الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المخرج الليث حجو: رسالة الإمام امتداد للتجربة الفنية العريقة في مصر

  • Share :
post-title
المخرج الليث حجو

Alqahera News - نورا سمير- تصوير: عمرو حطب

- المسلسل مغامرةٌ محسوبة المعطيات استندت على عوامل مُبشرة
- ضيق الوقت كان عاملًا ضاغطًا.. وبعض المهام تطلبت منا السهر لليالٍ دون استراحة
- اللغة العربية الفصحى لم تكن اللسان الناطق لكل الطبقات الاجتماعية في مصر بهذا العصر التاريخي
- ظهور السيدة نفيسة أمر ليس مستحدثًا ووجودها في العمل لضرورة درامية
- قمنا بما يشبه عمليات تنقيب لكل مرجع يفيد في توثيق فكرة.. وفريق البحث والكتابة قدموا كل ما نحتاجه من مواد أرشيفية
- ضاعفت جهد القراءة لتنفيذ المسلسل بدقة.. والتفاصيل كانت بحاجة لدراسة عميقة
- القالب الدرامي هو الصيغة المقترحة لتقديم المادة التاريخية طالما لا يتعارض مع التاريخ ولا يساهم في تزوير حدث ما
- "حُسن" تمثل آلاف النساء المصريات اللاتي كن حاضرات في تاريخ وحضارة مصر

برؤية إبداعية خاصة وبصمات فنية لا تخطئها العين يصيغ المخرج السوري الليث حجو أعماله الفنية المختلفة، إذ تألق عبر العديد من المسلسلات السورية البارزة ومنها "بقعة ضوء" و"ضيعة ضايعة" و"فنجان الدم" وغيرها من الأعمال المميزة، التي تمتلئ بها خزانة إبداعه الفني، ويتألق هذا العام من خلال الدراما التاريخية الدينية "رسالة الإمام" في أولى تجاربه الفنية بمصر، ليستمتع متابعو العمل طوال شهر رمضان المنقضي بعمل متكامل على مستوى الإخراج والتمثيل وصورة بصرية مميزة، أعاد به التألق للدراما التاريخية المصرية الغائبة منذ سنوات عديدة.

يؤمن الليث حجو بأن العمل الفني يجب أن ينجح في إيصال أفكار ورسائل للمشاهدين، ملتزمًا بمعايير الجودة الفنية، والإخلاص لمهنته، ليقدم للجمهور العربي ملحمة تاريخية دينية ستبقى لسنوات مَرجعًا مهمًا من خلال مسلسل "رسالة الإمام" الذي يحكي عن آخر سنوات قضاها الإمام الشافعي في مصر، مُركزًا على أفكاره ومنهجه، ومع النجاح الكبير للعمل والإشادة النقدية والجماهيرية التي حظي بها، وضع الدراما التاريخية المصرية من جديد على منصة التألق، ما يبشّر بأعمال أخرى مُقبلة، رغم كل التحديات التي واجهها العمل التي تحدث عنها المخرج السوري البارز في حواره لموقع "القاهرة الإخبارية"، متوقفًا عند نقاط غاية في الأهمية بالعمل الدرامي، متحدثًا أيضًا عن حجم الجهد المبذول على المستوى البحثي والتحضير للعمل واختيار الممثلين وتوظيفهم ونقاط كثيرة في الحوار التالي:

كيف ترى عودة إنتاج المسلسلات التاريخية بعد غياب سنوات في مصر؟

على مدار سنوات عديدة قدمت الدراما المصرية أعمالًا تاريخية كثيرة، وحاضرة على مستوى الوطن العربي، وهذه الأعمال حتى مع تراجع إنتاجها من حيث الكم ربما، إلا أنها لا تزال حاضرة في الذاكرة الجمعية للمُشاهد العربي، لذا ربما من الأجدى بالنسبة لي القول بإن العمل إذا كنتِ تقصدين "رسالة الإمام" هو امتداد واستمرارية للتجربة الفنية العريقة في مصر.

على الصعيد الشخصي.. ما الذي يمكن أن تقوله عن هذه التجربة بشكل عام؟

من المؤكد أن هذه التجربة تعني لي الكثير على عدة مستويات، وإن كانت بمثابة مغامرة بالنسبة لشركة الإنتاج التي تُشكر على تصديها لمشروع بهذه الحساسية، إلا أنني أعتقد أنها مغامرةٌ محسوبة المعطيات إلى حدٍ كبير، فقد استندت على الكثير من العوامل التي كانت مُبشرةً، من حيث توفير الإمكانيات المطلوبة، ومشاركة نجوم ومواهب لافتة في العمل، وبالطبع وجود طاقم عمل من الفنيين الذين يستحقون أن ترفع لهم القبعة على جهودهم المبذولة، وفوق هذا كله كان شعور التبني لهذا المشروع والجدية في التعاطي معه التي تشاركها فريق العمل على اختلاف اختصاصاتهم من أكثر عوامل الأمان التي ساعدتنا في كل مرة تعرضنا فيها لعقبة من عقبات العمل، ونتمنى أن نكون على قدرٍ من الأهلية لنقدم ما يليق بالجمهور العربي والمصري.

تحدثت عن العقبات والتحديات.. هل كان ضيق الوقت أحد هذه التحديات؟

بالتأكيد الوقت كان عاملًا ضاغطًا، تطلب منا العمل بجهود مضاعفة على جميع المستويات، ورغم أن بعض المهام تطلبت منا مواصلة السهر لليالٍ عديدة تقريبًا دون استراحة، إلا أن الحماس تجاه إنجاز المطلوب والمسؤولية التي تقع على عاتقنا كفريق جعلت من الأمر ما يشبه التحدي الذي لا خيار فيه سوى إنجاز المطلوب في الوقت المطلوب، مع محاولة الحفاظ على ما نرجوه من مستوى لائق.

ما مفتاح خطة العمل بالنسبة لك كمخرج هذا المسلسل؟

بالنسبة لي البحث هو مفتاح خطة العمل بغض النظر عن المرجعية الزمنية أو طبيعة العمل، لكن في "رسالة الإمام" لم يكن الأمر اعتياديًا، بل كان عليّ مضاعفة جهود البحث ومضاعفة ساعات القراءة ومواصلتها ربما حتى وصلنا للمشهد الأخير في التصوير، كل ما يتعلق بالعمل ذي خصوصية تاريخية ودينية وبالطبع درامية، لذا التفاصيل كانت بحاجة إلى دراسة عميقة، طبعاً هذا بموازاة الجهود البحثية المعمقة لفريق الباحثين في العمل ومواصلة ما يشبه عمليات التنقيب عن كل مرجع قد يفيد في توثيق فكرة أو تجذير حادثة، وهذه مناسبة لشكر كل من ساهم في البحث بهدف بنّاء وإغناء المشروع.

لكن هناك الكثير من الشخصيات غير الموجودة في التاريخ.. كشخصية "حُسن" التي لعبتها الفنانة أروى جودة والكثير من الشخصيات في العمل؟

بالتأكيد هذا صحيح، لأننا حين نقدم مادة درامية فهذا يعني أن نقدم كل نتائجنا البحثية ضمن إطار درامي وحكاية مشوقة ومؤثرة، وأحيانًا مُسلية وهذا تمامًا ما يميز أن تقرأ كتابًا أو تتابع عملًا وثائقيًا ،عن أن تتابع مسلسلًا تلفزيونيًا، في النهاية القالب الدرامي هو الصيغة المقترحة لتقديم المادة التاريخية طالما أنها لا تتعارض مع التاريخ ولا تساهم في تزوير حدث ما.

أما عن "حُسن" كمثال فهي ليست شخصية تاريخية بعينها، لكنها اختزال وكناية عن آلاف النساء المصريات اللاتي كن حاضرات في تاريخ وحضارة مصر، مصر التي امتلكت الكثير من المنجز الحضاري على مستوى الصناعة والكيمياء والاكتشاف، فكانت مقصدًا للفقهاء والعلماء وطالبي المعرفة المتعطشين للعلوم والحضارة، ومنهم كمثال "الشافعي" بطل حكاية عملنا.

هل كان استخدام اللهجة العامية خيارًا فنيًا؟

استخدام اللهجة العامية بالأساس كان خيارًا تاريخيًا، فخلال البحث تأكدنا من اللهجة التي كانت سائدة في مصر في تلك الآونة، وأن هناك تفاوتًا ما بين استخدام اللهجة العامية والفصيحة بين طبقات المجتمع كلٌ حسب تعليمه ومرتبته ومهنته ربما، فكان الخيار بالضرورة مستندًا لحقيقة تاريخية مثبتة، وكانت مهمتنا التدقيق في كل المفردات التي كانت مستخدمة، فهي بالتأكيد مُختلفة عن اللهجة العامية المعاصرة، وهذا تطلب جهدًا كبيرًا، وعلى صعيد آخر كان من الصعوبة بمكان بالنسبة لنا هذا التمايز في لسان الشخصيات، فأهل العلم والفقهاء تحدثوا باللغة العربية الفصيحة الصرفة، في حين أن الباعة والعامة استخدموا اللهجة المصرية القديمة مثلًا.

ما معايير اختيارك للممثلين وطاقم العمل خصوصًا أنه العمل الأول لك في الدراما المصرية؟

صحيح هذا العمل هو الأول لي كمخرج في الدراما المصرية، لكن هذا لا يعني بالطبع أنني لا أتابع الحركة الفنية عمومًا وربما بطبيعة الحال المصرية خصوصًا، وبإمكاني بالتأكيد من خلال متابعتي للدراما المصرية لسنوات سابقة والسنوات الأخيرة تمييز ومعرفة أسماء ومواهب المشتغلين فيها، هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية جوهر عمل المخرج كالتقاط لما يمتلكه الممثل من إمكانيات على الصعيد الجسدي من حيث الشكل أو الموهبة ومن حيث الأداء وطبيعة الصوت،

هذا لن يختلف كثيرًا فيما إذا كان العمل خارج الحدود الجغرافية لبلد هذا المخرج، والأمثلة كثيرة على هذا، وربما تبدو الجملة مطروقة إلا أنها حقيقية "الفن خارج معايير الجغرافيا والحدود".

هل كانت هناك تخوفات من فكرة ظهور شخصية السيدة نفيسة في المسلسل؟

سبق أن ظهرت شخصية السيدة نفيسة في أعمال فنية من قبل، إذن الأمر ليس مستحدثًا، كما أن وجودها في العمل لضرورة تاريخية، لأنها كانت في الفسطاط بمصر بالتزامن مع قدوم الشافعي، فكان لا بد أن يلتقي بها، وأعتقد أن وجود هذه الشخصية كان إضافة فنية على حكاية العمل.

هل ستكرر العمل مجددًا في مصر.. خاصةً أن تجربتك العام الماضي في مصر كانت من خلال مسلسل "السفربرلك" هنا، وهذا العام "رسالة الإمام" كما أنها ليست التجارب الأولى لك على الصعيد العربي.. فلك أعمال في لبنان وفي السعودية أيضًا وفي تونس؟

حقيقةً المشروع الجيد الذي فيه إرضاء لشغفي وطموحي كمخرج هو أول اعتباراتي في الاندفاع لعمل أو رفض سواه، وكل التجارب التي ذكرتها تعني لي، فهي مشاريع بذلت فيها كل ما يمكنني لتقديمها بشكل لائق، لكن من غير المختلف عليه أن مصر بلد صاحب منجز فني درامي متقدم، وتجارب لافتة تزداد ألقاً عاماً بعد عام، تجارب يغذيها مواهب في جميع الاختصاصات الفنية، كما أن الجمهور المتلقي جمهور متميز، وهذه كلها دوافع لي بكل تأكيد للعمل مجدداً في حال توافر شرط مشروع جيد.

المخرج الكبير حاتم علي كان يعد الأب الروحي للدراما السورية.. حدثنا عن تجربتك معه وماذا تعلمت منه؟

لي مع المخرج الكبير حاتم علي مشوار عمر طويل، إذ بدأت معه مساعد مخرج في عام 1998، وكان حريصًا على العمل، واكتساب المعرفة والثقافة جزء من تكوينه المهني، ولا نستطيع فصل شخصه ومخزونه الفكري عن منجزه الفني، فهذه من أهم مميزاته.

انت ابن الفنان الكبير عمر حجو.. ماذا أضاف لك على المستوى الفني والشخصي؟

تعلمت من والدي الحرص والالتزام بأخلاقيات المهنة وجديته، فهو من الجيل الذي حارب من أجل إثبات أهمية الفن، حقيقةً لا يمكنني حصر ما تعلمته من والدي لكن أقول أنني تعلمت منه كل ما أتيح لي تعلمه، حيث كنت أشعر أنه متدفق ومتجدد بحماسته وشغفه وإيمانه في العمل بحيث لا يمكنك احتواء تجربته وحصرها في عنوان أو أسطر للحديث.

أخيراً.. هل تحرص على عدم الغياب عن أي موسم درامي؟

بالتأكيد، لكن مفهوم الغياب نسبي، لا أرى أن الحضور بعمل غير مقنع هو حضور، وأرى أن تقديم مُنجز لائق إلى حدٍ ما كفيل بتثبيت حضور صناعة، وبهذا أريد القول إن ما أحرص عليه هو عدم الاستخفاف بالجمهور ومحاولة تقديم ما هو مؤثر بكل طاقتي، أما مسألة "التواجد" فهي خارج إطار حساباتي بالتأكيد.