الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

فرص واعدة.. بيئة الاستثمار الأجنبي في مصر

  • Share :
post-title
مشروع المونوريل

Alqahera News - محمود جمال

اهتم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ توليه السلطة في 3 يونيو 2014 بجذب رؤوس الأموال لا سيما الأجنبية؛ إذ يؤدي الاستثمار الأجنبي المباشر دورًا كبيرًا في دعم نمو الاقتصاديات الناشئة للدول النامية، فضلًا عن كونه يمثل قيمة مضافة للاقتصاد المصري، ويُسارع من معدلات النمو بما ينعكس على ارتفاع معدلات التشغيل، وخفض نسب البطالة وتحقيق الاستقرار المجتمعي. وعليه نحاول في هذا التحليل رصد فرص الجذب الاستثماري في مصر خاصة العالمي.

فرص الاستثمار العالمي:

تعمل الدولة المصرية في مسارات مختلفة لجذب المستثمر الأجنبي، ويبرز ذلك في عرض كل وزارة، أو جهة لفرص الاستثمار الممكنة فيها، وسنذكر فيما يلي أبرز المجالات المتاحة الآن في مصر؛ مثل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، ومشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، ومشروعات النقل الذكية، وذلك على النحو التالي:

(1)- بوابة للسوق الإفريقي: يُمكن أن تروج مصر لنفسها لتصبح بوابة تجارية واعدة للسوق الإفريقي عبر محافظات جنوب الصعيد، بالترويج لطريق (القاهرة-كيب تاون) الذي تبناه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إذ يُمثل سكان إفريقيا 17.5% من حجم السكان العالمي، وهم بذلك سوق استهلاكي واعد يُمكن أن يحول مصر إلى مركز لوجيستي عالمي في مجال الموانئ الجافة، فضلًا عن إمكانية استغلال موارد إفريقيا المائية والأراضي الزراعية لتحويل مصر إلى مركز عالمي للغذاء لا سيما بعد انهيار سلاسل التوريد نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية، وبروز حالة اللايقين في العلاقات الأوروبية الروسية. وعليه، يُمكن أن تستفيد مصر من موقعها الجغرافي في الربط البري القائم مع الأردن والعراق والمملكة العربية السعودية، وبالتالي تكون وظّفت موقعها الجغرافي الذي يتوسط العالم.

(2)- مجال النقل الجوي: تمثل البيئة الجغرافية المصرية، التي تتوسط فيها مصر قارات العالم، فرصًا واعدة في مجال النقل الجوي. وفي هذا السياق، يُمكن للحكومة المصرية أن تستغل هذا الموقع عبر طرح موانئ القاهرة والغردقة وشرم الشيخ وأسوان للاستثمار الأجنبي لتنافس موانئ أقل منها في الأهمية، ولكنها تتجاوزه من حيث عدد المسافرين والرحلات. يصحب هذه التوسعة تحويل شركة مصر للطيران لشركة عالمية تنافسية على غرار منافسة، وسينعكس ذلك إيجابيًا على السياحة المصرية لا سيما سياحة الترانزيت التي تعدُّ كنزًا غير مستغل حتى الآن. وتتلخص سياحة الترانزيت في تشجيع المسافرين على الخروج من المطار للاستمتاع بالمنتج السياحي المصري، والتعرف عليه. ويرى عديد من خبراء السفر أن عملية خروج مسافر الترانزيت من المطار، لها عديد من المكاسب، أبرزها التعرف عن قرب على المنتج السياحي المتوفر، ما يُشجعه على تكرار الزيارة سواءً بشكلٍ منفرد أو مع عائلته وأصدقائه.

(3)- مجالات النقل الذكي: قطعت مصر في عهد الرئيس السيسي شوطًا كبيرًا في الاستثمار في وسائل النقل الذكية، مثل شبكات مترو الأنفاق، والقطار الكهربائي السريع، والمونوريل، والقطار الخفيف، والأتوبيس الترددي. وباتت هذه الوسائل تربط إقليم القاهرة الكبرى بشكلٍ يُمكنه منافسة الدول الكبرى العظمى، إذا أُحسن إدارته وتشغيله. جدير بالذكر أن شبكة المواصلات الذكية المتصلة تُعد من أبرز عوامل الجذب السياحي التي عملت قارة أوروبا على توظيفها، ما يعني أنه أمام مصر فرصة استثمارية كبرى لمشاركة القطاع الخاص، وجذب الاستثمار الأجنبي إلى هذا المجال، خاصة أنه سيعتمد على الطاقة الخضراء والمستدامة، فضلًا عن فرص الاستثمار في هذه المرافق، يُمكن للشركات العالمية والاستثمار الأجنبي أن يمنحها دورًا في رقمنة هذه المرافق، وتقليل الاعتماد على العنصر البشري، إضافة إلى توطين تكنولوجيا تصنيع منظومات النقل الذكية صديقة البيئة، وتصدير هذه التكنولوجيا للدول المحيطة، باعتبار أن مصر من أوائل دول المنطقة في هذا المجال.

(4)- مجال الطاقة المتجددة والمستدامة: تمتلك مصر فرصًا استثمارية هائلة لم تكن مستغلة من قبل في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، خاصة أن مصر بها ثروات ضخمة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يُمثل فرصًا استثمارية يُمكن ترويجها خلال قمة المناخ العالمية المزمع انعقادها في شرم الشيخ نوفمبر 2022. ويُمكن للدولة المصرية إتاحة الفرصة أمام الشركات العالمية للاستثمار في هذه المصادر مع إتاحة إمكانية تصدير منتجها إلى دول الجوار القريب (دول إفريقيا جنوب الصحراء، الأردن، العراق)، أو الجيران على الضفة الشمالية من المتوسط التي تعاني من مشكلات الطاقة التي كانت الحرب الروسية الأوكرانية كاشفة لها بشكلٍ أو بآخر، ما يفتح إمكانية أن تستثمر الدول الأوروبية بنفسها في هذه المجالات، خاصة أنها تواجه مشكلات كبيرة في مجال الطاقة، وبالتالي يُمكن لمصر أن تطرح نفسها مركزًا عالميًا للطاقة المستدامة والنظيفة.

آليات الترويج:

انطلاقًا من المؤتمر الاقتصادي الذي تبدأ أولى جلساته غدًا الـ23 من أكتوبر 2022، يمكن تأكيد أن هناك مجموعة مهمة من المؤشرات التي بدأت توليها الحكومة المصرية اهتمامًا لجذب الاستثمار الدولي، بل من الضروري تطويرها وفقًا لمتطلبات المرحلة الدولية المقبلة، يُعد أهمها: الدعاية والترويج لنفسها عبر الوسائل التقليدية وغير التقليدية، سواء من خلال المؤتمرات المتخصصة واللقاءات المباشرة بالمستثمرين أو عبر تكثيف جهود السفارات المصرية لاستهداف رجال الأعمال والاقتصاد والمؤثرين في كل دولة. ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:

الاستثمار في سمعة الدولة: بالرغم من حجم الجهود التي تبذلها الدولة المصرية في تهيئة مناخ الاستثمار الأجنبي من تعديلات في القوانين، وتعزيز حكم القانون، والتوسع في مشروعات البنية التحتية لجذب الاستثمار الأجنبي، فإن الوضع الاقتصادي العالمي المقبل يحتاج إلى طرق جديدة في الترويج لإمكانيات الدولة المصرية؛ ما يجعل المستثمر الأجنبي (غير الخليجي والعربي) أكثر ثقة في فرص الاستثمار في مصر، غير متأثر بالشائعات والترويج السلبي الذي يمارسه الإعلام الخارجي الممول من التنظيمات الإرهابية، لبث كل ما هو سلبي عن بيئة الاستثمار في مصر. وكما ذكرنا يُمكننا الترويج لسمعة الدولة عبر الدعاية والإعلان، وهو ما يوليه الرئيس السيسي والحكومة المصرية اهتمامًا في هذا التوقيت مثل استضافة المؤتمرات والأحداث العالمية الكبرى في بيئات الجذب الاستثماري المختلفة التي تروج لها الدولة المصرية كمنطقة الأهرامات، ومدينة الجلالة، والعلمين الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وشرم الشيخ باعتبارها بيئات استثمار واعدة.

(*) محفزات الاستثمار: يُمكن التعويل على الاستثمار في عرض محفزات الاستثمار في مصر، منها الاستقرار المجتمعي، وبدء فعاليات الحوار الوطني الذي يجمع بين كل القوى السياسية المصرية، وطرح وتعديل عديد من التشريعات الخاصة بالاستثمار التي تحد من البيروقراطية القديمة التي كانت متبعة، بالإضافة إلى عديد من العناصر مثل توفر الأيدي العاملة الماهرة، والسوق الاستهلاكي الكبير، والضرائب التنافسية، ووجود محاكم اقتصادية مستقلة مختصة للفصل في المنازعات.

في النهاية، يمكن تأكيد أن فعاليات المؤتمر الاقتصادي، تُمثل بيئة صادقة للتشبيك بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى توضيح واقعي لفرص الاستثمار العالمي في الدولة المصرية، وإمكانية تأمينه ضد أي مخاطر عالمية محتملة.

(*) دور السفارات في الخارج: تتطلب الفترة المقبلة من السفارات والقنصليات المصرية، وضع خطط وتوجيهات استراتيجية تسير عليها وفق خطط المرحلة التي تتبعها وتتبناها الدولة؛ فعلى سبيل المثال تولي الدولة المصرية في الوقت الحالي جهودًا كبيرة لمسألة الاستثمار الأجنبي والاقتصاد، وسلاسل التوريد العالمي، ما يُوجب على السفارات المصرية في الخارج العمل على استهداف رجال الأعمال والاقتصاد عبر حصرهم في كل دولة على حدة، وجمع معلومات عنهم لتسهيل طريق استقطابهم، وعرض ما يناسبهم من فرص استثمارية، والبدء في التواصل معهم لترويج الفرص الاستثمارية المتاحة عبر دعوتهم لمصر، واستضافة المسؤولين في الحكومة المصرية للقائهم بهدف بناء الثقة، وفتح قنوات تواصل معهم.