الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مهمة شاقة.. "ماكرون" في رحلة البحث عن عودة النفوذ الفرنسي بإفريقيا

  • Share :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - غينيا بياسو يوليو 2022

Alqahera News - سامح جريس

فصل جديد تكتبه فرنسا بعد نهاية "عملية برخان"، لمكافحة الإرهاب التي استمرت عقدًا من الزمان في إفريقيا، حيث يُواجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، معركة شاقة في رحلته القادمة إلى القارة السمراء؛ للفوز بدول في قارة تقاوم بشكل مُتزايد النفوذ الأجنبي الذي يلعب دورًا في شؤونها.

تعهد "ماكرون" بخفض عدد القوات الفرنسية في إفريقيا، في إطار "شراكة أمنية جديدة" مع الدول المعنية، وطرح سياسات اقتصادية أكثر طموحًا، في محاولة لتعزيز نفوذ فرنسا الآخذ في التآكل في القارة السمراء.

من المُقرر أن يزور "ماكرون"، الجابون وأنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو، ابتداءً من يوم الأربعاء، فيما ستكون رحلته الثامنة عشرة إلى إفريقيا منذ توليه منصبه في عام 2017.

مُواجهة النفوذ الصيني والروسي

ثبت أن تحقيق هذا الهدف أمر صعب بالنسبة لماكرون، الذي أكد ذات مرة أنه يُمكن أن يساعد في إغلاق صفحة أزمات إفريقيا، كأول رئيس لفرنسا ولد بعد استقلال مستعمراتها السابقة.

ومع ذلك، فبالإضافة إلى التوترات المستمرة بين فرنسا ودول مجال نفوذها السابق، تواجه باريس منافسة مع الصين وروسيا في القارة السمراء، وهو اتجاه آخذ في الاشتعال منذ انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية.

لاحظ أنطوان جلاسر، الباحث الفرنسي في الشئون الإفريقية، أن "رحلة ماكرون" تأتي في الوقت الذي تغير فيه فرنسا استراتيجيتها، بعد انتهاء "عملية برخان" التي استمرت لعقد من الزمان؛ لمحاربة الجهاديين في منطقة الساحل، بحسب صحفة "لو تريبيون" الفرنسية.

وقال "جلاسر": "ماكرون ذاهب إلى إفريقيا هذه المرة في موقف ضعف، النفوذ الروسي في القارة آخذ في الازدياد، وفرنسا في موقف دفاعي بعد نهاية "برخان" وفقد الشركات الفرنسية حصتها في السوق".

صفحة جديدة

دعا "ماكرون" في كلمة ألقاها في قصر الإليزيه الرئاسي، إلى فتح "صفحة جديدة" قبل رحلة طموحة يوم الأربعاء إلى القارة السمراء، مُؤكدًا أن فرنسا يجب أن تبتعد عن التدخل في أجزاء من إفريقيا، كانت تحكمها ذات يوم كقوة استعمارية، قائلًا إن القارة لم تعد "ساحتها الخلفية".

وقال: "هناك مسار آخر، ويجب مُخاطبة الدول الإفريقية كشركاء نتشارك معهم المصالح والمسؤوليات المتوازنة والمتبادلة والخاضعة للمساءلة".

ووعد بـ"شراكة أمنية جديدة" بأعداد مخفضة من القوات الفرنسية في القارة.

إعادة تنظيم وليس انسحابًا

كما أكد الرئيس الفرنسي أن قواته ستتبنى صورة أقل مما كانت عليه خلال عملية برخان، التي ضمت في ذروتها حوالي 5 آلاف جندي، قبل أن تنتهي في أواخر العام الماضي، مُشيرًا إلى أن دور القوات الفرنسية حاليًا في فرنسا سيتمحور بشكل أكبر في الأدوار الداعمة للتدريب أو الاستخبارات، والمشاورات جارية مع مُختلف البلدان، مُوضحًا أنه لن يتم إغلاق أي من القواعد العسكرية الفرنسية الست في إفريقيا، إلا أنها ستتطور بشكل كبير.

وقال "ماكرون": "هذه إعادة تنظيم عسكرية وليست انسحابًا، لذا لن تغلق القواعد بل ستتحول إلى أكاديميات تدريب أو تدار بشكل مُشترك، سيكون هناك عدد أقل من الجنود الفرنسيين."

مخاوف فرنسية من "فاجنر" الروسية

وقال "ماكرون" إن الدول الإفريقية ستتوقف في النهاية عن اللجوء إلى "مجموعة فاجنر"؛ لأنها ستعرف أنها لا تنشر سوى الشقاء فقط.

وانتشرت مجموعة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة في جمهورية إفريقيا الوسطى، ما أثار مخاوف في باريس من استعانة دول أخرى بهذه المجموعة في وقت تحاول فيه الدول الغربية حشد الضغط ضد روسيا، بشأن عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

أضاف أن فاجنر "مجموعة من المرتزقة المجرمين، والتأمين على حياة أنظمة فاشلة وانقلابيين".

واتهم "ماكرون" روسيا بتغذية دعاية مناهضة لباريس في إفريقيا لخدمة طموحات "عدوانية".

فرنسا شريك بناء

وأشار مسؤول في قصر الإليزيه، إلى أن رحلة الرئيس الفرنسي إلى أربع دول إفريقية لم يزرها "ماكرون" من قبل تُظهر كيف أرادت فرنسا أن تكون شريكًا بناء في أمور لا علاقة لها بالأمن، مثل مكافحة تغير المناخ، وفقًا لما أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وقال المسؤول "الموضوع العسكري طغى على كل شيء قمنا به في إفريقيا خلال عملية برخان، سواء كان ذلك اقتصاديًا أو سياسيًا، يجب أن نغير هذا؛ لأن الوضع السياسي في إفريقيا اليوم مُختلف، خاصة بين الشباب الذين يرفضون جميع أشكال الوجود العسكري الأجنبي ".

وانسحبت القوات الفرنسية من مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى العام الماضي، ومن بوركينا فاسو هذا الشهر عندما أمرتها الحكومة هناك بالمغادرة، وعلى الفور قام مرتزقة روس من مجموعة فاجنر بملء الفراغ، وتولوا أدوارًا أمنية بناءً على طلب حكومة إفريقيا الوسطة ومالي.

قالت سيلفي بابو تيمون، وزيرة خارجية جمهورية إفريقيا الوسطى، لصحيفة فاينانشيال تايمز، بينما كانت آخر القوات الفرنسية تغادر بلادها في ديسمبر، أنها بحاجة إلى دعم روسي؛ لأن فرنسا فشلت في تهدئة الجماعات المتمردة الخطيرة.

وأشارت سيلفي: "لو كان الوجود الفرنسي ناجحًا لما كنا هنا".

اهتمام فرنسي بقضايا أخرى

وستكون حماية البيئة في حوض الكونغو، الذي يمتد على ستة بلدان وثاني أكبر غابة استوائية في العالم بعد غابات الأمازون، نقطة تركيز أخرى في الرحلة.

في الجابون، سيستضيف ماكرون بالاشتراك مع الرئيس على بونجو أونديمبا، قمة One Forest التي تهدف إلى حشد الدعم والتمويل الدوليين؛ لحماية مثل هذه النظم البيئية.

في أنجولا، يجري العمل على شراكة في الإنتاج الزراعي لمساعدة المستعمرة البرتغالية السابقة على تعزيز أمنها الغذائي وتقليل اعتمادها على الواردات، ولطالما كان الوجود الاقتصادي الفرنسي في أنجولا رمزًا لعملاق الطاقة توتال.

وستكون المحطة الأخيرة في زيارة الرئيس الفرنسي لإفريقيا، بحسب ما أفادت صحيفة "الجارديان"، هي جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يدور نزاع بين الدولة ورواندا المجاورة، والتي سعى "ماكرون" للتوسط فيها، حيث تتهم كينشاسا كيغالي بغزو شرق البلاد الغني بالمعادن بجيش بالوكالة، وهي مزاعم نفتها رواندا مرارًا.

وقال محللون إن "ماكرون" سيتعين عليه التحرك بحذر؛ لأنه كان ينظر إليه على أنه مقرب من الرئيس الرواندي، بول كاجامي، بحسب ما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

Tags: