تأكيدًا على دورها الدولي.. مصر تقود إفريقيا نحو "حياة كريمة" لشعوبهم

  • Share :
post-title
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي

Alqahera News - شعبان الأسواني

تعد المبادرة المصرية "حياة كريمة" إحدى أهم المبادرات الدولية، التي تستهدف توطين أهداف التنمية المستدامة في المجتمعات الريفية؛ تلك المجتمعات التي تزداد تدهورًا في الدول الإفريقية، لذلك قد يكون من المفيد للجميع (مصر وباقي دول القارة الإفريقية) تصدير تجربة المبادرة للدول الإفريقية، في ضوء أن أهداف المبادرة تتلاقى مع العديد من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ورؤية إفريقيا 2063.

تأسيسا على ما سبق، يمكن الإجابة عن السؤال التالي: ما الانعكاسات الإقليمية، خاصة الإفريقية لمصر من مشروع حياة كريمة؟

تدهور إفريقي:

يشير العدد 26 من تقرير "نبض إفريقيا" الصادر عن البنك الدولي في 4 أكتوبر 2022، بعنوان "فرص النظام الغذائي توقيت عالمي مضطرب" (تقرير نصف السنوي يقدم تحليلًا لتوقعات الاقتصاد الكلي الإقليمي على المدى القريب) إلى أن النشاط الاقتصادي في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء يتباطأ وسط الرياح العالمية المعاكسة؛ مما يوقف جهود الحد من الفقر، حيث من المتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء إلى 3.3 في المئة في عام 2022، من 4.1 في المئة في عام 2021، بانخفاض قدره 0.3 نقطة مئوية عن توقعات تقرير نبض إفريقيا الصادر في أبريل 2022.

وقد أرجع التقرير، السبب في هذا الانخفاض إلى الصدمات المتعددة التي أثَّرت على الاقتصاد الإفريقي، والتي تشمل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتشديد الأوضاع المالية العالمية، وارتفاع التضخم الناتج عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود التي تفاقمت بسبب الأزمة الروسية ـــــ الأوكرانية، وظروف المناخ السيئة، وارتفاع مخاطر الديون.

فيما يرى التقرير أن معدل النمو المقدَّر لنصيب الفرد من الدخل في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء والبالغ 0.7 في المئة في عام 2022، غير كافٍ لتلبية الأهداف الصعبة المتمثلة في الحد من الفقر، وتعزيز الرخاء المشترك على المدى المتوسط إلى الطويل.

كما سيقتصر تأثير التعافي البطيء لمعدل نمو دخل الفرد عند 0.9 في المئة في عام 2023، و1.3 في المئة في عام 2024، على إعادة القارة إلى مسار الحد من الفقر التي كانت عليه قبل انتشار "كوفيد-19"، ويتوقع التقرير أن الأمر سيزداد تعقيدًا خلال الفترة المقبلة.

فيما يتوقع، تقرير لوحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) التابعة لمجلة الإيكونوميست البريطانية؛ الذي صدر في 25 أكتوبر 2022، تحت عنوان (Things to watch in Africa in 2023)، أن تظل ضغوط الأسعار المحلية في إفريقيا مرتفعة - على الرغم من أن التضخم سيتراجع عن أعلى مستوياته في عام 2022؛ الأمر الذي سيجعل معظم دول إفريقيا تلجأ لتشديد السياسة النقدية بصورة أكبر؛ كما يتوقع التقرير أن تواجه الاقتصادات الإفريقية أوقاتًا مضطربة في عام 2023؛ حيث ستقوض مجموعة من الصدمات الداخلية والخارجية آفاق النمو في المناطق الإفريقية المختلفة، وتهدد الاستقرار بها.

هذا ومن المتوقع، وفقًا لوحدة الاستخبارات الاقتصادية، أن تظل نسبة ديون القطاع الحكومي الإفريقي كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي-في المتوسط- أعلى من 60 في المئة خلال عامي 2022 و2023، فيما ستتجاوز بعض البلدان الإفريقية هذا المستوى بكثير.

وقد زادت الحكومات الإفريقية من اقتراضها -محليًا ودوليًا- وعادت نسب ديون القطاع الحكومي كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، إلى أعلى المستويات التي شوهدت مؤخرًا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قبل إعادة هيكلة الديون الهائلة لعام 2005، والتي تم تنفيذها تحت مظلة مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.

خطوات نحو تصدير المبادرة إفريقيًا:

فرضت مبادرة "حياة كريمة" نجاحها وأحقيتها للتعميم على الدول الإفريقية كافة، كما تم إدراج المبادرة ضمن أفضل الممارسات على منصة الأمم المتحدة من خلال تحقيقها لنموذج التنمية المستدامة بأركانه الـ 17، فقد قامت الحكومة المصرية بتنظيم زيارات عديدة من مسؤولي القارة الإفريقية لمحاكاة المبادرة.

وتتطلع مصر لدعم الدول الإفريقية الشقيقة لتلك المبادرة، ومشاركتهم الفاعلة في جولات المشاورات حول المبادرة التي عقدت في نهاية شهر سبتمبر 2022 بالقاهرة، حيث أسهمت تلك المشاورات في تعزيز التوافق والفهم المشترك للمبادرة وبما يمكنها من تحقيق أهدافها، وتحسين جودة الحياة في المناطق الريفية بإفريقيا، من خلال اتباع النهج الذي يدعم جهود القارة في مواجهة تبعات ظاهرة تغير المناخ.

لقد عرضت وزارة التنمية المحلية المصرية، في 20 مايو 2022، خلال جلسة حول المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير الريف المصري على هامش المشاركة في فعاليات الدورة التاسعة لقمة المدن الإفريقية (Africites 2022) والتي عقدت في مدينة "كيسومو" الكينية، أنه يمكن تعميم التجربة المصرية والاستفادة منها على المستوى الإفريقي لتحقيق الاستدامة متعددة الأبعاد في المدن الإفريقية، وذلك في ضوء وجود بعض المشكلات والتحديات المشتركة مثل انتشار ظاهرة الهجرة الريفية الحضرية وارتفاع كثافة السكان بالمدن وانخفاض المستوى التنموي.

قبول إفريقي للمبادرة:

في إطار تحقيق أجندة إفريقيا 2063، تسعي مصر لوضع كل خبراتها سواء من النواحي التنموية والحضرية والاقتصادية، أو الأمنية والسياسية لخدمة الدول والحكومات الإفريقية، حيث تعد البنية التحتية والنمو الحضري وإتاحة الفرص لـ "حياة كريمة" للمجتمعات المحلية هي الأساس لمجابهة التحديات التي تواجهها إفريقيا، وقد أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، في 31 أغسطس 2022، استعداد الدولة المصرية لتوفير جميع خبراتها المتاحة حول آليات تخطيط وتنفيذ مشروعات "حياة كريمة" إلى الأشقاء في دول القارة الإفريقية، لاسيما إذا ما تم تبنيها كمبادرة إفريقية.

كما أنه ضمن فعاليات الدورة الرابعة للجنة الفنية الثامنة التابعة للاتحاد الإفريقي والمعنية بموضوعات الخدمة العامة، والحكم المحلي، والتنمية الحضرية، واللامركزية، والتي تستضيف مصر اجتماعاتها عام 2022- تم تخصيص جلسة نقاشية بعنوان "حياة كريمة: مبادرة كنموذج للتحول الريفي الإفريقي"، في 31 أغسطس 2022، أكدت فيها الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن نجاح مبادرة حياة كريمة يُمثّل نقطة الانطلاق والدافع الرئيسي وراء حرص الدولة على نقل خبراتها للأشقاء الأفارقة من واقع ما حققته تلك المبادرة الرائدة من عوائد إيجابية على مستوى مختلف الأصعدة التنموية والاقتصادية.

وأعرب نائب المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لإقليم جنوب القارة الإفريقية عن رغبة عدد من دول منطقة جنوب القارة الإفريقية بزيارة مصر للتعرف على أرض الواقع حول ما تشهده القرى المصرية من تطوير في إطار مبادرة "حياة كريمة"، وكذا القطاعات الرئيسة التي يتدخل فيها البرنامج، وأثر ذلك على جودة حياة المواطنين ومستواهم المعيشي، بالإضافة إلى دراسة إمكانية حضور دورات تدريبية لكيفية التخطيط والمتابعة وتصميم المشروعات التنموية التي يتم تنفيذها في إطار المبادرة بالأسلوب المتبع في "حياة كريمة"، مؤكدًا أن المبادرة تعد نموذجًا جيدًا وناجحًا، وهناك فرصة لتعميمها وإطلاق مبادرات مشابهة لها على مستوى قارة إفريقيا.

في الختام، من المرجح أن تحقق مصر استفادة كبرى جراء التداعيات والانعكاسات المحتملة والمتحققة، من خطة نقل التجربة الناجحة لمبادرة حياة كريمة، في القارة الإفريقية، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز الدور الإقليمي والدولي لمصر، فقد أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في 16 أكتوبر 2022، أنها ستطلق مبادرتين مهمتين خلال مؤتمر المناخ كوب 27 تحت رعاية رئيس الجمهورية المصري، أولهما حياة كريمة لإفريقيا القادرة على التكيف مع تغير المناخ، والتي بُنيت على نجاح المبادرة المصرية "حياة كريمة" التي يتم تنفيذها حاليًا لتحسين المجتمعات الريفية في جميع أنحاء مصر، فمن خلال المبادرة، ستعمل الدول الإفريقية، جنبًا إلى جنب مع مختلف الشركاء، على تحسين نوعية الحياة في 30 في المئة من القرى والمناطق الريفية الأكثر ضعفًا وفقرًا في القارة بحلول عام 2030، بطريقة تراعي المناخ.