الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عالج قضايا المجتمع بالابتسامة.. نجوم الوطن العربي: عادل إمام ليس زعيماً بالصدفة

  • Share :
post-title
عادل إمام

Alqahera News - إيمان بسطاوي

ما أن تطأ أقدام الفنان المصري الكبير عادل إمام أي دولة عربية، إلا ويلقى ترحيبًا رسميًا وشعبيًا من أبنائها الذين نشأوا على فنه وضحكوا وتألموا وحلموا معه، وكانوا شركاء له في كل أعماله، ليكون خير سفير للفن المصري والعربي، هذا ما راهن عليه الزعيم الذي كسب شريحة عريضة من الجمهور في أرجاء الوطن العربي، والقاعدة التي وضعها لنفسه منذ اليوم الأول، ليمتد تأثيره بداية من أول أفيه أطلقه "بلد بتاعة شهادات صحيح" وحتى آخر أعماله التي قدّمها عام 2020، لتشير هذه الأعمال إلى مسيرة طويلة من الفن والإبداع، واسم لمع في سماء الفن العربي، ونجح أن يكون متميزًا في كل أعماله الفنية بشكل لافت، ليصير كما الصياد الماهر القادر على صيد القلوب والعقول.

ومع مرور 60 عامًا على مسيرة الزعيم صاحب الحضور والكاريزما التي تعلق بها الجمهور، أعرب عدد من صنّاع الفن والفنانون العرب لموقع "القاهرة الإخبارية" عن تقديرهم وحبهم لأعمال وشخص الفنان عادل إمام، والتأكيد على أن هناك كثيرين تأثروا به لدرجة تقليده، وأنه من الصعب أن يتكرر مثل هذا الفنان الاستثنائي.

عميدة المسرح السعودي: فنان لن يتكرر

الموهبة أكثر ما يميزه، هكذا وصفت د.ملحة عبد الله عميدة المسرح السعودي، الفنان عادل إمام، مؤكدة أن أهم ما يميزه هو الموهبة، إذ لقّب في بدايته بصاحب الوجه العجيني، في إشارة إلى تلك القدرة الفائقة على التشكيل في الأداء التمثيلي، فضلًا عن احترامه لجمهوره والرسوخ على القاعدة العامة، فلم نسمع عنه في كل مراحله أنه اقترف أمرًا يضعه تحت طائلة القانون، فهو فنان احترم جمهوره فأحبه لأنه يدرك تمامًا أن النجم ملك لجمهوره فلا يخدش مشاعرهم أو يعرض نفسه لتفاهات تجرح محبيه.

تضيف لموقع "القاهرة الإخبارية": عادل إمام هو تلميذ الأستاذ فؤاد المهندس، لذا نستطيع القول إنه ربط بين جيلين، فأثّر وتأثر بفكر الستينيات وما بعد ثورة 1952 فكرًا وفلسفة، تلك المرحلة بمستوياتها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والأهم الفكرية الفلسفية، ومرحلة الثمانينيات، وعصر الانفتاح، وما بعد حرب 1973 فترة الزهو بالانتصار، بما فيها من تطور اقتصادي وأيضا وطني وتنويري".

تابعت: "يمكن أن نؤكد أن الزعيم عادل إمام لن يتكرر، فحتى الآن لم يوجد ممثل يربط بين كل هذه المحاور والتوجهات الفكرية والسياسية والاجتماعية، فهو ليس دمية يشكلها المخرج كما هو سائد، وإنما حامل فكر درامي ورسائل، وممثل مجتمعي ولسان حال الجمهور، وأدلل على ذلك بـ"البنطلون الجينز" ليس كرداء مستورد، وإنما هو ملبس المواطن العادي المعبر عن الطبقة الوسطى والكادحة".

وأوضحت: حقيقة الأمر أن عادل إمام أجاد صناعة الهندسة الفكرية، وربما يكون استلهم هذا الأسلوب من دراسته فهو مهندس زراعي، ليجيد فيما بعد هندسة التوجه الفكري ويقود كتيبة الفكر أمام تيارات فكرية وسياسية، ولا يمكن أن ننسى أن نذكر صديقه ورفيق دربه الفنان سعيد صالح والمغني محمد أحمد عيسى الملقّب بـ"الشيخ إمام" والضلع الثالث لهذا المثلث هو الشاعر أحمد فؤاد نجم، هذا وقد رافقه في هذه الفترة كتّاب عظام مثل الكاتب الكبير يوسف معاطي والكاتب خالد الذكر وحيد حامد وغيرهما الكثير في التسعينيات".

الإماراتي عبد الله راشد: امتلك حصانة مجتمعية ولم يكسب أي عداءات

يؤكد الفنان الإماراتي عبد الله راشد لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن الزعيم عادل إمام صاحب موهبة فطرية وخلق شخصيته من المجتمع، فكان شغوفًا بالاطلاع والانفتاح على العالم، وقادرًا على قراءة الشارع المصري والحالة الاجتماعية، وهو ما خلق شخصية عادل إمام، بالإضافة إلى الموهبة التي يتمتع بها، فجميع أعماله سواء مسرحًا أو غيره تحمل قراءة للمجتمع سواء كان سياسيًا أو اجتماعيًا، كما كان بارعًا في تطعيم القضايا التي يقدمها بالضحكة والكوميديا وليس عن طريق الخطاب المباشر، إذ غاص في عمق المجتمع والموضوعات التي تلامس المواطن المصري والواقع العربي بالضحكة.

يضيف راشد: يعتبر الزعيم صاحب رسالة حقيقية تقبلها المجتمع سواء المصري أو العربي بصورة كبيرة؛ لأنه كان قادرًا على التعبير عن المجتمع، بالإضافة إلى ميزة إضافية أنه لم يكن له عداءات مع أي شخص، ومع كافة الأوساط سواء الثقافية أو السياسية أو الفكرية أو الاجتماعية، بل لديه قبول ليكون خير من استطاع أن يوصل الرسالة بدون أي مضايقات".

يتابع: "للزعيم عادل إمام تأثير كبير في الشعب الإماراتي، فكان صفحة واضحة من صفحات المجتمع المصري، وحينما تشاهد عادل إمام في عمل مسرحي أو درامي، نرى توثيق مرحلة من حياة المجتمع المصري، هذا المجتمع الذي أثّر في الوطن العربي ككل، لأنه كان مشتركًا مع المجتمعات العربية في جوانب كثيرة، وكان له مغزي ومؤثر فكريا، لأن الشخصية المصرية أثرت في المشهد الخليجي بصورة كبيرة جدًا، وكان لها تأثير قيادي، وصناعة المثقف والفنان في الخليج تتلمذت على يد الفكر المصري، وكان عادل إمام جزءًا من هذه المنظومة المؤثرة وجزءًا من وصف حالة المجتمع المصري، فهو امتداد للمجتمع العربي".

وعن السبب وراء عدم تكرار شخصية عادل إمام يقول: "أعتقد أن الجيل الذي كان يعيش فيه الزعيم والحالة التي كان عليها المجتمع المصري، هي التي جعلت عادل إمام استثناء؛ لأن المعطيات الكلية حاليًا لا تنبئ بوجود شخص مثله، فهناك علامات متفردة لن يكون لها خليفة مثل الزعيم وأم كلثوم وغيرهما، فكان زمانهما ثري، وأساسه صناعة الفكر والإبداع والتذوق الفني وهذه التركيبة غائبة عن المشهد حاليًا".

وأضاف أن عادل إمام كان مثقفًا ولم يخلق له أي عداءات سواء فنيًا أو سياسيًا، وكان محبوبًا جدًا من القادة، وأنا بشكل شخصي معجب بكل مسرحياته، خاصة أن كل أعماله ذات مضمون ورسالة قوية جدًا ولاذعة باستثناء "مدرسة المشاغبين" التي كانت من أجل الكوميديا فقط، بخلاف ذلك كانت كل أعماله شرحًا لواقع واستقراء للمستقبل؛ ولذلك أعماله ستبقى خالدة ليس لجيل واحد ولكن لأجيال كثيرة.

أوضح أن الزعيم كان يجيد اختيار مضمون النص، وكان داعمًا لجيل الشباب في أعماله، وحتى المخرجين الذين عملوا معه من أهم من أنجبتهم مصر، ولم يقع في فخ التكرار إذ كانت أعماله مدروسة، وتحمل رسائل متنوعة ويقرأها أجيال متعددة، فكان عنده حصانة مجتمعية نتيجة حب الناس له واستفاد منها لصالح المجتمع ولكن لم يستغلها لمصلحته أو تغليب فئة على أخرى".

مدير المسرح الحر بالأردن: الأردنيون تأثروا بأسلوبه وهناك من حاول تقليده

قال علي عليان، مدير المسرح الحر بالأردن، لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن الفنان عادل إمام كان له تأثير كبير على جمهور الأردن من خلال المسرح أكثر من السينما، وخاصة في حقبة السبعينيات من خلال مسرحية "مدرسة المشاغبين"، ثم "شاهد مشافش حاجة" التي كانت بداية ظهوره بشكل حقيقي على المسرح، وكان التلفزيون يبث هذه المسرحيات خاصة في فصل الشتاء، إذ كان الجمهور الأردني ينتظرها ومن هنا جاءت معرفة الأردنيين بعادل إمام من خلال المسرح أكثر من السينما، رغم أن له باعًا طويلًا في الفن السابع وقدّم أفلامًا كثيرة حتى في البدايات التي كان يظهر فيها بأدوار صغيرة، ولكنها كانت مؤثرة.

يضيف عليان لموقع "القاهرة الإخبارية"، عادل إمام خبرة طويلة في العمل المسرحي والدرامي سواء في السينما أو التليفزيون، وتطور محتوى أعماله الفكري في مرحلة التسعينيات، إذ كان هناك متغير كبير في صناعة الأفلام السينمائية مثل "الإرهاب والكباب"، و"طيور الظلام" وغيرهما من الأفلام الكبيرة ومن قبلهما "المنسي"، وهي من الأعمال المتميزة، وفيها تحول كبير في معالجة وطرح الموضوعات، ومنها تحول رأس المال بجانب أطروحات عميقة جدًا تتعاطي مع الواقع الحالي في المجتمع العربي.

وعن تأثيره على المسرحيين في الأردن يقول: "هناك نماذج كثيرة تأثرت بمسرح عادل إمام رغم أنه غير متعارف على المسرح التجاري بالأردن، ولكن هناك من عمل على هذا النهج، ومع الوقت أصبح هناك نوع من المسرح الجاد بالأردن وهو بعيد عن مسرح عادل إمام".

وتابع قائلًا: "تفرد عادل إمام بهذا النهج الكوميدي ليس له نظير، وهو ظاهرة لم تتكرر طوال الخمسين عامًا الماضية، واعتقد أنه لم تحدث في السابق ولن تتكرر في المستقبل، لأنه كان متفردًا في أسلوب التهكم الساخر والكوميديا السوداء، ومتميز في أعماله المسرحية والسينمائية وحتى في أعماله الأخرى، إذ أحدث ضجة في أعماله التلفزيونية التي قدمها أخيرًا، وكنت شخصيًا أتابع هذه الأعمال من أجل المتعة ومشاهدة آخر منجزات هذا الفنان الذي نحبه، وهو ظاهرة لن تتكرر".

الفلسطيني أبو عيشة: أعماله عبّرت عن آلام وآمال الناس

يرى الفنان الفلسطيني حسام أبو عيشة، أن تأثير الفنان عادل إمام الملقب بـ"الزعيم" لم يولد مصادفة، لكنه جاء لتراكم التجربة الطويلة التي تزعّم بها المسرح العربي بشكل عام، والتأثير الكبير جدًا الذي نشاهده اليوم بالأجيال الجديدة التي لا تزال تردد حتى اليوم بعض جمل من مسرحياته، والعشرات من الموهوبين الذين يحاولون تقليد طريقته، وهذا لا شك يدل على مدى عمق أثره في الكوميديا التي يقدمها الزعيم.

يضيف أبو عيشة لموقع "القاهرة الإخبارية": "أن المميزات التي يمتلكها الزعيم جزء منها موهبة من الله التي أعطاها له، حيث استغل هذه الموهبة واكتشف وطوّر وثقّف نفسه واطلّع على مشكلات الوطن العربي بشكل عام وقدّم العديد من الأفلام والمسرحيات التي تهم المواطن العربي سواء عبّرت عن آلام أو آمال الناس ودائمًا ما كان يُطعّم هذا الألم بالنكتة والضحكة والبسمة حتى تكون هناك راحة نفسية خلال مشاهدته".

ويؤكد الفنان الفلسطيني أن عادل إمام حالة متفردة ولكن لكل زمان رجاله وبالتأكيد مصر ولدة وهناك قامات حقيقية قدّمت مسافة وطفرة مثل أم كلثوم وفيروز وأيضًا في السينما المصرية كان لدينا العبقري عبد الله غيث وأحمد زكي غيره من النجوم الكبار الذين يشكلون علامات تفردوا وتميزوا ولا يستطيع أحد أن يكون نسخة منهم".