الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مكاسب اقتصادية واستراتيجية للبنان بعد ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل

  • Share :
post-title
دوريات لليونيفل تابعة للأمم المتحدة في بلدة الناقورة نقطة بداية ترسيم الحدود

Alqahera News - سيد خميس

أدّى تقاطع المصالح إلى بلورة اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بعد مفاوضات غير مباشرة طويلة بين الطرفين، لينطوي على إنجازات ومكاسب للبنان، رغم التنازلات لإتمام الاتفاق، ليصب في النهاية مكاسب اقتصادية واستراتيجية.

ووقّع قادة إسرائيليون ولبنانيون، اليوم الخميس، اتفاقًا تاريخيًا توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية بينهما، ما يُمثل خروجًا دبلوماسيًا من عداء استمر لعقود ويفتح الطريق أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحلهما.

ووقّع ميشال عون، الرئيس اللبناني، رسالةً بالموافقة على الاتفاق في بعبدا، ثم وقّع يائير لابيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في القدس، قبل انعقاد مراسم تبادل الخطابات، بحضور وفدين أقل مرتبة في قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في "الناقورة" على الحدود.

وتعدُّ أبرز المكاسب الاقتصادية للبنان، بعد اتفاق ترسيم الحدود، إمكانية الدفع فوريًا للتنقيب عن الغاز في الحقل المحتمل "صيدا- قانا"، الذي لم توافق أي جهة دولية على العمل فيه قبل ترسيم الحدود، ما يُبشر بالاستقرار والهدوء الاقتصادي بعد جذب الاستثمارات واعتمادات المساعدات الاقتصادية الدولية للكشف عن الغاز؛ ما سيؤدي إلى تحسين فرص لبنان المتأزم اقتصاديًا في الانضمام إلى الدول المنتجة للغاز في شرق البحر المتوسط.

وينصُّ الاتفاق على أن للبنان الحق في استخراج الغاز من حقل "صيدا- قانا" كاملةً، وتعويض مالي على الجزء النسبي من الحقل الذي يمر في الحدود الإسرائيلية، تدفعه الشركات المنقبة وليس لبنان، فيما لم يشِر الاتفاق إلى حجم التعويضات؛ لكن تنبأت وسائل إعلام إسرائيلية أنه سيصل إلى 17%.

وقال محللون لبنانيون: "إن اتفاق ترسيم الحدود البحرية، ستكون له تداعيات إيجابية قصيرة وطويلة الأمد على الاقتصاد اللبناني"، وأكد بلال علامة، أستاذ الاقتصاد والإدارة والتسويق في الجامعة الحديثة للأعمال والعلوم، إن الشركات التي تستكشف الغاز في لبنان ستوفر مئات إن لم يكن آلاف فرص العمل للبنانيين، موضحًا أن القانون اللبناني للتنقيب ينص على أن 80% من العاملين في الشركات التي ستعمل في لبنان، يجب أن يكونوا حاملين للجنسية اللبنانية.

ويؤكد الانعكاسات الإيجابية المباشرة لاتفاقية الترسيم، أن نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، طلب، أمس الأربعاء، من ممثلي شركة "توتال"، اتخاذ الإجراءات اللازمة للتنقيب.

ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارًا اقتصاديًا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، ويعاني البلد من أزمات سياسية واقتصادية ومالية وصحية.

المكاسب الاستراتيجية

أما عن المكاسب الاستراتيجية للبنان، فإن اتفاق ترسيم الحدود يثبت أن حزب الله ليس صاحب اليد العليا في لبنان، وأنه اضطر للتنازل، ما يدفع إلى الاستقرار الأمني وتحسين الوضع الداخلي في لبنان، بحسب محللين من بيروت.

وأعلن حسن نصر الله، الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية، اليوم الخميس، انتهاء التدابير التي اتّخذتها جماعته بعد توقيع اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل. وقال نصر الله، في خطاب تليفزيوني، إن توقيع الاتفاق "انتصار كبير وكبير جدًا للدولة والشعب والمقاومة"، مضيفًا أن الحكومة "كانت حريصة عىل أنها لا تأخذ أي خطوة فيها رائحة التطبيع" بالتعامل غير المباشر مع إسرائيل.

مستقبل الاتفاقية

وعن مستقبل الاتفاق، قال آموس هوكشتاين، المبعوث الأمريكي، الذي توسط في المفاوضات، في مؤتمر صحفي بعد لقائه نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، إنه يتوقع استمرار الاتفاق حتى حال تغيير قيادة أي من الدولتين، في إشارة إلى كل من الانتخابات المقبلة في إسرائيل في الأول من نوفمبر المقبل، ونهاية فترة "عون" الرئاسية في 31 أكتوبر الجاري، وأضاف "هوكستاين" أن الاتفاق يجب أن يستمر "بغض النظر عمّن سينتخب قريبًا جدًا رئيسًا للبنان".

يذكر أنه على الجانب الآخر، أجمع مراقبون إسرائيليون على أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة الأمريكية منذ عامين، يخدم مصالح إسرائيل الأمنية والسياسية والاقتصادية.

وجاءت مفاوضات الترسيم منذ عشر سنوات تقريبًا، بعد أن بدأت إسرائيل بالتنقيب عن الغاز شمال المياه البحرية المتاخمة للبنان، وحاولت أن تفرض أمرًا واقعًا وحدودًا بحرية من طرف واحد، دون أي اهتمام بالمطالب اللبنانية.