الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الأقدم في تاريخ البشرية.. حكاية رأس السنة المصرية القديمة

  • Share :
post-title
التقويم المصري القديم

Alqahera News - محمد حسن

تتفرد الحضارة المصرية القديمة في كونها السبق الأول للإنسان في مختلف العلوم والفنون، وأحد تجليات التفرد العبقري للحضارة المصرية، هو التقويم الخاص بمصر القديمة، والذي يعد أقدم نظام تقويمي في تاريخ البشرية، وأدقها على وجه الخصوص.

ويوافق يوم، 11 سبتمبر، عيد رأس السنة المصرية القديمة الـ 6264 وفقا للتقويم المصري القديم المسجل والمعروف بتاريخ "الأسرات". نستعرض في التقرير التالي حكاية رأس السنة المصرية القديمة وطرق الاحتفال بها والظواهر الطبيعية والفلكية المرتبطة بها وما علاقتها بالسنة القبطية الجديدة والمعروفة بعيد "النيروز".

التقويم المصري.. أقدم وأدق تقويم في تاريخ البشرية

كان المصري القديم مرتبط بالنيل والشمس والقمر بشدة، إذ يري فيهم عدد السنين والحساب، وما هو أقيم من ذلك، الحياة برمتها. وكان المصري القديم منذ الأزل شغوفاً بالسماء وحركة أفلاكها، ولاحظ بعبقريته الارتباط بين حركة الأفلاك والفيضان، ودرس تلك العلاقة بقوانين الفلك والحساب التي طورها على مدار الزمن حتي قدم للبشرية أقدم تقويم في تاريخها.. وربما الأدق أيضاً في تاريخها.

وراقب المصري نجم الشعري اليمانية أو "سوبدت" لسنوات طويلة واستطاع أن بعدها تحديد طول دورته الفلكية بمنتهي الدقة. فكان نجم الشعري اليمانية هو البداية الحقيقية للتقويم المصري، والجسم الفلكي الذي ضبط ساعات وأيام الأجداد المصريين. فهو من أشد النجوم لمعاناً وقد ورد ذكر اسمه في القران الكريم في قوله تعالي: "وإنه هو ربُ الشعري".

وقد لاحظ المصري القديم ظهور نجم الشعري اليمانية في أوقات محددة تتزامن مع وصول مياه فيضان النيل إلى مصر وبدء الدور الزراعية التي تتكون من 3 فصول. وعلى هذه الحركة والارتباط بين السماء والأرض والنيل، قسم المصري القديم السنة بدقة متناهية وصلت إلى 365 يوم و 5 ساعات و49 دقيقة و 45 ونصف ثانية. أي بفارق يوم كل 127 سنة، وذلك بعد رصد ظاهرة الشروق الاحتراقي لنجم الشعري اليمانية. ويُعرف أول يوم في السنة المصرية القديمة بالأول من شهر "تحوت" نسبة إلى نترو الحكمة والمعرفة والكتابة في العقيدة المصرية القديمة "تحوت".

وكانت تقام الاحتفالات المصرية قديماً، بحلول السنة الجديدة وأطلقوا على عيد رأس السنة "وبت رنبت"، الذي يعني باللغة المصرية القديمة "عيد افتتاح السنة". وكانت الاحتفالات تتنوع ما بين الرقص والغناء وتوزيع الأكلات والفطائر المحلاة بالعسل والذبيب وتوزيع الصدقات وزيارة المقابر والابتهالات الدينية.

الخطأ التاريخي في حساب رأس السنة المصرية القديمة

هناك خطأ تاريخي في حساب وتحديد رأس السنة المصرية القديمة، فطبقاً لسجلات التقويم المصرية في معابد الكرنك وبعض البرديات، فإن رأس السنة المصرية القديمة يوافق يوم 17 يوليو، وليس 11 سبتمبر. حيث احتفل الأجداد المصريون برأس السنة قديماً في هذا التاريخ. إذن فما سبب هذا الخطأ؟

وفقاً لعلماء الفلك، أتضح أن لدورة المجموعة الشمسية في المجرة تأخذ ما يقارب من 10 آلاف سنة، ومع مرور الوقت أدت حركة المجموعة الشمسية إلى تحرك موضع نجم الشعري اليمانية، وبذلك تغير تاريخ ظهور النجم في السماء وتحرك تدريجياً من موقع 17 يوليو إلى موقع 11 سبتمبر. وبهذا واكبت بداية السنة المصرية القديمة تاريخ 11 سبتمبر وفق التقويم الميلادي. 

ما علاقة عيد رأس السنة المصرية القديمة بعيد "النيروز" القبطي؟

أولاً، هناك خطأ شائع أن كلمة "نيروز" أصلها فارسية، والحقيقة أن أصلها مأخوذ من الكلمة المصرية القديمة "ني يارو" وتعني "عيد الأنهار" وذلك لأن هذا الوقت من السنة يتزامن مع حدوث فيضان النيل، ولما جاء اليونانيون إلى مصر أضافوا إلي الكلمة حرف "س" فأصبح نطقها "نيروس" أو نيروز"، فظنها العرب "نيروز" – من الفرس - التي تعني بالفارسية "اليوم الجديد". 

 ثانيا، يرتبط "عيد النيروز" في مصر بالفلاح المصري في المقام الأول كونه يعني بدء موسم الزراعة. التي كانت أساس نظام اقتصاد الحضارة المصرية آنذاك. والحقيقة أنه ما من اختلاف بين عيد رأس السنة المصرية القديمة وعيد "النيروز" القبطي، فكلاهما لهما نفس التاريخ، والأحري أنه العيد المصري بالسنة الجديدة قد انتقل للأقباط المصريين تحت اسم "عيد النيروز" حيث استعمله الاقباط من عصر الامبراطور الروماني "دقلديانوس"، اصعب العصور التي مرت على الأقباط نتيجة لاضطهاد الامبراطور، فظلوا محتفظين بالتقويم المصري القديم للحاجة إلى وجود تقويم يرصد ويسجل أيام استشهاد وموت ضحايا الامبراطور.