الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المشهد السياسي فى العراق.. حكومة بقيادة "السوداني" انفراجة أم عودة للجمود؟

  • Share :
post-title
رئيس الوزراء العراقي الُمكلّف محمد شياع السوداني

Alqahera News - سمر سليمان

 

أيام ويسلك العراق طريقًا من ثلاثة، ما قد يحدد طبيعة الفرص والتحديات المستقبلية، بإعلان محمد شياع السوداني، تشكيله للحكومة التي طال انتظارها، وتصويت البرلمان على منح أو حجب الثقة فيها، وسط ترقب للكشف عما في جعبة التيار الصدري الذي بات خارج المشهد السياسي بإرادته، لكنه لا يزال طرفًا مؤثرًا في المعادلة، فإما انفراجة العراق أو عودة للخلف!

كّلف الرئيس العراقي المنتخب عبد اللطيف رشيد، في 13 أكتوبر الجاري، محمد شياع السوداني، بتشكيل الحكومة، وتعّهد الأخير بتقديمها في أقرب وقت ممكن، حيث رُشِح "السوداني" لمنصب رئيس الوزراء، من قبل "الإطار التنسيقي"، وهو أحد المعسكرين الشيعيّيّن الكبيرين في العراق، مدعومًا بتحول مواقف التيارات السياسية السنية المعروفة بـ"تحالف السيادة"، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بعد أن ابتعدت تلك التيارات خطوات عن دعم حليفها في المعسكر الشيعي الآخر، المتمثل في التيار الصدري، بتشكيلها ائتلافا مع قوى الإطار، عُرِف باسم "إدارة الدولة"، حيث حصر هدفه السياسي في تشكيل حكومة انتقالية، تتمتع بصلاحيات كاملة، تمهد لإجراء انتخابات برلمانية جديدة.

جهود لتشكيل الحكومة في أسرع وقت 

ووسط نقاشات ومباحثات وتبادل الآراء مع كل الشركاء السياسيين، والأطر الاجتماعية والوطنية، يبذل "السوداني" جهودا حثيثة، بهدف تشكيل الحكومة العراقية في أسرع وقت، وذلك وفق بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي المُكلّف، في تلميح إلى احتمال وجود مباحثات مع التيار الصدري، شأنه شأن باقي التيارات.

ويرتبط نجاح "السوداني" في تشكيل حكومة عراقية ومنح المشهد السياسي دفعة أخرى؛ لا سيما بعد انفراجة تعيين الرئاسات الثلاث، بإجراء عملية هندسية سياسية، من المتوقع أن تخرج عنها حكومة تراعي إرضاء كل شركاء الإطار التنسيقي من التيارات السنية، والكتلة الكردية، ضمن تحالف "إدارة الدولة".

الدروب الثلاثة تمثل سيناريوهات المستقبل، فإن لاح فجر الاستقرار السياسي، سيوافق البرلمان على تشكيل الحكومة، وسوف تستمع القوى المختلفة وعلى رأسها التيار الصدري لصوت المنطق بحاجة العراق الماسة إلى الاهتمام بالملفات الداخلية وإعادة التنمية والإعمار واستعادة دوره في الإقليم، وهي الأمور التي لم تتم منذ سنوات، بسبب جهود محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في عهد حكومة حيدر العبادي، ومن ثم انفجار المشهد السياسي في عهد عادل عبدالمهدي، وتبعته الأزمات الأمنية والسياسية الضاغطة في عهد مصطفى الكاظمي ثم تسويات سياسية أخرجت حكومة السوداني المنتظرة من عنق الزجاجة بعد شلل سياسي لأكثر من عام.

الانخراط في حوار وطني 

 وسيُمَّكن السيناريو الأول وهو الأكثر تفاؤلًا، "السوداني" من مباشرة عمل حكومته، دون تعطل ألفة العراق وشعبه لسنوات، من أجل إنجاز الملفات الداخلية الأكثر إلحاحًا والتي تتمثل وفق الأولوية التي أعلن عنها رئيس الحكومة الجديد، فيما يتعلق بإنجاز ملف الخدمات ومعالجة قضايا الفقر والتضخم والبطالة وتوفير فرص عمل، وتحسين الوضع الصحي ودعم قطاع الشباب والرياضة وتمثيل المرأة، والعمل على مواجهة الانفلات الأمني.

وعلى صعيد مسار الحوار الوطني، إلى جانب معالجة التصدع السياسي، الذي طال التيارات الواحدة "الصراع الشيعي الشيعي" بين تيار الإطار التنسيقي والتيار الصدري، دعا "السوداني" كافة الكتل السياسية والتيارات المدنية إلى الانخراط في حوار وطني من المتوقع أن يواكب التطورات الجديدة ويسعى إلى احتواء التوتر السياسي؛ خاصة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

مشاركة التيار الصدري في الحكومة العراقية 

أما ثاني السيناريوهات – التي يرى محللون صعوبة تحقيقها، هو مشاركة التيار الصدري في تشكيل الحكومة، بعد التصريحات الرافضة لذلك بعد يومين من انتخاب البرلمان العراقي، في 13 أكتوبر الجاري، مرشح التسوية عبد اللطيف رشيد رئيسا للجمهورية، والذي كلف بدوره "السوداني" بتشكيل حكومة جديدة للبلاد.

وكاشفًا عن مساعٍ جارية لإرضاء "الصدريين"، أعلن محمد صالح العراقي المقرب من زعيم التيار مقتدى الصدر عن رفض "إطاره السياسي" المشاركة في الحكومة المقبلة، في إشارة لأنباء متداولة حول اقتراح تولي التيار الصدري مناصب وزارية في الحكومة الجاري تشكيلها، وشدد التيار الصدري على رفضه القاطع لاشتراك أي من التابعين له في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها السوداني "أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة لمن وصفهم بالفاسدين وسلطتهم"، وتبرؤه ممن يقدم على ذلك.

رغم ذلك يؤكد مراقبون محليون وجود فرص لـ"الحوار الصعب" دافعين بمشاركة حلفاء الصدر، السابقين، من الكتل السنية والكردية في إنتاج عملية انتخاب رشيد وبالتبعية اختيار "السوداني" رئيسًا للحكومة؛ ومن ثم قد يستجيب الصدر للحوار السياسي عبر تلك الأطراف، وعلى الجانب الآخر، ثمة قيود قد تعوق مسار الحوار، منها مقاربة الصدر للإصلاح السياسي وسعيه لتشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، ومدى تعاطي الحكومة الجديدة الساعية للمحاصصة التوافقية مع ذلك؛ ما يحصر الخيارات أمام الصدر يين الفرص والقيود من خلال المشاركة في تشكيل الحكومة من عدمه.

سيناريو رفض البرلمان لحكومة "السوداني"

أما السيناريو الثالث، وهو الأكثر تشاؤما، فيتمثل في رفض حكومة السوداني سواء من البرلمان أو عرقلة عملها من خلال تصدير اعتراض التيار الصدري، القادر زعيمه على تعبئة عشرات الآلاف من المناصرين إلى ساحات المنطقة الخضراء والمحافظات مستقبلاً، في خطوة ترفع الكلفة الأمنية والسياسية التى ستواجهها الحكومة. 

ويتزامن ذلك مع التحول النوعي لقوى التغيير أو ما يعرف بـ"قوى حراك تشرين" والتي دعت إلى "تصفير" العملية السياسية القائمة برمتها وتغيير النظام السياسي في العراق، عبر إحياء ذكرى حراك أكتوبر 2019، الأيام الماضية، في خطوة قد تنذر بالعودة مرة أخرى للوراء في حال عاد الحراك للشارع العراقي من جديد.

لا تزل الأسئلة والتكهنات من جميع القوى الإقليمية والدولية والعراقيين، حول مستقبل العراق الذي يتشكل حاليًا في غرف قيادات القوى السياسية المتنافسة: هل يطأ العراق بقدمه الثانية خطوة نحو الاستقرار بعد أن خطا الأولى بتعيين الرئاسات الثلاث أم يعود للجمود مرة أخرى؟