الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

محطات تاريخية وثوابت راسخة.. دور مصري فاعل لتسوية القضية الفلسطينية

  • Share :
post-title
قمة ثلاثية بين الرئيس المصري والرئيس الفلسطيني والعاهل الأردني

Alqahera News - Mahmoud Nabil

لعبت مصر دورًا كبيرًا على مدى تاريخ القضية الفلسطينية، إذ كان لها دور فاعل في المساهمة بإنهاء الأزمات بالمنطقة العربية وإعادة الاستقرار لها، مُرتكزة على ما لديها من قوة ومكانة.

وتنوعت الجهود المصرية تجاه القضية الفلسطينية، ما بين مساعٍ لوقف إطلاق النار وتجنب المزيد من العنف، وفتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين وتقديم المساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني، فضلًا عن المبادرة الرئاسية المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة بـ500 مليون دولار بعد العدوان عليه في مايو 2021، من خلال جهود الشركات المصرية.

ثوابت الموقف المصري

حرصت القيادة المصرية على التواصل الدائم مع الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية، وبالأخص رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس "أبو مازن"، والعاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، حيث جمعتهما مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قمة منتصف يناير الجاري في القاهرة، أكدوا خلالها دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 من يونيو 1967، عاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية كافة، وتأكيد الوصاية الأردنية على الحرم القدسي.

وأكد الرئيس المصري، خلال اجتماع مع المسؤولين الفلسطينيين، وعلى رأسهم "أبو مازن"، أن مصر ستواصل مساعيها لدعم حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو، والتوصل لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، بما يضمن دعم استقرار المنطقة والمُساهمة في الحد من اضطرابات الشرق الأوسط.

وشددت الخارجية المصرية على دعم بلادها للفلسطينيين في معركة الوجود، دفاعًا عن مقدساتهم وبيوتهم، في وجه الهجمات الإسرائيلية، مُشيرةً إلى أن ما حدث بالمسجد الأقصى يُعد استفزازًا لمشاعر العرب والمسلمين.

محطات تاريخية

وعلى مدى عقود طويلة، دعمت مصر إيجاد سند قانوني لقيام دولة فلسطينية مُعترف بها من الأمم المتحدة والدول الأعضاء بها، إذ دعمت الإعلان الدستوري الفلسطيني في قطاع غزة عام 1962، والذي نص على قيام سلطات تشريعية وقضائية وتنفيذية بالقطاع، واتخاذ غزة مقرًا للحكومة الفلسطينية.

وفي سبعينيات القرن الماضي، واصلت القاهرة جهودها بقبول مبادرة "روجرز" 1970، والتي تضمنت ضرورة إحلال السلام في المنطقة، وإجراء مفاوضات تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق نهائي، وكيفية تنفيذ القرار 242، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967.

وعززت مصر جهودها في هذا الصدد، باقتراح الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فكرة إقامة حكومة فلسطينية مؤقتة سبتمبر 1972، ردًا على ادعاءات جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، بعدم وجود شعب فلسطيني.

وتوّج "السادات" جهود بلاده التاريخية بإعلان مبادرته التاريخية وزيارة إسرائيل نوفمبر 1977، ليؤكد أمام الكنيست الإسرائيلي مصداقية التوجه المصري نحو السلام الشامل.

وأتت المبادرات المصرية ثمارها في 1988، عندما أقر المجلس الوطني الفلسطيني وثيقة الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية بالجزائر، إذ كان ذلك تطبيقًا لدعوة مصرية سبقت هذا التاريخ بـ 10 سنوات بإقامة حكومة فلسطينية تحظى بقبول دولي.

وفي يونيو 1989، طرح الرئيس المصري الأسبق، محمد حسني مبارك، خطته للسلام، وتضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية، طبقًا لقراري مجلس الأمن 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإقرار الحقوق السياسية للفلسطينيين، ثم تعززت هذه الجهود في أكتوبر من العام نفسه، حيث أبدت مصر ترحيبها بمبادرة "جيمس بيكر"، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، والتي تضمنت إجراء حوار فلسطيني – إسرائيلي كخطوة باتجاه السلام.

وخلال التسعينيات، برز دور مصر الداعي للسلام، من خلال المشاركة في سبتمبر 1993، بتوقيع اتفاق أوسلو الذي توصل إليه الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، ثم لعبت مصر دورًا بارزًا حتى إتمام توقيع "بروتوكول القاهرة" أغسطس 1995، الذي تضمن نقل عدد من الصلاحيات للسلطة الفلسطينية.

وقادت مصر جهودًا بارزة لتوقيع اتفاق الخليل عام 1997، حول الإطار العام للترتيبات الأمنية بالمدينة والمراحل التالية من إعادة الانتشار، كما شاركت مصر في المبادرة العربية ديسمبر من العام نفسه، والتي تقضي برفع التمثيل الفلسطيني لدى الأمم المتحدة من "مراقب" إلى مكانة "شبه دولة".

مؤتمر دولي لإنقاذ عملية السلام

وقرب نهاية القرن الماضي، دعت مصر، بالشراكة مع فرنسا، إلى عقد مؤتمر دولي لإنقاذ عملية السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية مايو 1998، كما ساندت مصر الجانب الفلسطيني في مطالبته بالالتزام باتفاق "واي بلانتيشن"، الذي توصل إليه مع إسرائيل باعتباره تطبيقًا لاتفاقات "أوسلو".

وافتتحت مصر جهودها بالألفية الجديدة، بطرح مبادرة لوقف العنف واستئناف المفاوضات مارس 2001، ثم اقترح "مبارك" في يونيو 2022، إعلان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في عام 2003، ومناقشة القضايا الشائكة مثل القدس والمستوطنات وغيرهما، ثم شاركت مصر بقوة في الجهود التي أدت إلى إقرار خطة خريطة الطريق التي تبنتها اللجنة الرباعية أكتوبر 2002.

وأيدت مصر وثيقة جنيف غير الرسمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين ديسمبر 2003، باعتبارها نموذج سلام متوازن، كما طرحت مصر مبادرة للقيام بدور مباشر في تهيئة الأجواء أمام تنفيذ خطة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة يونيو 2004، ثم دعمت مصر رؤيتها للقضية الفلسطينية بتأكيد ضرورة أن تكون عملية التفاوض بين الجانبين ذات إطار زمني معقول وليست مفتوحة الأمد، ديسمبر 2008.

وأكد "مبارك" في فبراير 2009، أن القضية الفلسطينية لا تحتمل التأجيل، وأنه يتطلع لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مُستقلة بلا انتظار.

الدور المصري منذ 2014

ظلت الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية راسخة في عهد "السيسي"، حيث أكدت مصر منذ 2014، رفضها التام للممارسات الإسرائيلية الغاشمة، وتعتبرها انتهاكًا للقانون الدولي، ووقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى.

وعقب عدوان مايو 2021، وجّه الرئيس المصري بنقل المرضى والحالات الحرجة للعلاج بالقاهرة، كما أرسل الهلال الأحمر المصري مواد إغاثية ومستلزمات طبية إلى القطاع، وجهّزت وزارة الصحة المصرية 3 مستشفيات لاستقبال الجرحى والمصابين القادمين من قطاع غزة، عبر ميناء رفح البري.

ونجحت الجهود المصرية في إحلال الهدنة بقطاع غزة منذ 2014 مرتين، حيث تُوّجت المساعي المصرية بالنجاح في مايو 2021، بإحلال الهدنة ووقف إطلاق النار غير المشروط بالقطاع، وهي الجهود التي أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش دعمه لها تحديدًا لوقف إطلاق النار.

إشادة عالمية وإقليمية كبيرة

ولاقت الجهود المصرية إشادة عالمية وإقليمية كبيرة، إذ تلقى الرئيس المصري اتصالًا من نظيره الأمريكي، جو بايدن، أعرب خلاله الأخير عن تقديره لدور القاهرة الفعّال مع أطراف القضية، والتي تتسم بالاتزان والحكمة؛ من أجل تحقيق السلام والأمن بالمنطقة، وهو الدور الذي تدعمه واشنطن وتعوّل عليه في المساهمة باحتواء التصعيد ووقف العنف.

وخلال الاتصال، أكد "السيسي" موقف مصر الثابت بالتوصل إلى حل جذري شامل للقضية، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته وفق المرجعيات الدولية.

وكُتِب النجاح مجددًا للمساعي المصرية، حينما أسفرت عن وقف إطلاق النار بأغسطس 2022، تبعتها مبادرة من الرئاسة المصرية بإعادة إعمار غزة بـ 500 مليون دولار، تم الإعلان عنها في قمة ثلاثية بقصر الإليزيه.