الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الفرق الغنائية.. أحلام أجيال موسيقية تتحطم أمام التكرار والزمن والنجاح الفردي

  • Share :
post-title
منشور لفريق إم تي إم بعنوان "النهاية"

Alqahera News - إنجي سمير

تحمل الفرق الغنائية أحلامًا مشتركة لأفرادها، وأفكارًا تنتصر معها لتشكّل تجربةً خاصة تُميز كل فرقة على حدة، تزيد أو تقل أهميتها حسب درجة تعبيرها عن جمهورها، الذي يتكون معظمه من الشباب، إذ يزخر تاريخ الموسيقى في مصر والوطن العربي، بتجارب عديدة لمجموعة من المواهب الشباب، رأت أنها في اجتماعها معًا بفريق غنائي تكون قادرة على التعبير عن جيلها بمرادفاتهم الخاصة، لكنها في الأغلب تنهزم في النهاية أمام تحدي الاستمرارية مهما بلغت من نجاح أو حققت قاعدة جماهيرية كبيرة.

تعلّق الجمهور بالفرق الغنائية، وامتلاء حفلاتهم بآلاف المعجبين وأيضا الشهرة الواسعة التي تحققها، لم يضمن للكثير منها الاستمرار، ليصبح الأمر بمثابة قاعدة أو قانون خاص لا ينجو من مطرقته إلا القليل الذي يواجه هذا التحدي الصعب.

فريق ام تي ام

إم تي إم

أثار منشور الفريق الغنائي المصري "إم تي إم" الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما كتب أحد أعضائها "تاكي" على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك كلمة "النهاية"، تحت صورة كرة بلاستيكية صفراء مكسورة تحمل شعار الفرقة، دون تحديد ما إذا كانت الفرقة الشهيرة بأغنية "أمي مسافرة"، اعتزلت الغناء أم أن الأمر دعاية لأغنية جديدة؟.

قلق جمهور "إم تي إم" من انتهاء مسيرة الفرقة، يذكّرنا بحالة الحزن التي صاحبت انفصال فرقة "فور إم" الشهيرة، إحدى أقدم الفرق الغنائية التي أسسها الفنان الراحل عزت أبو عوف مع شقيقاته في التسعينيات، وقبل تأسيسها كان أبو عوف عضوًا في أشهر فرق الموسيقى الغربية "بلاك كوتس" التي أسسها الراحل إسماعيل الحكيم ابن الكاتب الراحل توفيق الحكيم، ثم بعد وفاة إسماعيل اتجه أبو عوف لتأسيس فرقته الخاصة واعتمد فيها على العنصر النسائي، على غرار فرقة "بوني إم" الغربية المعروفة، وقدمت العديد من الأغنيات المميزة، حتى انشغل أعضاؤها بحياتهم الشخصية مثل الزواج وأعمال أخرى.

المصريين

فرقة "المصريين" إحدى الفرق الغنائية التي شكّلت وجدان جيلها، منذ انطلاقها عام 1977، وتعد نموذجًا واضحًا ودليلًا على أن النجاح وحده لا يضمن الاستمرار، إذ توقف نشاطها عام 1988 لعدة أسباب، ومنها انشغال بعض أعضائها في تفاصيل حياتية أخرى ليس لها علاقة بالفن، وحول ذلك قال هاني شنودة مؤسس الفرقة لـ"القاهرة الإخبارية": "هناك العديد من الفرق الموسيقية أثّرت في شكل الغناء مثل "المصريين" التي أسستها و"فور إم" للراحل عزت أبو عوف، و"الأصدقاء" للراحل عمار الشريعي، ولكنني أريد التحدث عن نفسي وفرقتي فقط، حيث كنا نعيش كأننا أسرة، نأكل ونذهب للعمل سويا، لكننا افترقنا لاختيارات خاصة لأعضائها، إذ غادرت إيمان يونس الفرقة لزواجها، وبالطبع لم أكن أستطيع منعها، وعضو آخر كان يريد استكمال دراسته والحصول على الدكتوراه والتفرغ، وآخر أخذه الموت منا".

يضيف هاني شنودة: "البيتلز" إحدى كبرى الفرق الموسيقية في تاريخ الموسيقى الشعبية، قدّم أعضاؤها أغاني ممتعة ويتذكرهم الجمهور على مستوى العالم، حتى الآن، وأثروا بشكل كبير في شكل الموسيقى، لدرجة أن كل الفرق الموسيقية التي تظهر حتى الآن نعتبرهم من أبناء "البيتلز" البريطانية.

يمتد أثر الفرق الغنائية عبر الزمان رغم انفصال أعضائها، إذ تمنح الجمهور فرصة الاستماع إلى موسيقى وأغانٍ مغايرة عن السائد، الأمر الذي يؤكد عليه مؤسس فرقة المصريين، حيث يقول: "قرار التوقف ليس بإرادتهم، وكانت هناك محاولات للاستعانة بأعضاء جدد في الفرقة التي أسستها لكن لم ينجح الأمر، ورغم عدم الاستمرار غيّرت فرقة المصريين الموسيقى في مصر".

هاني شنودة يتوسط فرقة المصريين
فرقة كايروكي

من يلا نغني إلى وسط البلد

قائمة الفرق الغنائية المستمرة قد تعطي أملًا في أن تكسر قاعدة الانفصال التي تحطمت أمامها فرق سابقة، إذ يشهد الوسط الموسيقى حاليًا وجود فرق منها "يلا نغني" التي تم تأسيسها عام 2014، ودخل عليها تعديل جوهري عام 2016، لتصبح مكونة من فتيات فقط، وتصبح أول فرقة غنائية نسائية تحت عنوان "كايروتا"، فيما حافظت فرقة "شارموفرز" على اسمها الذي ظهرت به عام 2012، وأصبحت من كبرى الفرق الموسيقية العربية، وتقدم حفلات على مستوى العالم، لكنها أيضا شهدت تعديلًا تمثل في انضمام أكثر من عضو لها.

أما فرقة "كاريوكي" تعد أحد أبرز الفرق التي نجحت في الاستمرار، إذ تأسست عام 2003 معتمدة على موسيقى الروك بشكل كبير، وقدّمت العديد من الأغاني المميزة وذات شكل مختلف، يرافقها نجاح فرقة "مسار إجباري" التي تشكّلت عام 2004 وتخلط بين موسيقى الروك والجاز والبلوز مع التراث الغنائي المصري، وقدّمت 4 ألبومات غنائية، بالإضافة إلى العديد من الأغنيات المنفردة لأعضائها وحققت نجاحًا كبيرًا.

فرقة وسط البلد

كذلك الأمر فرقة "وسط البلد" التي تأسست عام 1999، وتعتبر من أشهر الفرق الموسيقية التي قدّمت نوعًا جديدًا من الموسيقى المعاصرة، ورغم انشغال أعضائها في أمور أخرى ومنهم هاني عادل، الذي عرف طريقه إلى التمثيل، مازالت مستمرة وتحرص على تقديم حفلات وأغنيات جديدة، في الوقت الذي يحاول فيه أيضًا أحمد فهمي ومحمد نور وأحمد الشامي ونادر حمدي أعضاء فريق "واما" التماسك للحفاظ على النجاح الذي حققوه منذ الانطلاق عام 1998، رغم انشغالهم في أعمال فنية فردية بين التمثيل والغناء.

حلمي بكر

عمر افتراضي

كشف الموسيقار المصري حلمي بكر، أن هناك تحديات كثيرة أمام الفرق الغنائية لضمان الاستمرار، منها النجاح الجماهيري بالطبع، ثم نجاحها في تغطية تكاليفها وتحقيق عائد مادي، والسيطرة على خلافات الرأي داخل الفرقة، وكذلك ضمان التجانس الفني بين أعضائها.

ويضيف أن هناك بعض الفرق الموسيقية بالفعل حققت نجاحًا كبيرًا وتفاعل الجمهور معها، وهذا يعني استمرارها لعدة سنوات، بالإضافة إلى أن هناك فرقًا حققت نجاحًا بالفعل ولكنها تتفرق بسبب انشغال أحد أعضائها في أمور حياتية أخرى مثل الزواج والوفاة، ومنهم من يجد عملًا آخر وبالتالي تتفكك ولا تستمر، مؤكدًا أن الفرق الموسيقية في النهاية لها عمر معين وتنتهي.

ياسمين فراج

عدم التجديد وأزمة الانفصال

فيما قالت الناقدة الموسيقية د. ياسمين فراج، أستاذ النقد الفني بأكاديمية الفنون، إن الفرق الموسيقية موجودة طوال الوقت في جميع البلدان، وكلما تكون البلد معتمدة على النظام الفيدرالي "الولاية" مثل أمريكا، كلما يكون للفرقة خصوصية متعلقة بروح الولاية نفسها، ولكن مصر دولة مركزية وبالتالي الفرق فيها تُحقق الشهرة على مستوى المحافظات، وعندما ننظر لفترة نهاية السبعينيات مرورا بالثمانينيات والتسعينيات نجد أنه ظهرت بعض الفرق التي كانت تُحاكي الغناء الأجنبي مع تمصير الكلام واستخدام اللحن الأصلي للأغنية، وهناك فرق أخرى ظهرت اعتمدت على آلات الباند الغربي وتقلد البيتلز.

وتابعت: "هذه الفرق اعتمدت نفس تشكيل الآلات الموسيقية، مع اختلاف الموضوعات التي تناقشها مثل "المصريين" و"فور إم" اللتين قدمتا أغاني تعتمد على السلالم الموسيقية التي يستعملها الغرب، وهي السلم الكبير والصغير، وذلك لأن طبيعة الأصوات التي كانت تُغني في هاتين الفرقتين غير قادرة على غناء الثلاثة أرباع التون، فعلى سبيل المثال أعضاء فرقة "فور إم" ليسوا مطربين ولكنهم مؤديين ولابد من أن يؤدوا الأغاني سويًا لأن الغناء الجماعي يداري أخطاء بعض الأصوات "النشاز"، وهو نفس الحال في فرقة "المصريين" فعلى الرغم من أن نسبة أصواتهم كانت محدودة ولكن كان "النشاز" أقل من "فور إم" والتي هي فرقة غنائية استعراضية على المسرح.

وأضافت: أما في الثمانينيات ظهرت فرقة "الأصدقاء" للراحل عمار الشريعي وهو الوحيد الذي تطرق لثلاثة أرباع التون في بعض أغنياته التي قدمتها الفرقة، وكانوا أفضل في طريقة الغناء، واستخدموا الألحان ذات الطابع الشرقي مثل "العود والقانون" وأصواتهم كانت مضبوطة مع بعضهم، وأرى أن علاء عبد الخالق ومنى عبد الغني وحنان ماضي أصواتهم في الفرقة أفضل من أصواتهم عندما انفصلوا عن الفرقة.

فرقة واما

تنتقل د. ياسمين إلى فِرق فترة الألفينيات مثل "كايروكي" وهذه أغلبها فرق تناقش موضوعات لها علاقة بمشكلات المواطن وليس الشباب فقط، الأمر الذي تتغلب به على الأزمة التي واجهت فرق "المصريين" و"الأصدقاء" و"فور إم"، بعد أن كبر أعضاؤها في السن ولم يكن ملائما أن يخاطبوا جمهور الشباب، ولم يعد لونهم الغنائي يناسب الروح العصرية.

وتابعت: أما بالنسبة للفرق الجديدة، تعتمد على الآلات غربية والموسيقى الغربية مثل الغجرية الإسبانية، مثل فرقة "وسط البلد" أو "كايروكي" التي تعتمد على الروك أو أخرى التي تغني أغاني "أر أن بي"، وهذه الفرق تعتمد على لون غنائي وليس على أصوات المطربين وهم مجالهم في الغناء قليل ليس مثل فترة السبعينيات والثمانينيات تحديدًا، وبالتالي الغناء الفردي حاز على مساحة أكبر من الفرق كثيرًا، كما أن هذه الفرق تُحيي حفلات في أماكن محدودة مثل ساقية الصاوي أو في المسرح الصيفي في الأوبرا وبعض أماكن السهر في إسكندرية والساحل الشمالي والمصايف، ولذلك تعتمد على أوقات معينة، ويمكن أن يقل نشاطهم في موسم الشتاء، حيث إنه فترة المدراس والكليات.

وبالنسبة لفرقة مثل "واما" و"إم تي إم" قالت: من الممكن أن تتفكك وهذا طبيعي بسبب قلة العمل والأرباح، في ظل أن بعض أعضاء هذه الفرق يحقق نجومية كفنان منفرد مثل أحمد فهمي، وقد تكون الفرقة استهلكت نفسها عندما تقوم بغناء اللون الغنائي نفسه على فترات طويلة، ومن الطبيعي أن عدم تجديدها لنفسها يُشعر جمهورها بالملل وينصرف عنها ويبحث عن فرقة أخرى أو لون غنائي آخر.