بعد هزيمة "داعش"| المرأة في الموصل تقود السيارات للمرة الأولى.. ما القصة؟

  • Share :
post-title
سيدات عراقيات يتعلمن قيادة السيارات

Alqahera News - فايزة أحمد

مشاعر مختلطة تملكت الفتاة الموصلية "رفل الجبوري"، ما إن أحكمت قبضتها على مقود السيارة، لتنطلق في أولى تجاربها لتعلم القيادة، رفقة أحد المدربين، الذي اختارته منظمة "المسلة" العراقية، ضمن آخرين، لتعليم فتيات مدينة الموصل العراقية قيادة السيارات، للمرة الأولى منذ أن دُحر جبروت تنظيم داعش الإرهابي من المدينة، الذي ظل جاثمًا على صدرها لمدة ثلاث سنوات بأكملها.

على مدار سنوات مضت، كان لدى "الجبوري" حلم متعلق بتعلم قيادة السيارات، غير أن رفض أسرتها وتقاليد مجتمعها كبح جماح تلك الرغبة، التي تحولت إلى درب من الخيال بسيطرة أصحاب الرايات السوداء على مدينتها قبل ثمان سنوات، وما أن انجلى شبح التنظيم عن المدينة، عاد لها حلمها القديم، دون أن تجد طريقة لتحقيقه، إلى أن عثرت على إعلان المنظمة "وقت عرفنا بإعلان منظمة المسلة لتعليم الفتيات القيادة.. فورًا قدمت"، تحكي الفتاة العشرينية لـ"القاهرة الإخبارية".

مطلع أكتوبر الجاري، اتخذ رئيس منظمة المسلة العراقية المعنية بتحسين أوضاع المرأة في العراق "علي الرسام"، قرارًا بإطلاق العديد من المبادرات في مدينة الموصل، لتمكين المرأة من الانخراط في سوق العمل، بعدما حُرمت من ممارسة أبسط الأنشطة الخاصة بها، طيلة فترة سيطرة داعش على المدينة، التي اتخذها عاصمة لدولته المزعومة، "من ضمن أنشطة عدة قمنا بها لتعليم السيدات في الموصل بعض الحرف والمهارات.. قررنا تعليمهن السياقة"، يحكي "الرسام" لـ"القاهرة الإخبارية".

على مدار أيام عدة، انهمك "الرسام" رفقة فريقه للتحضير لتلك الدورة التدريبية، التي أُعلن عنها عن طريق استمارة خاصة للتقديم "كنا كتير متخوفين من رد فعل الأسر بالموصل"، إذ لا تزال بعض الأسر في تلك المدينة ترفض بشكل قاطع عمل المرأة، وخروجها من منزلها بمفردها، غير أن صدمة كبرى أصابته، "تلقينا 3700 طلب من سيدات الموصل للالتحاق بدورة تعليم القيادة".

من بين 3700 طلب، اختارت المنظمة 54 امرأة فقط، ليشاركن في الدورة، لكن أمرًا بعينه كان عقبة كبيرة في طريق التنفيذ "العائلات بالموصل رفضت أن يكون المدرب رجلًا"، ما دفعهم لتفتيش عن طريقة بعينها، لاجتياز هذا المأزق، فلمعت في ذهن "الرسام" فكرة سُرعان ما عمل على تحقيقها، "قررنا أن كل مدرب يكون معه 3 فتيات رفقة الفتاة التي يأتي دورها للتعلم، حتى لا تكون بمفردها، ولكي نوفر وقت على الفتيات الأخرى في التعلم".

منذ اليوم الأول للتدريب، أقبلت السيدات الموصليات بشغفٍ واضح، تلمّسه "الرسام" في حضورهن المبكر عن الموعد، واهتمامهن بأدق التفاصيل المتعلقة بالقيادة، ورغبة بعضهن في سرعة تطبيق ما يتعلمن في تأسيس مشروعات خاصة بهن، "منذ البداية كان هدف المنظمة من التدريب هو تمكين الفتيات من إقامة مشروعات خاصة بهن، لاسيما مشروعات التوصيل بالسيارة المُقتصرة على الرجال في العراق برمته حتى الآن"، بالإضافة إلى تمكينهم من الاعتماد على أنفسهن في القيادة إلى جامعاتهن ومدارسهن؛ تفاديًا لحوادث التحرش الجنسي التي تتعرض لها بعضهن في المواصلات العامة.

من يوم إلى آخر، تزداد رغبة السيدات في الموصل في تعلم القيادة، كما تعزز لديهن شغف الانطلاق إلى سوق العمل، يتلقين دروسهن، يطبقن بدقة بالغة حتى اليوم الأخير بالدورة، "كنا جدًا متفاجئين من حجم الإنجاز لـ54 سيدة جميعهن تمكنّ من القيادة خلال 15 يومًا". 

سعادة غامرة تملكت "علي الرسام"، ما أن انتهى التدريب، لقناعته بضخامة ما حدث في مجتمع الموصل الذي كان يُحرم على المرأة القيادة حتى من شهر خلى "اليوم السيدات في الموصل أصبحن لديهن القدرة على القيادة بمفردهن أسوة بباقي ناس دول العالم".