على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة أسدل مساء أمس الستار على فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان "أيام قرطاج الموسيقية"، بعد أيام من السفر والإبحار إلى مرافئ الخيال والجمال بفضل طاقات الموسيقى العجيبة، وبحضور الأسعد سعيّد رئيس ديوان وزيرة الشؤون الثقافية في تونس، وهند المقراني المُكلفة بتسيير المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، ونخبة من الموسيقيين من فنانين ومهنيين.
لحظات استثنائية
"دورة هذا العام قدحت نورًا بروح الموسيقيين والمشاركين بهذه الدورة بين ورش تكوينية ومعارض وندوات".. هذا ما أكدته درصاف الحمداني المديرة الفنية للدورة في كلمتها، مثمّنة جهود مختلف القائمين على تنظيم هذه الدورة.
وعقب كلمتها عُرض في الحفل مقطع يوثق لأهم اللحظات الاستثنائية التي عاشها الجمهور والموسيقيون على حدّ سواء خلال الدورة الثامنة، مسترجعًا أبرز ملامحها مع استعراض بعضًا من عروضها وندواتها وورشها، التي مرّت سريعًا كالشعاع المضيء في حضرة الموسيقى.
"بولعراس" نجم الختام
وتابع الجمهور خلال حفل الختام عرض "أصول" للفنان الأمريكي ذي الجذور التونسية ياسين بولعراس الذي قدّم للحضور موسيقى من ضفاف قرطاج نحو ميناء "نيو أورلينز" الأمريكي مرورًا بغرب إفريقيا، حيث نشأت إيقاعات الجاز الأفرو أمريكية.
وصاحب ياسين بولعراس في عرضه "أصول" مجموعة موسيقية مكونة من عازف البيانو عمر الواعر وهادي فاهم (جيتار)، ويوسف سلطانة (باتري)، ونصر الدين شبلي (إيقاع)، مع مرافقة غنائية لنسرين جابر ومغني الراب مهدي "دابليو أم دي".
سردية موسيقية متخيلة
وضمّ ياسين بولعراس إلى هذا العرض الإبداعي مجموعة من الفنانين لاكتشاف همزة الوصل بين الموسيقى التونسية والأفرو أمريكية في محاولة لإعادة تصور مدونة الشهير "ديزي جيليبسي".
كما دعا بولعراس جمهوره إلى عبور الجانب الآخر للمرآة نحو سردية موسيقية متخيلة يجد فيها لغته وإيقاعاته الأصيلة مع تناغم وألحان موسيقى الجاز وروح الفانك التي تتلاقى مع إيقاعات المزود والفزاني والسطمبالي.
حضور 16 ألف شخص
الفنان ياسين بولعراس هو عازف ساكسفون وملحن تلقى تكوينه في نيويورك، وقاده شغفه بالجاز إلى باريس ثم إلى "بروكلين" حيث استقر منذ عام 2009، ومع اهتمامه بالجذور والإيقاعات الإفريقية أسس مجموعة "أيوبو" وإصدار ألبوم يحمل الاسم نفسه، وفي عام 2020 أصدرت المجموعة ألبومها الثاني "War Chant" أو "ترانيم الحرب" وتوج في السنة نفسها بجائزة موسيقى العالم في حفل توزيع جوائز معهد العالم العربي.
وقال منذر فلاح، مدير إنتاج الدورة الثامنة لأيام قرطاج الموسيقية، في تصريح لوكالة "تونس إفريقيا" للأنباء، إن هذه الدورة سجّلت حضور ما يناهز 16 ألف شخص تابعوا العروض، مشيرًا إلى أن هذه التظاهرة حازت اهتمام جمهور عريض بفضل ما تقدمه من برمجة متنوعة.
وأوضح أن أيام قرطاج الموسيقية استقام عودها وتشكّلت هويتها العربية والإفريقية مع الانفتاح على الأنماط الموسيقية العالمية، مؤكدًا أن هذه الدورة أثمرت عقد اتفاقيات أولية بين منتجين وموزعين مع عدد من أصحاب المشروعات الموسيقية من تونس، مضيفًا أن هذا المهرجان سيفتح الباب أيضًا أمام العديد من المشروعات الموسيقية في المهرجانات الصيفية الدولية.
