هذا الأمر إلا في عامها الدراسي الأخير، ورغم حصرها في الأدوار التراجيدية إلا أن الفنان والمخرج المصري كرم مطاوع، والمخرج المصري سمير العصفوري وجدوا فيها شيئًا مختلفًا، واختاروها لتلعب الأدوار الكوميدية في مسرحياتهم، ومن تلك النقطة انطلقت في مشوارها الفني.
تجاهل سينمائي
"لا أعرف لماذا يتجاهلني السينمائيون"، سؤال كانت دائمًا ما تردده الفنانة سعاد نصر لنفسها، فرغم تقديمها عدد من الأعمال السينمائية الجيدة ولكنها كانت ترى دائمًا أنها لم تحصل على حقها سينمائيًا، وهو ما أكدته في لقاء تلفزيوني سابق: "هم الخسرانين والكوميديا حظها قليل في السينما، وأغلب الكوميديانات الكبار حظهم ليس موجودا سينمائيًا، ولكن أنا أحبها وأحب أن أقدم فيها أدوارا جيدة".
حب سعاد الشديد للسينما جعلها تضطر في بعض الأحيان لقبول عدد من أفلام المقاولات التي كانت تعرض عليها من فترة لأخرى، حيث بررت ذلك قائلة: "كنت أجلس عامين دون فيلم سينما وحينما يأتي لي عمل أقدمه، ولكنني رفضت بعد ذلك أفلام المقاولات لأنها تخسر ولا يوجد بها مكسب أدبي".
حب المسرح
بجانب حبها الشديد للسينما، كان المسرح أيضًا الأقرب لقلبها حيث تقول: "المسرح أقرب إلى قلبي وأحبه جدا، أما التلفزيون والسينما أحب فيهما الدور الحلو، وأكبر دليل على ذلك هو أنني قدمت رواية في مسرح الطليعة اسمها "فوت علينا بكرة" أحببتها جدا وأجري فيها كان 82 جنيهًا ونصف.
سعاد نصر التي تزوجت مرتين، الأولى من الفنان المصري أحمد عبد الوارث، وأنجبت منه طارق وفيروز، والثانية من مهندس البترول محمد عبد المنعم، وذاع صيتها بشخصية "مايسة" التي قدمتها في مسلسل "يوميات ونيس" بأجزائه الخمسة مع الفنان محمد صبحي الذي قال عنها بعد رحيلها: "شعرت باليتم بعدها"، بسبب تعلقهما دراميًا في العمل.
رغم أن عدد الأعمال التي قدمتها سعاد نصر في السينما والمسرح والتلفزيون ليس كبيرًا، ولكن أدوارها كانت مؤثرة جدًا، وتعلّق بها الجمهور وأحبها، خاصة أن شخصية سعاد الحقيقة كانت دائمًا بارزة على الشاشة فهي كانت عفوية وتميل إلى الفكاهة دائمًا.
في عام 2006 قررت سعاد أن تقوم بعملية لشفط الدهون، ولكنها لم تكن تعلم أن تلك هي نهاية بسمتها التي ملأت كل البيوت، ونتيجة لخطأ طبي دخلت "سعاد" في غيبوبة حتى رحلت عن عالمنا في عام 2007 عن عمر ناهز 54 عامًا ولكن بقيت ابتسامتها وخفة روحها داخل كل قلوب محبيها.
