الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الفلسطيني حسام أبو عيشة: داخلي ثورة وطنية أخرجها بالفن (حوار)

  • Share :
post-title
الممثل الفلسطيني حسام أبو عيشة

Alqahera News - إيمان بسطاوي

الاحتلال يمنع أي مسرحية تدعو للمقاومة

نعطي للجمهور طاقة بالضحك لمواجهة مآسي الغد

"أم الياسمين" مسلسل جديد عن نابلس

نحتاج إلى تأسيس نقابة للفنانين الفلسطينيين

أرفض منح جوائز لأي مُبدع فلسطيني دعمًا للقضية فقط

وماذا بعد؟ سؤال يطرحه دائمًا الفنان المسرحي الفلسطيني القدير حسام أبو عيشة على نفسه، صاحب المشوار الممتد على مدار ٤٣ عامًا، ليحافظ على شعبيته الكبيرة التي يحظى بها في فلسطين، ويُرضي نفسه فنيًا، خصوصًا مع تنوع مواهبه ما بين التمثيل والتأليف وتقديم البرامج.

الرغبة في تحقيق المزيد من النجاح ليس أمرًا سهلًا، بل هناك عقبات تواجهه، ليست بمفرده فقط، ولكن تعترض طريق الحركة الفنية والمسرحية في فلسطين بشكل عام، والتي تعاني من وقوعها تحت وطأة الاحتلال، الأمر الذي تحدث عنه بالتفصيل حسام أبو عيشة في حواره لموقع "القاهرة الإخبارية"، متطرقا أيضا إلى خطواته في المسرح والسينما والتلفزيون ومشاريعه الجديدة ورؤيته للواقع الحالي في بلده، مناديا بضرورة إنشاء نقابة للفنانين الفلسطينيين بدلا من رابطة المسرحيين الفلسطينيين في هذا الحوار:

تاريخك حافل بالعديد من الجوائز، كان آخرها أفضل ممثل عربي في مهرجان قرطاج لمسرح المونودراما.. ماذا تمثل لك؟

دائمًا أطرح على نفسي سؤالًا مفاده "وماذا بعد؟!"، إذ أسأل نفسي ماذا سأقدم في الغد أفضل مما أنجزته؟ وذلك ليس فقط لكي أحصل على جائزة، ولكن لكي يشعر الجمهور بأن الفنان يتقدم بخطوات للأمام، خاصة أنني حصلت على عدد كبير من الجوائز والدروع على مدار 43 عامًا.

وما السبب في هذا الشعور الذي ينتابك؟

لأن هناك عددًا من الفنانين نالوا جائزة ثم أصبحت عبئًا عليهم، كمن أخذته العزة بالإثم، وأعتقد أن كل جائزة لها حجمها وفرحتها، ولكن يبقى السؤال ماذا ستبني على ذلك النجاح؟ فالفنان غير الباحث وغير المجتهد يتوقف عند الحصول على جائزة، وأنا لا أنتمي لهذا النوع.

قد يُمنح بعض المبدعين الفلسطينيين جوائز من مهرجانات فنية من منطلق دعم القضية الفلسطينية وليس لإنجازهم الفني.. كيف ترى ذلك؟

أنا ضد أي جوائز تُمنح لأي مُبدع فلسطيني في أي مجال لكونه فلسطيني فقط، فهذا يؤذيه ويهبط من قيمة المهرجان، فالتضامن العربي مع فلسطين أمر محسوم ولا نقاش فيه، ولا بد أن تُمنح الجائزة لمن يستحقها، دون النظر لجنسيته، فالمهرجان يجب أن يتعامل بمهنية ونزاهة بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العرق.

وأؤكد أن الأمر ليس عبارة عن تقسيم جوائز بالتساوي، كي لا يسبب ضيقًا أو ضجرًا لأحد، فمن يشعر بهذا الإحساس عليه أن يغضب من نفسه وليس من المهرجان.

كيف انعكست التحديات التي واجهتها في حياتك على إنجازك الإبداعي؟

أسكن في مدينة القدس، وبيتي لا يبتعد أكثر من 50 مترًا عن المسجد الأقصى، ومنذ ولادتي وحتى الآن نواجه هجمات صهيونية يومية على المسجد الأقصى المبارك والأحياء الفلسطينية بالقدس، إضافة إلى ما نواجهه من فقر وقلة الموارد بهذه الأحياء، وهذا كله انعكس عليَّ إيجابيا.

وأشكر ربي على نعمه التي امُتحنت فيها أنا وأبناء بلدي، ولم ألجأ للبكاء أو الشكوى وذهبت في اتجاه آخر بالسخرية من الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، والسخرية بالفن والمسرح تعطي طاقة إيجابية للمشاهد والفنان، لأنه عندما يضحك الجمهور من عمق الجرح، فنحن نعطي له طاقة لمواجهة المآسي، ونشحذ همته للمقاومة الجديدة التي يمارسها في الغد.

الوضع الفلسطيني الخاص تحت الاحتلال انعكس على أدائي بشكل لم يلزمني بالاستسلام والخنوع والبكاء، بل ألزمني أن يتولد بداخلي ثورة وطنية تنعكس فنيًا بالموسيقى والرسم والغناء وكل أنواع الفنون.

إذا اتسعت الدائرة لتشمل المنظور الشخصي للتحديات، وأيضا الصعوبات التي تواجه المسرح الفلسطيني بشكل عام.. فماذا سنرصد؟

بخلاف الصعوبات الشخصية، هناك صعوبات تواجه الفن الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال، فنحن في بدايات الحركة المسرحية الفلسطينية بعد عام 1967 كان الفنانون الفلسطينيون وأنا من بينهم، نُعتقل أثناء تواجدنا بكواليس المسرح، لأننا نقول كلمة حق تساوي المقاومة بالسلاح.

وفي الفترة الحالية خفّت هذه المقاومة المُباشرة لتتخفى في عروض يتم منعها، ومسارح تُغلق مثل المسرح الوطني الفلسطيني، بمجرد سماعهم أنه ستعرض مسرحية بطلها فنان أفكاره ضد الاحتلال.

ماذا تفتقد المسارح الفلسطينية حاليا؟

نفتقد وفرة المعاهد المسرحية المتخصصة، لأن عددها قليل للغاية، فلابد أن يكون في كل مدينة وقرية مسرح، حتى يتم التقاط المواهب والمُبدعين الشباب من قبل المتخصصين وكبار المسرحيين.

تنادي بوجود نقابة للفنانين الفلسطينيين، حدثنا عن هذا الأمر؟

توجد لدينا رابطة أهلية للمسرحيين الفلسطينيين، وتشمل المخرجين والعاملين في الإضاءة والديكور والإكسسوار والمتخصصين والموسيقيين، لكنها للأسف لا تضم الفنانين المسرحيين، كما أنها ليست نقابة للمهن الفنية، ولا تتمتع بالصفة الرسمية.

ولكي يتم تحويلها إلى نقابة تحتاج إلى اجتماع تأسيسي، والمفارقة أن هذا الاجتماع حدث قبل عامين لكن قانون إنشائها لم يصدر بعد، ويحتاج إلى التصويت لإصداره والأمور مُعطّلة، وللأسف عندما ترتبط الأمور بشخوص أو تتوقف على شخص واحد تصبح بمثابة كارثة.

دخلت مجال تقديم البرامج التلفزيونية فهل حققت هدفك من خلالها ؟

لدي برامج تلفزيونية ومازالت تعرض بالشاشات خلال شهر رمضان المبارك، برنامج " كذدر مع أبو عيشة"، والبرنامج الأكثر شهرة "ناس وحراس" ومن اسمه يعني مواطني فلسطين وحراسها وكل فلسطيني يعيش تحت الاحتلال فهو حارس لهذه المدينة، وهو برنامج شعبي جماهيري في رمضان وعرض على 22 قناة فضائية عربية.

لماذا تطغى أعمالك المسرحية على الدراما التلفزيونية؟

لأنني في الأساس فنان مسرحي، أعشق المسرح أكثر من أي نوع آخر من الفنون، وعملت في السينما والمسلسلات التلفزيونية مع الفنان بشار النجار، ومع ميشيل مشهراوي وغالبية المخرجين الفلسطينيين المشهورين في الأفلام، ولكنني أظل من عشاق وخدّام المسرح.

وماذا عن مشاريعك الفنية الجديدة؟

بصدد التحضير لمسلسل فلسطيني جديد بعنوان "أم الياسمين" يتحدث عن مدينة نابلس تاريخا وشعبا منذ انطلاق ثورة البراق في القدس عام 1929 إلى الثورة الكبرى عام 1936، والعمل يدور حول نابلس اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا، وتبلغ تكلفته الإنتاجية 450 ألف دولار، ويعد مبلغًا مهولًا بالنسبة لنا في حين أنه ليس كبيرا بالنسبة لقنوات أخرى، ولولا تنازلنا عن جزء كبير من أجورنا كفنانين لم تكن هذه الدراما التلفزيونية الفلسطينية ظهرت للنور، ولدينا محاولات مع التلفزيون الرسمي لتبنى مبادرة حول العمل، وأتمنى أن تنجح هذه المحاولات.

وفي المسرح أحضر لعرض مونودراما يسمى " الشيخة سند"، يدور حول جيل لم يعرض النظام المدرسي الحالي، ولكن تعلم على يد المشايخ، وبالمناسبة أنا نفسي تربيت في حارة السعدية بالقدس، وتعلمت القرآن الكريم واللغة العربية مدة عامين لدى شيخة، واستحضرت الفترة التي تحكي عن تاريخ القدس في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي من خلال قصة حب بين طفلين موجودين عند هذه الشيخة وتتطور الأحداث.

وبالنسبة لتقديم البرامج سأقدم الجزء الثالث من برنامج " ناس وحراس" في شهر رمضان المقبل.

هل واجهت تعنتًا من الرقابة على المصنفات الفنية في أعمالك؟

بحكم عيشي في القدس فالقانون الإسرائيلي هو الذي يحكم، ولا توجد سلطة فلسطينية وطنية بالقدس، والأمر يتم تصويره شكليا على أنه ليست هناك رقابة، بالطبع هو موجود كشعار في نص قانوني ولكنه غير مفعل لأنه بمجرد شعورهم بأن هناك مسرحية بها دعوة للمقاومة يستخدمون مباشرة قانون الطوارئ الذي ورثوه عن الانتداب البريطاني لعام 1945 والذي يعطي الصلاحية للحاكم بوقف أي نشاط أو فعالية أو شخص تحت ظل هذا القانون.

قدمت عددًا من الأعمال من تأليفك ما الرسالة التي كنت تود توصيلها؟

نحاول إعادة الأجيال الجديدة لحضور المسرح ورؤية رسائل جديدة قيمة تربوية واجتماعية وأخلاقية ودينية، من خلال المسرح وخاصة أننا نعرض كمًّا هائلًا من العروض سنويًا بالمدارس والمعاهد.