الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"توازن إقليمي وأمن طاقة عابر للحدود".. ماذا تعني زيارة رئيس وزراء العراق للقاهرة؟

  • Share :
post-title
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وإلى يمينه رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني

Alqahera News - سمر سليمان

حظيت زيارة رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني بحرص واستجابة القاهرة لمواصلة العمل، وتفعيل اللجان المشتركة بين البلدين إلى مستوى يدرك التنفيذ خلال أشهر، فبين مساندة وترحيب شمل بهما الرئيس المصري ضيفه، أعرب السوداني الانفتاح نحو تعزيز أطر التعاون بين البلدين.

وخلال زيارة أجراها السوداني للقاهرة، استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأكد دعم مصر الثابت لأمن واستقرار العراق الشقيق، والاعتزاز بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مشيرًا إلى الثوابت الراسخة للسياسة المصرية فيما يتعلق بمساندة العراق وتقديم الدعم الكامل للشعب العراقي على مختلف الأصعدة، لا سيما ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار، وفق بيان أوردته الرئاسة المصرية.

وترأس السوداني، ونظيره المصري مصطفى مدبولي، المباحثات الرسمية التي عُقدت بين وفدي البلدين، وأكد رغبة العراق في تفعيل اللجان المشتركة مع مصر إلى مستوى التنفيذ، ورفع مستوى التبادل التجاري بينهما.

رفع حجم التبادل التجاري

من بغداد، قال إبراهيم السراج، الباحث السياسي، في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن زيارة السوداني القاهرة تحمل الكثير من الدلالات عنوانها مزيد من التعاون، ولعل من أبرزها رفع حجم التبادل التجاري بين بغداد والقاهرة، وهذا أمر مهم جدًا، في تقديره، إذ يسعى السوداني أن يتنوع في رفع ميزان التبادل التجاري للبلاد، وهذا الانفتاح الأخير مع القاهرة، يشكل حلقة من حلقات برنامجه الحكومي في تنوع مصادر الاستيراد العراقي من الدول العربية وغير العربية.

مصر ضمن خطة العراق لملاحقة سرّاقه

رجح الباحث السياسي أن من بين الملفات التي حملها السوداني خلال زيارته للقاهرة، ملاحقة الفاسدين و"سراق المال"، متوقعًا مساعيه لتوقيع اتفاقية مشتركة من جمهورية مصر العربية في هذا المجال.

وأخذت حكومة السوداني على عاتقها، مكافحة الفساد واستعادة أموال العراق المنهوبة بالداخل والخارج، إذ أجرت محاكمات بحق مسؤولين ونواب تورطوا بجرائم فساد مالي وإداري، وقطعت خطوات نحو إنشاء تحالف دولي لمكافحة الفساد واسترداد أموالها عبر التعاون مع الدول العربية والأجنبية.

أشار "السراج" إلى حاجة العراق للتعاون مع مصر في مجال البنى التحتية، إذ تضع حكومة السوداني- حكومة الخدمات كما أطلق عليها- في أولوياتها عملية البنى التحتية والخدمات، وفي هذا الشأن، في تقديره، يحتاج العراق إلى الخبرة المصرية وكذلك الشركات في مجال النفط والخدمات والبنى التحتية، والمواصلات.

اتفق هنا الدكتور أحمد الشريفي، الخبير الاستراتيجي، إلى جانب حاجة العراق إلى بنية تحتية حديثة، يندرج ذلك تحت ملف إعادة الإعمار والذي ينظر إليه باعتباره استحقاق وطني، ومطلب جماهيري عراقي من شأنه أن يدفع حكومة السوداني إلى عقد العديد من الاتفاقيات بمجال التنمية والخدمات.

وخلال لقائه السوداني أعرب الرئيس المصري، عن حرص بلاده على تفعيل وتنويع أطر التعاون الثنائي المشترك في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، والإسراع في تنفيذ المشروعات المشتركة مع العراق، وفقًا لاحتياجات الشعب العراقي وبما يعزز التكامل بين الجانبين ويحقق الأهداف التنموية المشتركة، بالإضافة إلى مواصلة العمل في إطار آلية التعاون الثلاثي مع المملكة الأردنية الشقيقة.

ومن خلال خطوات جريئة، عكفت مصر على مدار ثماني سنوات مضت على تطوير بنيتها التحتية، وتشييد مشروعات قومية ضخمة، ورفع مستوى تقديم الخدمة والدعم للمواطن، ضمن خطة الدولة 2030، جعلت منها نموذجًا يحتذى به في الإقليم والقارة.

توازن إقليمي

واعتبر الخبير الاستراتيجي العراقي، في حديثه لموقع"القاهرة الإخبارية"، أن الاتفاقية متعددة الأوجه، التي تشمل كلًا من بغداد والقاهرة، تمثل أفقًا واسعًا لتأمين توازن إقليمي، إذ قال: "الحديث ليس عن العراق ومصر كدول لديها مشروع خاص بها، وإنما مشروع ضمنه يتحقق الأمن الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط".

أضاف أن الاتفاق المصري العراقي يحقق ضمنيًا التكامل في ملفات متعددة، إذ إن التعاون العسكري والأمني، بين البلدين يعد مدخلًا لتأمين بيئة آمنة وحاضنة للاستثمار.

وهنا أكد الخبير الاستراتيجي على أهمية حسم الملفات بشكل كامل والعمل بالتوازي بينهم لتحقيق استفادة حقيقية، أوضح: "عندما نتحدث عن الملف الأمني والعسكري، تلقائيًا التعاون يمهد للإعمار والاستثمار، فلتعمل اللجنة ولا تتأخر لتنتظر الملف الأمني، وفي نفس الوقت تعمل اللجان المشتركة في البُعد الاقتصادي، التي تتعلق بالبنى التحتية والتنمية المستدامة وأيضا ستتحرك قضية الطاقة والربط الكهربائي".

أمن طاقة عابر للحدود

عدّ الدكتور أحمد الشريفي، مشروع الربط الكهربائي ضمن التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن، يمثل ارتباط أمن قومي للدول الثلاث، ومن شأنه أن "يجعل الأمن القومي إقليميًا وليس محليًا".

وفسّر الخبير الاستراتيجي أن الربط الكهربائي يحمل أبعادًا تخدم المنطقة أكثر من كونها تنموية وخدمية، إذ بتحقيقه "ستتكامل الدول في ميدان يحافظ على أمن للطاقة عابر للحدود".

تجربة مصر الرائدة

وتجربة مصر لا تتوقف عند البناء والتنمية، إذ يمثل ما تمتلكه من خبرة في مجال مكافحة الإرهاب، عامل جذب ونقطة قوة في شراكة وصداقة بين القاهرة وبغداد، ثمّنها السوداني في زيارته، باعتبارها "تجربة رائد في ترسيخ الأمن بالمنطقة".

في هذا الشأن، رجح الباحث السياسي، إبراهيم السراج، توقيع اتفاقية مشتركة بين البلدين في تبادل المعلومات حول الإرهاب والجماعات الإرهابية ضمن عدد من الاتفاقيات أعلن السوداني خلال زيارته للقاهرة، أنها قيد الدراسة للتوقيع، خلال أعمال اللجنة العليا المشتركة، المقرّر عقدها خلال شهر مايو أو يونيو المقبلين.

قال "السراج" إن ثمة مشترّكات ستفّعل التعاون المصري العراقي، في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وفي مجال تبادل المعلومات، مرجحًا "قد تكون هناك غرفة عمليات مشتركة لملاحقة نشاط الجماعات الإرهابية التي تستهدف العراق والمنطقة".