الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

في ذكرى رحيله.. حسن كامي الأوبرالي الذي صارع الفقد بالغناء

  • Share :
post-title
المغني الأوبرالي المصري حسن كامي

Alqahera News - محمد عبد المنعم

في إنجلترا وأثناء رحلته للترويج للسياحة، تخبره زوجته بأن نجله ابن 18 من عمره توفى، ترك المغني الأوبرالي المصري حسن كامي كل شيء وذهب مهرولًا إلى القاهرة ليدفن ابنه، وبعد ثلاثة أيام فقط، احتاجه زملاؤه ليقف ويغني مرة أخرى لوجود وفد قادمًا من ميلانو لأجله، لكن كيف سيفعل هذا؟، وبداخله كل هذا الحزن والفقد، يتذكر بعدها أن ابنه كان يحب المقطوعة الذي سيعزفها والمكونة من ثلاثة فصول.

يقف حسن كامي - المولود في 2 نوفمبر عام 1936، والذي تحل ذكرى وفاته اليوم-، على المسرح بعد أسبوع من وفاة نجله الذي كان يتوقع وفاته مبكرا، ويغني بشكل لم يسبق له مثيل، يبدع ويتألق في هذا المسرح العريق وعند الفصل الثالث من الحفل ينهار بالبكاء، لكنه لا يتوقف عن الغناء، يقف له كل من في الأوبرا ويصفقون له بشده بينما يتألق ويعلوا صوته بالغناء المخلوط بالبكاء، وينتهي الحفل وينتهي معه صوت المغني الأوبرالي الكبير حسن كامي لمدة عام.

شغف الموسيقى

رحله حسن كامي، بدأت مع الموسيقى أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث ولد لعائله كانت تحرص على الاستماع إلى الموسيقى بشكل دائم ومتنوع بين الشرقي والغربي، ولكن فجأة يشاهد "كامي" فيلماً عن المغني الأوبرالي Enrico Caruso، فيشعر بشغف أن يصبح مثله وقرر أن يترجم هذا الشغف إلى دراسة وعمل على موهبته حسبما يحكي في لقاء متلفز.

من الحقوق إلى الكونسرفتوار

يكمل الشاب ذات الأصول التركية رحلته فهو من سلالة محمد علي باشا الكبير وجدته الأميرة نازلي هانم، لكنه ولد في مصر وعاش مع عائلته وعمل هنا، وبدأ في تعلم اللغة العربية بمدرسة الجزويت، وأحضر له جده شيخًا علّمه القرآن ودرس الشريعة، ورغم التحاقه بكلية الحقوق إلا أنه سار وراء شغفه وانتقل إلى معهد الكونسرفتوار.

اعتماد على النفس

ظروف حسن كامي العائلية لم تكن تؤهله ليكمل حلمه، وكان يرفض أن يساعده أحد لذا قرر الاعتماد على نفسه، لأن دروس الموسيقى وقتها كانت تكلفه 2.5 جنيه مصري فعرض على أحد أصدقائه - كان والده يعمل في شركة سياحة- أن يجد له عمل، وبالفعل عمل "شيال" حيث يقول: "تقبلت الأمر بمنتهى البساطة، ووقتها كنت شابًا رياضيًا وأستعد لأن أكون أعظم مغني أوبرا في العالم كله".

تحقيق الحلم

بعد كل هذه المعاناة يصل حسن كامي الذي لم يتزوج سوى مرة واحدة ـ زوجته نجلاءـ الذي رُزق منها بابنه الوحيد، إلى حلمه، ويجوب العالم بصوته حيث قدّم أكثر من 1600 عمل أوبرالي على مدار 42 عامًا، ولم يترك مسرح في أوروبا إلا وغنى فيه، لكن صدمة فراق ابنه التي أفقدته صوته وبعدها رحيل زوجته جعلته ينعزل، ولا يعتاد على العالم، وصوته لم يعد كما كان حسبما قال في لقاء متلفز.

تمثيل

موهبة حسن كامي لم تتوقف عند الغناء الأوبرالي فقط، الذي قدّم فيه إنجازات كبيرة فقد شارك في عدد من الأعمال الفنية الشهيرة بين السينما والدراما التليفزيونية مستغلًا موهبة التمثيل داخله، منها على مستوى السينما "إسكندرية نيويورك، جعلتني مجرما، صايع بحر، ودموع صاحبة الجلالة"، أما على مستوى التلفزيون فتواجد في: "أميرة في عابدين، دكتور أمراض نسا"، وغيرها من الأعمال.

اعتزال ورحيل

قرر حسن كامي أن يعيش منعزلًا بين الكتب بعدما قدم رصيدًا كبيرًا من الغناء والتمثيل، واشترى مكتبة كبيرة يقرب سعرها من مليون دولار، حسبما قال في لقاء تلفزيوني، تضم كُتبًا نادرة جدًا.

وبعد 82 سنة صارع فيها حسن كامي كلًا من "الحياة ورحيل ابنه وزوجته"، لحق بهم وانطوت صفحته في 14 ديسمبر 2018، لكن تصبح حكايته ومشواره الفني كتابًا نادرًا يُحفظ بين كتبه التي عاش آخر أيامه بينها.