الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رحيل أبكى جمهوره.. عمر فتحي "راسم البهجة في الأغنية العصرية"

  • Share :
post-title
عمر فتحي

Alqahera News - محمود ترك

مشوار فني قصير للمطرب المصري الراحل عمر فتحي في عالم الموسيقى والغناء لكنه مؤثر وممتد حتى وقتنا هذا، إذ ظهر مع جيل علي الحجار ومحمد الحلو في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، ومع التزام جيله بما قدمه السابقون من أغانٍ تحتفظ بملامح الكلاسيكية.

 رأى عمر فتحي أن طريقه مختلف، ليقدم موسيقى خفيفة بكلمات بسيطة، ما جعله مثار إعجاب الجيل الصاعد من المطربين وقتها، الذين لم يبدأوا بعد مشوارهم الفني، ومنهم عمرو دياب الذي أشاد في لقاء إعلامي قديم باختلاف صاحب أغنية "بعترف" عما يقدمه جيله وبانطلاقه على المسرح.

عرفان وراء اسمه الفني

ولد عمر فتحي في 11 فبراير عام 1952 بمحافظة الإسكندرية التي تشتهر بأنها منبع للفنون، ولنجوم لهم فكرهم المميز، فعروس البحر الأبيض المتوسط لها سحر خاص وأنجبت رموزًا عديدة منهم سيد درويش ويوسف شاهين وغيرهما.

اسمه الحقيقي محمد عبد المنعم عبد الله، لكنه أطلق على نفسه اسمه الفني عرفانًا بجميل مكتشفيه الشاعر عمر بطيشة والمخرج فتحى عبد الستار الذي قدمه للتلفزيون، ليفاجئ الجمهور بمطرب جديد يغني ويرقص على المسرح بصوت عذب وأغانٍ مرحة منها "اتقابلوا ناس كتير"، و"ابسط يا عم"، و"على مهلك".

مشواء هدفه إسعاد جمهوره

ملامح مشوار عمر فتحي الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 31 ديسمبر عام 1986 تشير إلى أن هدفه إسعاد الجمهور سواء بالغناء أو بأعمال الخير، ما يجعل إنجازه الفني يسير في خط موازٍ لمنهجه في الحياة وصفاته الخاصة، لا نستطيع فصل أحدهما عن الآخر، رغم المبدأ الراسخ بأن ما يقدمه الفنان للجمهور لا ينبغي ربطه بحياته أو تصرفاته الشخصية، فمن يظهر شريرًا على الشاشة ليس هكذا في الواقع والعكس صحيح، لكن هذه القاعدة لا تجد مكانًا لها عندما ننظر إلى مشوار مطرب "على إيدك" الذي أراد أن يكون نفسه وليس نموذجًا مكررًا من فنان آخر.

رفض الماضي من أجل مستقبل باهر

ورغم اعتزاز عمر فتحي بما قدمه سابقوه، ومنهم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، كان يرفض النظر إلى الماضي، ليُقدم ما يعبر عنه، ما ميزه وسط جيله وتنتشر جماهيريته في كل أنحاء مصر والوطن العربي، ويصل إلى فئات المجتمع على اختلافها، فالأثرياء ورجال الأعمال والمسؤولون أصدقاؤه يدعونه إلى حفلاتهم، والبسطاء يطلبون منه مشاركتهم أفراحهم، وكثيرًا ما لبى طلباتهم دون مقابل، إذ كان يُحب أن يُدخل البهجة على قلوبهم، فلم يتردد في الموافقة على طلب بائع ورد بأن يغني في فرح ابنته التي تحب أغانيه، وفعل ذلك دون مقابل، كما أنه تكفّل بزواج فتيات في دار رعاية للأيتام وشارك في حفلات زفافهن.

تأثير عمر فتحي الفني

نرى بوضوح تأثير عمر فتحي في الجيل الذي صعد بعده، ومنهم عمرو دياب ومحمد فؤاد وغيرهما، في انطلاقهم على المسرح وعدم تقيدهم بالشكل التقليدي للمطرب الواقف أمام الجمهرر مرتديًا بدلة كاملة، إذ عُرف النجم الراحل بأنه أول من خلع الملابس الرسمية على المسرح ليرتدي بنطلون جينز وقميصًا شبابيًا، ورغم أن بعض الأقلام النقدية المحافظة هاجمته وقتها، إلا أنه استمر في قناعته الخاصة ليقدم أغانيه بالشكل المميز.

"أحب اللون الخفيف وأجد نفسي فيه" بعبارة بسيطة موجزة دافع عمر فتحي في لقاء تلفزيوني سابق عن شكل الغناء الذي يقدمه، مؤمنًا بأن الأغنية الخفيفة تتضمن معاني أيضًا لكنها تقدم في إطار معين، ومن الممكن التعبير عن مشاعر الحزن في الأغنية الخفيفة، مثلما فعل في أغنية "الغربة".

لحظات صعبة

ومن مفارقات القدر أن النجم الذي حاول إسعاد جمهوره، واجه في حياته أزمات كثيرة، منها إصابته بمرض العصب الحائر الذي رغم شفائه منه ترك أثرًا على إحدى عينيه، كما أصيب بمرض في القلب في عز لحظات انتصاره الفني، ليغلبه المرض وينهي حياته.

وفاة عمر فتحي جاءت قبل أيام قليلة من استعداده لحفل زفافه على فتاة تونسية من خارج الوسط الفني، لكن تحولت بدلة الزفاف البيضاء التي اشتراها استعدادًا لزواجه إلى ملابس حداد ارتداها محبوه، فبعضهم لا يصدق أن مطربهم المليء بالحيوية وصاحب الأغاني المرحة رحل عن عالمنا.

حلم لم يتحقق

لم يمهل القدر عمر فتحي تحويل حلمه بعمل مسرح استعراضي غنائي إلى حقيقة، كما لم يهبه فرصة تكرار تجربته الغنائية الاستعراضية "سفيرة العجائب" التي عرّفت الجمهور عليه ممثلاً لأول مرة.