الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"إف-16".. هل يخيّب الصقر الأمريكي آمال الأوكرانيين في حسم سريع للمعركة؟

  • Share :
post-title
المقاتلة إف-16

Alqahera News - محمود غراب

استبعد محللون أن تُحدِث المقاتلات "إف- 16" أمريكية الصنع - الملقبة بالصقر الأمريكي -، تغييرًا سريعًا في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، حال تزويد الغرب كييف بها، وذلك بسبب عدد من العقبات، تتعلق بتدريب الطيارين وفرق الصيانة وحماية المقاتلات وتوفير الذخائر باهظة الثمن.  

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعرب عن مساندته لتدريب الطيارين الأوكرانيين على المقاتلات "إف 16"، خلال حضوره قمة مجموعة السبع الصناعية في هيروشيما، التي اختتمت أعمالها أمس الأحد.

وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي في اليابان، بعد أيام من إعلان بريطانيا وهولندا العمل على تشكيل تحالف دولى لمساعدة أوكرانيا في الحصول على المقاتلات "إف- 16" في إطار سعيها لتعزيز دفاعاتها ضد الهجمات الجوية الروسية.

ورحّب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بقرار نظيره الأمريكي، قائلا في تغريدة على "تويتر": "هذا القرار سوف يعزز قدرات جيشنا في السماء".

لكن المحللين يحذرون من أن المقاتلات ليست علاجًا للجميع، ولديها نقاط ضعف تدركها موسكو جيدًا ويمكن أن تستغلها.

وذكرت شبكة "سى. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، نقلًا عن أحد الطيارين في الخدمة الذى يقود المقاتلة "إف 16"، إن التوقعات قد تكون عالية جدًا، قائلا: "بالنسبة للسؤال بأن إف- 16 ستكون صانعة الفارق، ليس كذلك".

قدرات إف-16

تجدر الإشارة إلى أن المقاتلة "إف- 16" ذات محرك واحد، ومتعددة المهام، ما يعنى أنه يمكن استخدامها في مهام هجوم جوى أو أرضى. وتقول القوات الجوية الأمريكية إن المقاتلة "إف- 16" التي كان أول تحليق لها في السبعينيات، نظام تسليحها منخفض نسبيا ومرتفع الأداء.

وتمتلك الكثير من الدول مقاتلات "إف- 16"، ولا تزال 2200 مقاتلة في الخدمة حول العالم، وفق دليل القوات الجوية العالمية "فلايت جلوبال"، ما يجعلها المقاتلة الأكثر انتشارًا حول الكوكب بـ15% من أسطول العالم.

لكن بالنسبة للمقاتلات "إف- 16" المزمع تزويد أوكرانيا بها، من المتوقع أن تكون من طرازات أقدم من تلك الموجودة في أساطيل حلفاء الولايات المتحدة، خاصة في أوروبا الغربية.

ويقول المحللون إن مقاتلات "إف- 16"، التي سوف تحصل عليها أوكرانيا ليست الأقدم، لكن طائرات خضعت لما يسمى "تحديثات منتصف العمر"، ما يعني أنها حصلت على تحسينات في إلكترونيات الطيران والبرمجيات.

وتقول أوكرانيا إنها تحتاج لنحو 200 مقاتلة "إف- 16"، وهو العدد المتوقع توفيره، وفق روبرت هوبكنز، كاتب طيران عسكري وطيار سابق في سلاح الجو الأمريكي، الذى قال إن هناك فائضًا من تلك المقاتلات في الدول الغربية، ما يوفر مسارًا لوجيستيًا جيدًا.

لكن "هوبكنز" لفت إلى وجود مقاتلات من طرازات أخرى قدراتها تفوق "إف 16" لكن أقل في العدد وليست متاحة للنقل. من تلك المقاتلات ذات القدرات الأكبر، على سبيل المثال، "إف -35" و"إف/ أيه-18" أمريكية الصنع، ورافال الفرنسية.

وهناك المقاتلة سويدية الصنع "جريبين" الأفضل من الناحية الفنية، بسبب قدراتها القتالية، إضافة إلى قدرتها على العمل من قواعد صارمة، وسهولة صيانتها، لكن معدل إنتاجها منخفض، ولا توجد وفرة منها، وفق بيتر لايتون الزميل في معهد جريفيث آسيا والضابط السابق في القوات الجوية الملكية الأسترالية.

وأوضح "لايتون" أن هولندا قد تكون أفضل وجهة تزود أوكرانيا بمقالات "إف- 16"، مشيرًا إلى امتلاك الهولنديين نحو 40 مقاتلة "إف- 16"، التي خضعت لتحديثات بشكل تدريجى، وتزويدها برادارات وإلكترونيات طيران حديثة نسبيًا، وهي قادرة على استخدام أسلحة متطورة.

ويقول المحللون إن العدد الوفير من مقاتلات "إف- 16" في الخدمة حول العالم، يعنى وجود مسار لوجيستى راسخ، وعدد جيد من قطع الغيار المتاحة، وهى مكونات مهمة للحفاظ على قدرة الطائرات القتالية.

التدريب يستغرق شهورًا

لكن يلفت المحللون إلى أن تدريب أفراد صيانة المقاتلات الحديثة مثل "إف- 16" قد يستغرق مدة أطول من تدريب الطيارين. ويقول لايتون: "أعتقد أنه من الممكن تعليم الطيار الأوكراني قيادة المقاتلة إف- 16 في غضون ثلاثة أشهر".

لكن تدريب أفراد الصيانة قد يستغرق شهورًا أو سنوات، وهذا يعتمد على المستوى المرغوب من الكفاءة، وفق التقرير الصادر في مارس الماضي من خدمة أبحاث الكونجرس، عن عمليات النقل المحتملة لطائرة "إف- 16".

وحتى بعد الخضوع لما يصل إلى 133 يومًا من التعليم، يكتسب مشرف القوات الجوية الأمريكية عامًا من الخبرة أثناء العمل ليصبح مؤهلاً تمامًا.

ولفت تقرير أبحاث الكونجرس إلى عدد من المشكلات، منها حاجة مقاتلات "إف-16" إلى كثير من الصيانة.

وبالنسبة لتدريب الطيارين، كما يقول لايتون وطيار "إف- 16" في الخدمة، فإنه يستغرق 3 أشهر لتعلم الأساسيات، والإقلاع بالطائرة، والتحليق والهبوط بسلام. هذا علاوة على الأدوار القتالية التي تعد أكثر تعقيدًا.

ونقلت "سى. إن. إن" عن طيار الـ"إف-16" في الخدمة، إن من السهل تعلم مهارات التحليق، لكن توظيف تلك المهارات بفاعلية في بيئة تهديد ديناميكية قد يستغرق سنوات.

وقال الطيار: "تعلم التحليق بالطائرة جزء واحد من المعركة، الطيارون الأمريكيون يتعلمون أولًا التحليق، ثم يتعلمون كيف يقودون مقاتلتين إف- 16، ثم أربع مقاتلات. وتلك العملية متعددة السنوات، وهذا فقط للوحدة التكتيكية الأساسية للتوظيف".

وقال "لايتون" إن الطيارين الأوكرانيين الحاليين للمقاتلات أثبتوا مهارتهم، ويمكنهم التعلم أثناء العمل في طائرات "إف -16" إذا اقتصروا على الدفاع الجوي، وإسقاط الطائرات أو الصواريخ الروسية، على المدى القصير.

لكن الأمر يستغرق وقتا أطول في حال تعليم الطيارين الأوكرانيين، التحليق على ارتفاعات منخفضة وتنفيذ هجوم ليلى في جميع الأحوال الجوية، باستخدام أنظمة الأشعة تحت الحمراء والقنابل الموجهة بالليزر.

صعوبة حماية إف-16 من الروس

وهناك عقبة أخرى تتمثل في صعوبة حماية المقاتلات "إف-16" من الاستهداف الروسي، إذ يعمل هذا الطراز بشكل أفضل على مدارج طويلة وممهدة، وفق ما كتب المحللان في مؤسسة "راند" الأمريكية جون هوين وويليام كورتني، في مدونة في وقت سابق من هذا الشهر، مشيرين إلى أن أوكرانيا تحتاج إلى إعادة رصف عدد من مدارج الطائرات، وربما تمديدها، وهي عملية من المرجح أن تكتشفها روسيا.

وقال المحللان: "إذا كان عدد قليل فقط من المطارات مناسبًا وفي مواقع معروفة، فإن الهجمات الروسية المركزة يمكن أن تعرقل طائرات إف-16 الأوكرانية من الطيران".

ذخائر باهظة الثمن

وبافتراض أن أوكرانيا يمكنها التغلب على عقبات الخدمات اللوجستية والصيانة، والعثور على مدارج آمنة يمكن من خلالها التحليق بمقاتلات "إف -16"، فإنها لا تزال بحاجة إلى الأسلحة المناسبة لتكون فعّالة ضد الطائرات المقاتلة الرئيسية التي تستخدمها روسيا، مثل "سو-25" و"ميج-31"، وفقًا للمحللين.

ويؤكد تقرير خدمة الكونجرس، أن مزايا نقل الطائرات المقاتلة الغربية المتقدمة في السعي وراء التفوق الجوي، من المرجح أن تتحقق فقط، إذا تم إرفاقها بكميات كبيرة من الذخائر غربية الصنع.

لكن الأسلحة الغربية المتقدمة لطائرات "إف -16" ستكون باهظة الثمن. على سبيل المثال، يتكلف صاروخ واحد من طراز " أمرام" جو-جو المتقدم متوسط المدى نحو 1.2 مليون دولار، كما تقول خدمة أبحاث الكونجرس، مضيفة أن صنع صاروخ واحد يستغرق نحو عامين.

ويمكن للولايات المتحدة أن توفر صواريخ من طراز" أمرام" وغيرها من الأسلحة من مخزونها، ولكن مع فترات التصنيع الطويلة، فإنها تخاطر باستنفاد مخزوناتها إذا لزم الأمر في صراع تشارك فيه القوات الأمريكية بشكل مباشر.