الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تركيا.. أزمات اقتصادية على مر العصور

  • Share :
post-title
صورة أرشيفية

Alqahera News - ياسمين يوسف

شهدت تركيا أزمات كثيرة، خلال تاريخها البالغ 99 عامًا، وعلى مدار تلك السنوات، كان هناك صعود وهبوط في مؤشرات الاقتصاد الكلي، واضطرت، في بعض الأحيان، إلى اللجوء إلى المساعدات الخارجية، رغم أن جميع سياسات الحكومات المتعاقبة، كانت تهدف إلى تحقيق منافع اقتصادية، لكنها استخدمت لأجل مصالح سياسية، وذلك بحسب صحيفة "جمهوريت" التركية. 

وأظهرت بيانات رسمية، نُشرت اليوم الخميس، أن التضخم في تركيا ارتفع في أكتوبر على أساس سنوي، لأعلى مستوى في 24 عامًا عند 85.51 بالمئة، وهو ما يقل بشكل طفيف عن التوقعات، بعدما خفض البنك المركزي سعر الفائدة ثلاث مرات، في ثلاثة أشهر رغم ارتفاع الأسعار.

الاعتماد على الزراعة دون غيرها من الموارد، كان خطأ ارتكبته الحكومات التركية، فهي لم تجد ما توقعته من استثمارات القطاع الخاص، وانخفضت قيمة الليرة التركية بسرعة بسبب تثبيت سعر الصرف لفترة، وأدى اعتماد الاقتصاد على الزراعة، بشكل كامل، مع انخفاض أسعار المنتجات الزراعية، إلى انخفاض عائدات الصادرات، وبدأ التدهور في ميزان المدفوعات، وحدث الانكماش الاقتصادي، وأصبحت الديون المستحقة على البلاد عبئًا إضافيًا.

أزمتها الاقتصادية خلال الحرب العالمية الثانية

خلال الحرب العالمية الثانية، حدث تدهور في القطاع الزراعي، في تركيا، أدى لانخفاض الإنتاج الزراعي إلى 59 في المئة من مستواه عام 1939، وإلى 71 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة نفسها، وبعد أزمة عام 1946 تم تخفيض قيمة العملة لأول مرة في تركيا، وعليه، تم تخفيض قيمة الليرة التركية بشكل حاد مقابل الدولار، لأجل زيادة الصادرات، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق.

وفي عام 1950، بدأ عهد الحزب الديمقراطي، وفي هذه الفترة، تم التخلي عن السياسات الاقتصادية، وتم تبني نظام التجارة الخارجية الحرة، لكن الزيادة في الواردات تسببت في زيادة العجز بشكل تدريجي، ما جعل البلاد تعتمد على الاستثمارات الأجنبية والقروض، وتسببت في نقص النقد الأجنبي.

أزمة النفط

تسببت الحروب التي اندلعت بين دول الجامعة العربية، وإسرائيل في ارتفاع أسعار النفط، وتسبب هذا الوضع في انقلاب الاقتصاد التركي رأسًا على عقب، نظرًا لأن تركيا واجهت هذه الأزمة أثناء ما أطلق عليه "عملية السلام" للسيطرة على قبرص، تنفيذا لأوامر رئيس الوزراء مصطفى بولنت أجاويد في ذلك الوقت، ومرت بفترة شديدة الصعوبة، حيث زادت نسبة البطالة، وارتفع التضخم، فيما لم تحقق سياسات إحلال الواردات كما كان متوقعًا، وازداد ميزان المدفوعات والعجز في النقد الأجنبي بشكل مستمر.

ومع الموجة الثانية من أزمة النفط في عام 1980، ارتفعت الأسعار مرة أخرى، واستمرت زيادة نسبتي البطالة والتضخم، وتم تخفيض قيمة العملة من جديد، فضلًا عن التخلي عن سياسة سعر الصرف الثابت، واعتماد نظام سعر الصرف الحر الخاضع للرقابة، وقُدمت حوافز من أجل تشجيع تدفقات رأس المال الأجنبي.

ومع الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر، ارتفعت أسعار الفائدة بشكل كبير، وأصبحت الشركات غير قادرة على الحصول على قروض من البنوك، وقد وجّه هذا الوضع الشركات والمدخرين إلى شركات الوساطة المالية، وفي ذلك الوقت، تعاونت بعض البنوك الكبرى مع تلك الشركات وجعلوهم يبيعون السندات ويحاولون جمع الأموال السائلة من المدخرين. وعندما بدأ المصرفيون في اقتراض الأموال بمعدلات فائدة أعلى لسداد فوائد الأموال، استمرت زيادات الفائدة، واندلعت أزمة المصرفيين في عام 1984، مما تسبب في معاناة العديد من المدخرين.

وفي التسعينيات، بدأت الدولة في الاقتراض بشكل أساسي من البنوك العامة لتغطية نفقاتها، ومع مرور الوقت، وصل عبء الدين إلى أرقام خطيرة. فيما كانت بنوك القطاع الخاص تجمع الودائع ذات معدلات الفائدة المرتفعة وتقدم القروض للبنوك العامة بأسعار فائدة مرتفعة.

وفي عام 1993 أرادت رئيسة الوزراء في ذلك الوقت "تانسو تشيلر" منع الفوائد العالية وأعباء الدين العام بسلسلة من السياسات التي طبقتها خلال فترة ولايتها. وركزت "تشيلر" على خفض أسعار الفائدة وأصدرت قرارًا بإلغاء مزادات اقتراض الخزينة و شهدت تركيا زيادة معدلات الضرائب وتضخمًا مفرطًا.

وفي 5 أبريل من العام نفسه، أعلنت الحكومة سلسلة من الإجراءات تضمنت تخفيض قيمة الليرة التركية، وإلغاء الإعانات على المنتجات الزراعية باستثناء الحبوب والتبغ والسكر، وفرض ضريبة إضافية على دافعي الضرائب.

أزمة انسحاب المستثمرين الأجانب

استمرت تداعيات أزمة 1994، حتى دخلت روسيا "الشريك التجاري لتركيا" في أزمة، فضلًا عن وقوع زلزال "مرمرة" الذي شكل عبئًا على الميزانية، مما زاد من الصعوبات الاقتصادية، وفي ذلك الوقت، كان هناك سعر صرف ثابت، وفي حين تم تحديد سعر الصرف من قبل البنك المركزي، قام السوق بتحديد سعر الفائدة.

وتعود أزمة الاقتصاد التي حدثت في ذلك الوقت إلى السيولة، وأدى عدم قدرة البنوك على تمويل أذون الخزانة التي فاق عددها إلى انسحاب المستثمرين الأجانب. وزادت حدة الأزمة الدستورية التي حدثت في اجتماع مجلس الأمن القومي من المشكلات الاقتصادية وتسببت في انتشار الأزمة التي بدأت في القطاع المصرفي، ونتيجة لذلك، تم إغلاق العديد من الشركات وأصبح الكثير من الناس عاطلين عن العمل، وتم تنفيذ برنامج اقتصادي جديد من خلال التوقيع على اتفاقية الاستعداد مع صندوق النقد الدولي. ووصفت بأنها أكبر أزمة اقتصادية في تاريخ تركيا، حسبما ذكرت صحيفة "جمهوريت" التركية.

تأثر تركيا بمشكلات الأسواق المالية للولايات المتحدة

تحولت المشكلات التي شهدتها الأسواق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2007 إلى أزمة في عام 2008، وأثرت سلبًا على اقتصادات بلدان عديدة، وتظهر قروض الرهن العقاري الممنوحة لذوي الدخل المنخفض بأسعار فائدة مرتفعة باعتبارها العامل الأكبر في هذه الأزمة.

وتأثرت تركيا بشكل غير مباشر بتدهور حجم التجارة الخارجية وانخفاض تدفقات رأس المال الأجنبي، حيث انخفضت الصادرات وزادت مشكلة الانكماش الاقتصادي من البطالة.

تركيا تدفع ثمنًا باهظًا لاحتجازها القس الأمريكي "برونسون"

فاقمت أزمة احتجاز القس الأمريكي "أندرو برونسون" في تركيا عام 2016، العلاقات المتوترة أساسًا بين تركيا والولايات المتحدة، بل زادت عليها بُعدًا جديدًا، وباتت أزمة الاحتجاز أحد العوامل الرئيسية لتصاعد هذا التوتر وأشعلت الأزمة الاقتصادية لعام 2018، وارتفع سعر الصرف بشكل مفاجئ، وتجاوز الدولار الذي كان يُباع بـ3.80 ليرة في عام 2017، الـ7 ليرات، وكان هناك ازدحام في العديد من القطاعات، لا سيما قطاع البناء، وتزامن كل ذلك مع حالات الإفلاس.

في سياق آخر، انخفض احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي بشكل كبير في عام 2018، في حين بلغ صافي احتياطي النقد الأجنبي 77.9 مليار دولار في يناير 2018، فقد انخفض إلى 33.9 مليار دولار اعتبارًا من يناير 2020، وبينما انخفضت قيمة الليرة التركية إلى حد كبير، زادت بيانات البطالة بشكل كبير بسبب ارتفاع التضخم والانكماش الاقتصادي.