الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صلاح ذو الفقار| خطفته "نداهة" الفن.. والخروج عن النص أبعده عن المسرح

  • Share :
post-title
الفنان المصري صلاح ذو الفقار

Alqahera News - إيمان بسطاوي

جمع الفنان المصري الراحل صلاح ذو الفقار بين البطولة في ميدان المعركة بحكم عمله السابق كضابط ومدرس في أكاديمية الشرطة، والبطولة أمام الشاشة باعتباره ممثلًا محترفًا، فهو الدنجوان الذي يمتلك مقومات استثنائية ما بين الانضباط الذي يحتمه عليه عمله، وخفة الظل التي تتسم بها شخصيته في الواقع، فهو صاحب كاريزما خاصة تميز بها منذ الوهلة الأولى على الشاشة.

خطفت السينما ذهن صلاح ذو الفقار منذ الصغر، الذي يحل اليوم ذكرى ميلاده، إذ ولد 18 يناير عام 1926، لكنه لم يتخيل أنه في يوم من الأيام سيترك عمله الأساسي للتفرغ للفن مثله مثل باقي أقرانه عز الدين ذو الفقار، وشقيقه محمود ذو الفقار، الذي كان يعمل مهندسًا لتسحره "نداهة" الفن، إذ ظهر معهم في مشاهد قليلة في أعمالهم الفنية ببداية حياته.

وانتابت صلاح ذو الفقار حالة من الرهبة في أول مشهد له بفيلمه الأول مع شادية "عيون سهرانة"، الذي قدمه عام 1956، وظهر فيه بدور طالب في البوليس، ليسرد كواليس ذلك خلال لقاء تلفزيوني جمعه مع شادية: "كنت ارتعش عندما صوّرت أول مشاهدي بالفيلم لأنني لم أكن أتصور أن أترك عملي كضابط شرطة وأتفرغ للتمثيل، وبدأ الفن عندي كهواية منذ طفولتي بحكم نشأتي في عائلة فنية".

شكّل ذو الفقار مع شادية ثنائيًا ليس فقط في الفن، لكن كزوجين ليجمعهما الحب والفن، فقدما سويًا أشهر الأفلام، على رأسها "مراتي مدير عام"، الذي اُختير من بين أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وحصل عنه على جائزة الدولة في الإنتاج، كما جمعهما أفلام أخرى مثل "أغلى من حياتي" و" عفريت مراتي"، و"مراتي مدير عام"، و"كرامة زوجتي" و"لمسة حنان".

ويسرد ذو الفقار ذكرياته مع فيلم "مراتي مدير عام"، ليقول عنه في لقاء تلفزيوني نادر: "كنت أشعر أن شادية مدير عام حقيقي في الفيلم وهي موهوبة وكانت تفاجئني بأن لديها قدرة الانتقال من شخصية المديرة للزوجة وقدمت الشخصية بشكل رائع".

يبدو أن عمل صلاح ذو الفقار الأساسي وحبه للسيطرة والإمساك بزمام الأمور كان دافعًا قويًا للاتجاه إلى الإنتاج، بحسب ما وصفته "شادية" في لقاء جمعها به، فرغم الأعمال الكثيرة التي أنتجها، لكنه كان يعتبر نفسه هاويًا لا محترفًا على حد قوله، فضلًا عن إيمانه بموضوعات الأفلام التي شجعته لإنتاجها دون مشاركته كممثل فيها، مثل فيلم "شيء من الخوف"، إذ يقول عن ذلك في لقاء سابق له: "عندما أحب عملًا فنيًا وأتعلق به أنتجه حتى وإن كنت غير مشارك في تمثيله مثلما حدث في فيلم "شيء من الخوف"، لإحساسي بأنه عمل مختلف على السينما".

كما كشف عن سبب دخوله الإنتاج، قائلًا: "دخلت الإنتاج لتحقيق كل ما أطمح تنفيذه في العمل، فأنا علمت بكل تفاصيل صناعة السينما والعوامل التي تؤدي لنجاح الفيلم، وأعرف أن الأفلام التي أقدمها يكون أمامها فرصة كبيرة للنجاح".

رفض ذو الفقار الاتجاه للإخراج مثل زميله الفنان أحمد مظهر، ليقول عن سبب رفضه: "عقليتي مُنظمة جدًا، ولا أدخل شيئًا إلا إذا كنت أحبه، ولا أستطيع أن أتحمل مسؤولية العمل كاملة كمخرج فأنا غير مؤهل لذلك".

اتجه ذو الفقار للمسرح بعد 9 سنوات من عمله بالسينما، وقدّم عددًا كبيرًا من المسرحيات التي لاقت نجاحًا جماهيريًا، منها "عازب وثلاث عوانس"، و"معقول؟ لا معقول"، و"زوجة واحدة تكفي" و"الزلزال"، ليكشف عن سبب وقوفه على خشبته قائلًا: "تجربتي في المسرح أفادتني، وكان الغرض منها كسر حاجز الرهبة لأنني كنت استصعبه، فقدمت أول مسرحية "رصاصة في القلب" للكاتب توفيق الحكيم، لكنني كنت مُخطئا عندما نقلت النص القديم كما هو دون تغيير فلم تحقق النجاح المرجو منها، ولم أكن أشعر بالجمهور على عكس مسرحية "روبابيكيا"، التي اعتبرها أكثر نجاحًا وكنت أشعر بنفس كل فرد في صالة المسرح".

ويضيف: واجهت تحديات صعبة في البداية، بعد أن مارست العمل على خشبة المسرح للجمهور، ولم استمتع لأن هذه المرحلة شهدت خروج الفنانين عن النص، وأنا شخص ملتزم لا أحب الخروج عن الأصول، وأكون بطل المسرحية مع بداياتها ثم أتحول بعد شهر إلى "سنيد" دور ثاني، ولذلك اتجهت للمسرح التليفزيوني، وأعرض المسرحية لمدة يومين ثم تُصور في اليوم الثالث وتُعرض في التلفزيون.

عمل صلاح ذو الفقار مع عدد كبير من النجوم، مثل صباح في "الرجل الثاني"، وسعاد حسني في فيلم "موعد في البرج"، ومع ليلى طاهر في "زوج في إجازة"، ومع فاتن حمامة في فيلم "أريد حلًا"، الذي حصل عنه على جائزة أفضل منتج.

كانت شخصية "عيسى العوام" من أبرز الشخصيات التي قدمها ذو الفقار في فيلم "الناصر صلاح الدين" مع الفنان أحمد مظهر، الذي أكد أن الكاتب يوسف السباعي استقاها من شخصية حقيقية في الواقع.

تحدث ذو الفقار عن موهبة الفنانة عبلة كامل التي يعتبرها من النجمات القلائل اللاتي خطفن نظره بأدائهن، ليتنبأ لها بأنها ستكون فاتن حمامة الثانية وستترك بصمة وعلامة، كما أشار إلى أنه يرى نفسه في الفنان ممدوح عبد العليم في فترة شبابه، قائلًا: "عندما أنظر لممدوح أتذكر نفسي في فترة الخمسينيات عندما كنت شابًا شقيًا، كما أرى أن أحمد زكي يستحق جائزة بعد أن تفوق على نفسه في فيلم "زوجة رجل مهم".

لم ينس ذو الفقار الوصول للجمهور في المنازل فقدم للشاشة الصغيرة عددًا من أشهر مسلسلاته، منها "طائر البحر" و"عائلة الأستاذ شلش"، و"عودة الروح"، "رحلة عذاب" وغيرها، ليكون "العودة الأخيرة" آخر مسلسلاته التي أسدل بها الستار على مشواره التلفزيوني في التسعينيات، إذ توفي في العام نفسه الذي أنتج فيه العمل 1993.

ظل صلاح ذو الفقار يعمل حتى آخر يوم في حياته، فكان يتغلب على شعوره بالمرض بالذهاب للتصوير، حتى إن ابنته منى ذو الفقار تقول إنه رحل بأزمة قلبية بعد عودته من تصوير مشاهده.