تضارب كبير حول تواريخ ميلاد رموز فنية، تتناقله مواقع الإنترنت المختلفة، يتضح بشدة عندما يتعلق الأمر بفنانين بحجم كوكب الشرق أم كلثوم، ومنير مراد، ومحمود ياسين، وعبد المنعم إبراهيم، ضمن قائمة لا حصر لها من الفنانين المصريين والعرب.
المعلومات الخاطئة عن تاريخ ميلاد الفنانين مُشكلة تواجه العديد من المبدعين الذين يفاجأون بعناوين صحفية وتقارير عنهم وموضوعات بالعديد من المواقع الإخبارية وقنوات التليفزيون، فضلًا عن اتصالات هاتفية ورسائل لتهنئتهم بأعياد ميلادهم، الأمر الذي دفع الفنان المصري أحمد بدير للسخرية من تلقيه يوم 20 يونيو من كل عام رسائل تهنئة، واتصالًا من مقدمي برامج تليفزيونية، حيث قال: "بدأت بالفعل أعتقد أنه يوم ميلادي، الكل يقول ذلك والإنترنت يؤكد"، قبل أن يسترسل بجدية قائلا: "الحقيقة أنني ولدت يوم 1 مايو في عيد العمال".
هكذا تمسك أحمد بدير بتصحيح معلومة خاطئة عنه، وسط تدفق لا نهائي من المعلومات عبر مواقع الإنترنت المختلفة، لكن في حالة الفنانين الراحلين يبقى الأمر متروكًا للورثة والأقارب، والمفارقة أن بعضهم يُطلق تصريحات مُتضاربة، مثلما حدث حول تاريخ ميلاد أم كلثوم، ففي الوقت الذي قال حفيدها خالد سمير خالد في تصريحات تليفزيونية، إنه يوافق الرابع من مايو، أشارت الحفيدة سناء نبيل إلى أنه 31 ديسمبر، فيما كان لموقع ويكيبيديا رأي آخر، يتمثل في أن كوكب الشرق ولدت يوم 31 مايو.
الأمر نفسه بالنسبة للفنان المصري الراحل عبد المنعم إبراهيم، الذي أعلن عبر لقاء تليفزيوني له أنه مولود في ٢٤ أكتوبر، ورغم ذلك لا تزال بعض المواقع تؤكد أنه ولد في ٢٤ ديسمبر.
لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للفنان الراحل كمال الشناوي، الذي واجه الأزمة نفسها، إذ سبق أن أعلن أنه ولد في عام ١٩٢١، لكن لا تزال بعض المواقع تُشير إلى أنه مواليد ١٩١٨.
الفنانات لا يكشفن عن أعمارهن
فتح المجال للاجتهادات وانتشار تواريخ ميلاد خاطئة، أمرًا له الكثير من التداعيات، حتى إن مهرجان الإسكندرية السينمائي لغى احتفالية مرور 100 عام على ميلاد منير مراد؛ لوجود شكوك حول تاريخ الميلاد الحقيقي للفنان الذي طالما أسعد الملايين.
حول ذلك الأمر، يرى إمام عمر، أحد أعمدة الإذاعة المصرية، أن أزمة تواريخ الميلاد الخاطئة للفنانين الراحلين، خصوصًا النساء يرجع إلى أن الكثير منهن يرفضن الكشف عن أعمارهن، فالسيدة أم كلثوم كانت لا تجيب عن هذا السؤال في لقاءاتها الإعلامية، الأمر نفسه ينطبق على بعض الفنانين الرجال، لاعتبارهم أن الموضوع غير ذي أهمية.
يضيف الإعلامي إمام عمر لموقع "القاهرة الإخبارية" أن وجود معلومات حقيقية ومؤكدة عن تواريخ ميلاد الفنانين، أمر ليس رفاهية بل ضروري لتوثيق مشوارهم الفني، وهو ما يحتاج للكثير من التدقيق.
أزمة البحث
تعِد، ناهد صلاح، الناقدة والباحثة السينمائية حاليًا، كتابًا عن الفنان الراحل صلاح منصور، سيتم إصداره ضمن الاحتفاء بمشواره الإبداعي في الدورة المقبلة لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، إذ كشفت لموقع "القاهرة الإخبارية" عن أنها واجهت أزمة كبيرة؛ بسبب المعلومات الخاطئة عن الفنان الراحل، ومنها أنه على الإنترنت له 3 تواريخ ميلاد مختلفة، أحدها أكثر انتشارًا.
أضافت: واجهتني نفس الأزمة أيضًا أثناء تأليفي لكتاب "شويكار سيدتي الجميلة" عن النجمة المصرية الراحلة، إذ فوجئت بأن تاريخ ميلادها خاطئ، ضمن حزمة من المعلومات الأخرى، ولحسن الحظ كانت على قيد الحياة أثناء الإعداد للكتاب وصحّحت لي الكثير من المعلومات.
تتفق ناهد صلاح مع إمام عمر في أن سبب الأزمة يعود بشكل كبير إلى أن الكثر من الفنانين لا يعلنون تاريخ ميلادهم الحقيقي، أو يكتفون بالإشارة إلى اليوم والشهر دون السنة، مثلما فعلت الراحلة سامية جمال في لقاء تليفزيوني قديم مع الإعلامي طارق حبيب.
قالت الناقدة السينمائية: بالحديث عن سامية جمال، أثناء إعدادي لكتاب عنها وجدت الكثير من المعلومات المتضاربة، حول تاريخ ميلادها وأيضا حياتها الشخصية والعائلية، فالأزمة قد تتخطى تواريخ الميلاد إلى معلومات خاطئة منتشرة يتداولها البعض عبر مواقع الإنترنت، وتتضح عبثية المشهد عندما قرأت موضوعًا على أحد المواقع ينسب فيلم "صراع في الوادي" إلى المخرج صلاح أبو سيف، رغم أنه أحد أبرز أفلام يوسف شاهين، وشهد أول ظهور لعمر الشريف.
لفتت الباحثة السينمائية إلى أنه قد يعتقد البعض، أنه ليس هناك أزمة في عدم معرفة تاريخ ميلاد فنان ما، لكن الأمر يتعلق برصد وتحليل الفترة الزمنية التي عاش بها الفنان، وكيف أثرت عليه والبيئة التي شكّلت تكوينه، لنصل إلى استنتاج صحيح ومعلومات دقيقة.
