الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

داود عبد السيد: لم أعتزل الفن وظروف صحية منعتني من صعود منصة "قرطاج" للتكريم (حوار)

  • Share :
post-title
المخرج المصري داود عبد السيد

Alqahera News - إيمان بسطاوي

يعدُّ المخرج المصري داود عبد السيد واحدًا من أهم المخرجين في الوطن العربي الذين يمتلكون رؤية وفلسفة خاصة في صناعة أفلامهم، وهو الأمر الذي يكلفه سنوات طويلة لإنجاز مشروع واحد يحمل رؤيته، ورغم قلة ما قدّمه من أعمال فنية مقارنةً بمخرجين أقل عمرًا منه، فإن بعض أعماله نجحت في أن تكون ضمن أهم 100 فيلم في تاريخ السينما.

واختارت مؤخرًا إدارة مهرجان قرطاج صاحب أفلام "الكيت كات"، و"رسايل البحر" و"أرض الخوف"، وغيرها، لتكرمه في دورتها الـ33، وفي أول حوار خاص له بعد تكريمه، تحدث لموقع "القاهرة الإخبارية" قائلا أنه لم يعتزل الفن، مشيرًا إلى أنه يستغرق سنوات طويلة في تقديم مشروع له، بحثًا عن منتج، كما تحدث عن سرّ رفضه لقب "فيلسوف السينما"، وأسباب عدم اتجاهه للدراما التليفزيونية، أو البحث عن دعم من المهرجانات الفنية مثلما فعل مخرجون كبار، وغيرها من التفاصيل في هذا الحوار:

هل قرارك باعتزال الفن كان ضمن أسباب عدم حضورك للتكريم في مهرجان قرطاج السينمائي؟

لم أعلن اعتزالي، وما ذكرته هو أنني أعدّ نفسي في حكم المعتزل لأنني لم أقدم أي عمل منذ عام 2015 بعد فيلمي "قدرات غير عادية"، فكنت أرى نفسي عمليًا وفعليًا معتزلًا، وليس قرارًا بالاعتزال . وبالفعل، اختارتني إدارة المهرجان لتكريمي، ولكنني في الحقيقة اعتذرت لهم عن عدم الحضور لأن حالتي الصحية لا تسمح بالسفر.

معنى ذلك أنه إذا عُرضت عليك أعمال للعودة إلى الساحة، ستفعل ذلك؟

لا أريد أن تُعرض عليّ أعمال لأنها ستكون غير جيدة من وجهة نظري، وأنا أكتب سيناريوهات وأسعى لتقديمها، فكانت لدي مشاريع ظلت 10 سنوات، ولم تنفذ رغم أنها جاهزة، والإنتاج هو ما يوقفني.

هل يرجع هذا انطلاقًا من حرصك على تقديم أعمال تحمل بصمتك الخاصة؟

نعم، ما معنى أن نجد منتجًا يعطي لمخرج سيناريو، ويقول له "اعمل هذا الفيلم مقابل أجر"، أو يطلب منتج أو ممثل من كاتب أن يكتب فيلمًا، ويضيف شخصية معينة أو يحذف شخصية لا تعجبه فيجعله يكتب غيرها، ما معنى احتراف الكتابة والإخراج هنا؟.. أنا لا أعمل بهذه الطريقة، بل أكتب مشروعًا أو سيناريو، وبعد ذلك أبحث لها عن منتج لكي ينتجها، وبالتالي ما يهمني هو أن أحقق مشروعي.

هل لهذا السبب كنت تستغرق في مشروعك سنواتٍ طويلةً؟

نعم، كنتُ أنتظر أن أجد منتجًا ينتج العمل، مثل الشخص الذي معه سيارة "تاكسي" أي شخص يشير له يركب، بينما الشخص الذي معه سيارة "ملاكي" يكون حر نفسه، ولا أحد يعطي له مالًا، وأنا لا أريد أن أنتقص من غيري، فهناك أفلام تجارية هائلة في مصر والعالم.

هل تقصد الخلطة السهلة لجذب الجمهور؟

أنا لا أحب أن أهاجم أحدًا، طالما مَن يصنع سينما تجارية يقدمها بشكل جيد، فأنا أكون سعيدًا لأنه في النهاية السينما التجارية هي التي تُحقق تقدمًا للصناعة، كما أن هناك إمكانية لعمل فيلم بميزانية ليست كبيرة، ربما تنال إعجاب بعض الفئات، فالسينما التجارية ليست سيئة، فصناعة السينما تعني سينما تجارية حتى لا نُعد هذه الكلمة مبتذلةً، وهذا النوع من السينما يهمه أكبر عدد من جمهورها يحضر الفيلم، ويخرج منه سعيدًا.

ما أكثر فيلمًا استغرقت وقتًا في تنفيذه؟

فيلم "رسائل البحر" استغرق تنفيذه 10 سنوات، إذ انتهيت من كتابته، ولكنني كنت أنتظر منتجًا، وفي النهاية نفذته عندما حصل على دعم من الدولة.

في ظل اتجاه عدد كبير من المخرجين إلى الدراما التليفزيونية، لماذا لم تتجه للتليفزيون؟

الحقيقة أنني لا أستطيع العمل في الدراما التليفزيونية بشروطها، ولا أتحدث عن الوقت الحالي ولكن منذ زمن، فإذا ما شاهدنا الدراما التي قُدمت منذ 20 عامًا سنجدها للأسف غير جيدة، ولا أقصد هنا كسيناريو، ولكن على مستوى التنفيذ.

بعض المخرجين الكبار اتجهوا للمهرجانات للحصول على دعم لأفلامهم، فلماذا لم تتجه لذلك؟

أنا ضد هذا الأمر، الفكرة أن المهرجان عندما يختار عملًا لكي يدعمه يرجع هذا إلى أنه يرى أن هذا الفيلم ملائم لجمهوره، فمثلًا مهرجان في فرنسا يهمه أن يدعم العمل الذي يهم الجمهور الفرنسي، فميزانية الإنتاج تأتي من تذكرة السينما، ولا بد أن يجلب أموالًا، فليس شرطًا أن تكون أموالًا كثيرة، فالمنتج يكتفي بها ويعمل فيلمًا آخر، ولكن الذوق المتحكم الذي يدخل الفيلم ويدفع فيه المال هو جمهورك.

برأيك.. ما الجمهور الذي تستهويه أفلامك؟

جمهوري من الشباب ومن المتعلمين بشكل جيد، ويبحثون عن شيء مختلف بعيدًا عن التيمات المعروفة، وفي البداية كنت أظن أن الفيلم الذي أقدّمه له جمهور كبير، ولكن بعد ذلك أصبحت أدرك أن الأفلام التي أقدّمها لها جمهور معين، وليس بالجمهور الكبير والضخم، وأنا لم أكن في حاجة لميزانية ضخمة، وكنت أريد فقط أن أحقق مشروعي ورؤيتي من الفيلم.

كم مشروعًا لديك لم يظهر للنور؟

مشاريع كثيرة وليس مهمًا أن أقول عددهم، بل يهمني ما قدمته، وليس ما لم أقدمه.

وما أقرب مشروع إلى قلبك؟

كلهم.. ليس هناك مشروع بعينه، وأي فيلم قدّمته أنا سعيد به.

البعض لقّبك بـ"فيلسوف السينما"، فما رأيك في هذا اللقب؟

أنا ضد الألقاب لأنها أمر تجاري، كأن نقول مثلًا "ممثل القرن" أو "الزعيم"، فمن وضع تاج الزعامة على رأسه؟، أو بالنسبة للممثلات مثلًا لقب "ملكة الإغراء"، فهذه دعاية له، وكلام تجاري ولا يهمني هذا الأمر، وأنا لا أسمي نفسي مخرجًا، بل أرى نفسي صانعًا للأفلام أو أحاول صناعة أفلام.

هل ما زال لديك الشغف للكتابة، منذ آخر فيلم قدّمته "قدرات غير عادية" عام 2015؟

العملية معقدة لكي أكتب، لأنه حدث تغيير في نوع الجمهور، والجمهور في عام 2000 مختلف تمامًا عن الجمهور الموجود حاليًا، وبالتالي عندما يكون لديك جمهور يكون هناك شغف، وعندما يتغير الجمهور يغير عمرك.

كيف تغير الجمهور؟

تغير نوع الجمهور، فمثلًا تذكرة السينما أصبحت نحو 100 أو 150 جنيهًا على الأقل، فمن يستطيع أن يتحمل ثمن تذكرة بهذا السعر له ولأسرته، بينما على أيامي كان سعر تذكرة السينما درجة أولى بـ16 قرشًا؛ فحدث ارتفاع أسعار التذكرة من 16 قرشًا إلى فوق المئة جنيه، بينما هناك طبقة معينة يهمها التسلية، وتريد أن تستمتع وهذا حقها، وقبل ذلك كانت السينما تراعي البُعد الاجتماعي، وليس مجرد تسلية.