الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد تعليق العقوبات.. "المنظري": الصحة العالمية تسابق الزمن لنجدة سوريا (حوار)

  • Share :
post-title
الدكتور أحمد المنظري - المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط

Alqahera News - سمر سليمان

في سوريا يواجه الناجون من الزلزال الأقوى منذ قرن بالمنطقة، طقسًا متجمدًا وهزات ارتدادية مستمرة وفرصًا محدودة للحصول على المأوى والطعام والرعاية الطبية، تخوض منظمة الصحة العالمية سباقًا مع الزمن لإنقاذ الأرواح، مستغلة أيامًا محدودة ترفع خلالها عن كاهل سوريا المهترئ عقوبات استمرت في تضييق الخناق عليها لنحو 12 عامًا.

وفي 10 فبراير، أمهلت الولايات المتحدة، سوريا -المنكوب أهلها جراء الزلزال- 180 يومًا تعلق خلالها العقوبات المفروضة عليها، وتسمح بجميع الصفقات المتعلقة بإيصال مساعدات إلى السكان المتضررين في أسرع وقت ممكن.

من منظور شامل، تشق الصحة العالمية سبلها لتحقيق أعلى مستويات استفادة من التعليق الأمريكي المؤقت للعقوبات على سوريا، وبلوغ استجابة أكثر استدامة، لاسيما في قطاع الصحة المنهك جراء الحرب طويلة الأمد.

يحدثنا عن تلك الجهود الجارية على قدم وساق؛ الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، في حوار خاص لموقع "القاهرة الإخبارية".

كيف يمكن وصف وتيرة التحرك لتقديم المساعدة لسوريا بعد تعليق العقوبات مؤقتًا؟

تتحرك منظمة الصحة العالمية بوتيرة سريعة مع الشركاء للاستفادة من هذا الوقف للعقوبات المفروضة على سوريا، نحن نسابق الزمن لتوفير المزيد من الإمدادات الطبية، والتعامل مع الأوضاع التي تزداد سوءًا للأسف والمخاطر الآخذة في الازدياد.

ما طبيعة "النهج الجماعي" الذي أعلنت المنظمة اتباعه للاستفادة من تعليق العقوبات وتقديم العون لمنكوبي سوريا؟

نقصد بالنهج الجماعي عدة أمور، الأول هو التعاون والتنسيق مع كل الشركاء المعنيين لتحقيق أعلى مستويات الاستفادة من التوقف المؤقت للعقوبات المفروضة على سوريا؛ للاستجابة للاحتياجات الصحية العاجلة لمنكوبي الزلزال وتأمين استجابة أكثر استدامة، بما يدعم جهود القطاع الصحي المنهك، ويوفر ولو جانبًا من القدرات والإمكانات اللازمة التي طال انتظارها جراء الحرب طويلة الأمد والتجاهل والعقوبات.

وهناك النهج المتعلق بالتعامل مع أوجه الاستجابة للاحتياجات من منظور شامل، يتضمن الرعاية الصحية وتوفير المأوى والغذاء والاحتياجات الأساسية، أما الأمر الثالث فنقصد به نهج التعامل مع سوريا بأسرها وبكل مناطقها حتى المناطق التي يصعب الوصول إليها.. وهذا يتطلب وصولًا واسع النطاق عبر الخطوط الفاصلة وعبر الحدود وتذليل كل عوائق الوصول والاستعانة بالمنظمات المحلية والدولية العاملة على الأرض بالتنسيق مع السلطات المحلية.

ما المعدات والإمدادات التي تعتزم الصحة استغلال وقف العقوبات لإمداد سوريا بها؟

هناك حاجة ماسة إلى معدات حيوية، مثل أجهزة الأشعة السينية والأشعة المقطعية، كما تمس الحاجة إلى المعدات الثقيلة لرفع الأنقاض والركام، فضلًا عن الأدوية واللقاحات، وخاصة لقاحات الكوليرا التي يحتاجها الكثيرون بسبب الفاشيات التي تعقب الزلزال والكوارث الطبيعية. وإلى الآن وجهنا أربع رحلات جوية وصلت بالإمدادات الطبية إلى سوريا، وسَنُسلِّم معدات ثقيلة قريبًا، ومع ذلك تظل الاحتياجات أكثر من القدرة الحالية على تلبيتها.

في رأيك.. إلى أي مدى سيكون الوقف المؤقت للعقوبات ضد سوريا مجديًا في الوقت الراهن؟

رفع العقوبات خطوة على الطريق ولابد أن يعقبها خطوات كثيرة واسعة.. لقد عانى الشعب السوري أشد المعاناة على مدى 12 عامًا وتم تجاهل مأساته بل ومفاقمتها، واستمرار العقوبات جعل هذه المعاناة لا تحتمل.

فرق التقنية لا تزال موجودة في المناطق المنكوبة، وقد زرنا قبل أيام بعض المناطق الأكثر تضررًا في شمال غرب سوريا، بما في ذلك المجتمعات المحلية التي تعاني من الآثار المضاعفة خلال الـ12 عامًا الماضية، وقد تراجع النظام الصحي تراجعًا شديدًا في هذه الظروف ولم يعد قادرًا على توفير أبسط أنواع الرعاية الصحية للسكان، لذلك أناشد المجتمع الدولي العمل على رفع العقوبات بشكل نهائي وتوفير الدعم اللازم لإغاثة المنكوبين وإعادة بناء القطاع الصحي المتداعي.

ما إجمالي المساعدات التي استطاعت المنظمة تقديمها لسوريا منذ وقوع الزلزال حتى الآن؟

منذ وقوع الزلزال، شحنت منظمة الصحة العالمية الأدوية وإمدادات الطوارئ لعلاج ورعاية أكثر من نصف مليون شخص، بما في ذلك الجراحة العاجلة.

وصل جسران جويان، أحدهما إلى حلب والآخر إلى دمشق، في 11 و14 فبراير على التوالي، يحملان أكثر من 70 طنًا متريًا من الإمدادات الجراحية والبدنية، والأدوية الأساسية، والخيام، والمولدات، وهي تكفي لتوفير 450 ألف علاج طبي، ورعاية 125 ألفًا من مرضى الصدمات والرضوح (الإصابات الجسدية).

كما أرسلت نحو 220 طنًا متريًا من المعدات واللوازم الطبية لشمال غربي سوريا، ومع ذلك فالاحتياجات ضخمة وعاجلة ولا بد من تكاتف جميع المنظمات والبلدان المانحة والمجتمع الدولي بأسره لتوفير المزيد من الاحتياجات.

أعلنت الأمم المتحدة عن حاجة سوريا لمساعدات بقيمة 400 مليون دولار على إثر أزمة الزلزال.. هل ثمة استجابة في هذا الشأن؟ وهل يمكن الكشف عن أرقام مؤكدة إجمالية بخصوص هذه المساعدات؟

هناك استجابة ولكن ليست بالقدر المطلوب ولا المأمول، لقد أصدرنا نداءً عاجلًا من منظمة الصحة العالمية، ونداءً عاجلًا آخر ضمن منظومة الأمم المتحدة، وهذا يعكس مدى حرج الأوضاع وأهمية الاستجابة العاجلة. نناشد المجتمع الدولي أن يتحرك على وجه السرعة لإنقاذ الشعب السوري، لقد عانى هذا الشعب من الإهمال وتجاهل احتياجاته الأساسية لسنوات عديدة، وللأسف تركت سنوات الحرب والصراع آثارها الوخيمة على مختلف القطاعات ومنها النظام الصحي الذي كان يعد من أفضل الأنظمة الصحية في المنطقة لكنه أصبح أشدها هشاشة.

وما لم يتحرك المجتمع الدولي لتقديم الدعم المادي المطلوب فقد لا نستطيع مواصلة جهود الاستجابة لهذه الطارئة، كما قد يتفاقم الوضع دون قدرة على احتواء الآثار المترتبة على الزلزال والنزوح الجماعي والإقامة في الملاجئ المكتظة وغياب خدمات الإصحاح ونقص المياه والغذاء وبرودة المناخ.

وفي 6 فبراير، ضرب زلزالان قويان متتابعان تركيا وسوريا، مخلفين ضحايا تجاوز تعدادهم في أحدث تقرير 50 ألف قتيل. وتقول الأمم المتحدة إن الكارثة أسفرت عن مقتل أكثر من 4500 شخص في شمال غرب سوريا وحده، وتضرر نحو 8.8 مليون في عموم البلاد.

ومع مرور 13 يومًا من إجمالي "مدة السماح بالنجاة" يأمل السوريون أن يدركهم الغوث بالقدر المطلوب والمأمول وبما يعادل خراب سنوات.