الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الدولة النموذج.. كيف استعدت مصر لمؤتمر المناخ COP27؟

  • Share :
post-title
استعدادات مصر لقمة المناخ COP27

Alqahera News - نورا فايد

تتواصل الاستعدادات المصرية لاستضافة قمة المناخ COP-27 للعام 2022 على قدم وساق، إذ تكثف جميع أجهزة ومؤسسات الدولة المصرية المعنية جهودها كافة، للخروج بهذا المؤتمر المبرم انعقاده في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر 2022، بشكل يليق باسم مصر ورئيسها عبدالفتاح السيسي، وبنتائج تلقى انعكاسات إيجابية على قضية التغييرات المناخية، القضية الأخطر التي تواجه بلدان العالم عامة وأفريقيا بشكل خاص، كونها واحدة من أكثر المناطق المعرضة لأخطار تغيير المناخ في العالم.

وتجدر الإشارة إلى أن اختيار القاهرة وتحديدًا مدينة شرم الشيخ لاستضافة هذا الحدث الأهم والأكبر على المستويين العالمي والإقليمي، الذي سيحضره 30 ألف مشارك من 197 دولة فى إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، يحمل دلالة هامة، إذ أنها المرة الأولى التي يُقام فيها مؤتمر المناخ بمنطقة شمال إفريقيا منذ 10 أعوام، واختيار مصر يرجع لكونها من أوائل الدول الأفريقية التي وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ عام 1994، ولديها المجلس الوطني للتغيرات المناخية، الذي أسسته في 2015 لرسم السياسات العامة للتعامل مع التغيرات المناخية، فضلًا عن الجهود التي بذلتها خلال السنوات الماضية للحد من التأثير السلبي لهذه الظاهرة، وهو ما لفت أنظار العالم نحوها.

خطوات فعالة:

وبناءً على ما تقدم، فإن مصر كثفت خلال الأشهر الماضية جهودها للوصول إلى نموذج تنموي مستدام، باتخاذ جملة من الخطوات التي تمكنها من الحفاظ على البيئة من ناحية ومواجهة تغير المناخ من ناحية أخرى، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

- توطين مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر: حظيت مشروعات الهيدروجين الأخضر الهادفة للحد من آثار التغيرات المناخية التي بدأت مصر تنفيذها قبل عامين باستثمارات ذاتية وبالشراكة مع شركات أجنبية متخصصة باهتمام عالمي، إذ ارتفع عدد مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر إلى نحو 14 مشروعًا للتنفيذ في نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو ما جعل مصر مؤهلة لأن تكون هى مصدر الهيدروجين الأول في العالم، وبناءً على ذلك فإن الحكومة المصرية تتطلع من خلال استضافتها للقمة المناخية الـ27، لجذب استثمارات تتجاوز 45 مليار دولار في مجال إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء.

استثمارات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بمصر

- تسهيلات استثمارية للحد من التغيرات المناخية: منحت الحكومة المصرية على مدار السنوات الماضية مجموعة من التسهيلات للمستثمرين، وذلك للاهتمام بالمشروعات التي تعزز من فرصة الارتقاء بالبيئة والحد من التغيرات المناخية، من بينها إصدار مجلس الوزراء المصري خلال الأشهر القليلة الماضية، "الرخصة الذهبية" للمستثمرين العاملين في مجال الهيدروجين الأخضر لإقامة المشروعات التي تخدم هذا المجال، وهذه الرخصة معنية بحصول المستثمر على موافقة واحدة لإقامة المشروع وتشغيله وإدارته، بما في ذلك تراخيص البناء، وتخصيص العقارات اللازمة له.

- رفع كفاءة البنية التحتية لإقامة المشروعات البيئية: لم تقتصر جهود الدولة المصرية على منح تسهيلات للمستثمرين لتشجيعهم على إقامة المشروعات التي تخدم البيئة وتحد من الآثار السلبية لتغير المناخ، بل عملت من جانبها على إنفاق نحو 400 مليار دولار خلال السبع سنوات الماضية لرفع كفاءة البنية التحتية للمناطق الاستثمارية التي سيُقام عليها المشروعات في جميع أنحاء البلاد، لضمان أكبر قدر من نجاح هذه المشروعات.

الدولة النموذج.. محفزات جادة:

استعدت السلطات المصرية لاستضافة مؤتمر المناخ 2022، من خلال جملة من الأدوات، على النحو التالي:

1- تدشين مبادرات لزيادة الوعي بالشواغل البيئية: في إطار الاستراتيجية المناخية المصرية للعام 2050، استجابت منظمات المجتمع المدني في مختلف أرجاء المحافظات المصرية لدعوات الأجهزة التنفيذية، ودشنت على مدار الأيام القليلة الماضية قبل انعقاد مؤتمر المناخ، سلسلة من ورش العمل والندوات المعنية بتحسين المؤهلات البيئية للبلد وزيادة وعي المواطن بأهمية الحفاظ على البيئة، هذا بجانب تحقيق الهدف الرئيس المتمثل في التوعية بقمة المناخ، على أمل أن تساعد مصر في تحقيق أهداف استراتيجية المناخ الخاصة بها، وركزت هذه الفعاليات على مناقشة مجموعة من النقاط، أبرزها المشروعات المتعلقة بالنقل المستدام، وإعادة تدوير النفايات، والاهتمام بصحة المرأة، وحثّ المواطن على الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وإطلاعه على تدابير التكيف مع التغيرات المناخية في قطاعي الزراعة والموارد البيئة، وبالإضافة إلى هذه الفعاليات، فإن عدد من الوزارات المصرية مثل (الشباب والرياضة، والبيئة) نظمت بالتعاون مع بعض المنظمات الأممية، مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" ومكتب الأمم المتحدة بمصر، منتصف سبتمبر الماضي قافلة "الشباب والمناخ"، لرفع وعي الشباب بقضايا تغير المناخ، وطرح الحلول المقترحة لها.

2- تمثيل الشباب المصري في المفاوضات الأممية بشأن المناخ: من أبرز الأدوات التي تميزت بها الدولة المصرية في إطار استعداداتها لقمة المناخ المقبلة، هو التركيز على جمع الشباب المعني بقضية تغير المناخ ومنحهم المساحة الكافية لتمثيل مصر في مفاوضات منظمة الأمم المتحدة المعنية بقضية المناخ، ووضع الرؤى التي تسهم في الحد من آثار التغييرات المناخية ليس فقط داخل مصر بل في الخارج أيضًا، وهو ما يوضح سبب استضافة منظمة الأمم المتحدة في منتصف سبتمبر الماضي للمؤتمر المحلي للشباب للمرة الأولى في مصر، وعقد هذا المؤتمر في عدد المحافظات المصرية من بينها (مطروح، الفيوم، الإسكندرية، أسوان، الأقصر، البحر الأحمر)، وناقش خلالها بعض الموضوعات مثل (الطاقة المستدامة، التمويل المناخي)، رافعًا شعار "لننمو معًا: تحويل السياسات المناخية إلى عمل محلي مؤثر".

3- مباحثات مصرية مع الدول الأفريقية المتضررة من التغيرات المناخية: لم تكتف مصر بإجراء استعدادات التحضير لقمة المناخ في الداخل، بل ركزت على الخارج أيضًا وخاصة إفريقيا، وهو ما يؤكد أن مصر الدولة الأفريقية الرائدة، تركز بشكل لا جدال على تمثيل القارة الأفريقية واحتياجاتها بشكل واضح وصريح، وهذا بالإطلاع على الأزمات المناخية التي تواجه دول القارة الأفريقية لطرحها في القمة المقبلة ووضع حلول تسهم في إنقاذ هذه البلدان وتوفير سبل العيش الكريم لهم، وهو ما دفع عدد من الوزراء المصريين (وزيرة البيئة، ووزير الخارجية) بمشاركة 50 وزيرًا للبيئة من إفريقيا، في منتصف أكتوبر 2022، للذهاب إلى دولة الكونغو الديمقراطية (واحدة من أفقر البلدان في العالم المتضررة بشكل كبير بسبب التغيرات المناخية)، لدراسة الأوضاع بهذا البلد، من أجل مواجهة الضغوط المناخية التي تتعرض لها من ناحية، فوفقًا للتقديرات الدولية فإن 17 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي في شرق إفريقيا بسبب الجفاف، فضلًا عن الكوارث الناجمة عن الفيضانات بإفريقيا.

بالإضافة إلى حثّ دول العالم على توفير الدعم المالي للبلدان الإفريقية المتضررة من الظواهر المناخية من ناحية أخرى، حيث لا يزال الهدف طويل الأمد الذي وضعته البلدان المتقدمة المتمثل في تقديم 100 مليار دولار سنويًا اعتبارًا من عام 2020 لمساعدة الدول الإفريقية الضعيفة على تقليل الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ غير مُستوفَى حتى الآن، ولهذا جرى طرحه مرة أخرى لتنفيذه في 2023، وهو ما جعل مصر تضع هذا البند على قائمة أولويات القمة المقبلة لتعزيز قدرة هذه البلدان على الصمود أمام تداعيات تغير المناخ.

4- مباحثات تمهيدية بين مصر وألمانيا لوضع الرؤى حول قمة المناخ: قبل أقل من شهرين على القمة المرتقبة في مدينة شرم الشيخ، توجه الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" منتصف يوليو الماضي على رأس وفد كبير إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر "حوار بيترسبرج للمناخ" الذي تنظمه برلين منذ 2009 وحضره أكثر من 40 دولة، لإجراء "مباحثات تمهيدية" ومقاربات وتوافقات بين الدول المشاركة في هذا المؤتمر للإعداد لقمة المناخ في دورتها الـ ٢٧، وخلال هذا المؤتمر، كشف الرئيس المصري خلال كلمته بالمؤتمر، عن مجموعة من الخطوات التي اتخذتها الدولة للحفاظ على البيئة وتغير المناخ، من بينها، إعداد استراتيجية شاملة للهيدروجين، والسعي لتنفيذ خطط لربط الكهرباء مع دول المنطقة وخفض انبعاثات الكربون والميثان في قطاع البترول والغاز، إضافة إلى تركيز مصر على وسائل النقل النظيفة بتطوير شبكات المترو والقطارات وتوطين صناعة السيارات الكهربائية، بجانب الاهتمام بمشروعات ترشيد استخدامات المياه وتبطين الترع والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية وآليات الإنذار المبكر.

تأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن اختيار مصر لاستضافة مؤتمر المناخ في دورته الـ27 على أراضيها، يرجع لكونها "الدولة النموذج" التي نجحت خلال السنوات الماضية بفضل الخطوات والاستراتيجات الفعالة التي اتخذتها في الحد من تأثير التغييرات المناخية، ولذلك فإن أنظار العالم تتجه نحوها ومدى قدرتها على إنجاح هذا المؤتمر الذي يأتي في وقت تشهد فيه دول العالم جملة من التحديات، من أبرزها أزمة الطاقة العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، هذا بجانب أزمة الغذاء في عدد من البلدان النامية، وصولًا إلى التأثيرات السلبية الناجمة عن جائحة كورونا، وعلى الجانب الآخر، فإنه يتعين على الدولة المصرية الاستفادة من هذه القمة في تعزيز العمل المناخي الدولي، وتوحيد مطالب الدول الإفريقية والنامية، ووضع الحلول التي تمكنها من مواجهة انعكاسات التغييرات المناخية على المنطقة.

Tags: