الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حل أزمة سقف الدين.. الكونجرس يسابق الزمن لرأب صدع الانقسامات داخله

  • Share :
post-title
الكونجرس الأمريكي ـ أرشيفية

Alqahera News - مروة الوجيه

بعد صراع قوي بين أعضاء مجلس النواب الأمريكي (ذي الأغلبية الجمهورية) والرئيس جو بايدن، اجتاز التشريع التوافقي بين كيفن مكارثي رئيس المجلس والرئيس الأمريكي عقبة مهمة في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، بعد أن أقرته لجنة القواعد وأرسلته إلى الجلسة العامة للمجلس بكامل هيئته، لبحثه والتصويت عليه، اليوم الأربعاء.

كان الاتفاق الذي تم بين بايدن ومكارثي لتعليق سقف الدين الفيدرالي البالغ 31.4 تريليون دولار، جاء بعد صدام أولى بينهما على الأزمة نفسها، إذ جاء تصويت لجنة القواعد بواقع 7 إلى 6 لصالح التشريع الذي يقضي بتعليق سقف الدين حتى أول يناير 2025، ما يسمح لبايدن والمشرّعين بتأجيل هذه القضية المحفوفة بالمخاطر السياسية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024.

وتسارع الإدارة الأمريكية ومجلس النواب في إقرار هذا الاتفاق قبل 5 يونيو المقبل، وهو الموعد الذي أعلنته رئيسة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، بأنه آخر يوم لمواجهة أزمة نفاد أموال الخزانة، ومواجهة العجز عن سداد ديونها لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، وفي حال أقر مجلس النواب مشروع القانون، سيحيله إلى مجلس الشيوخ لبحثه والتصويت عليه.

اتفاق متوتر

ويدفع الاتفاق الجديد، الذي جاء في 99 صفحة، بتعليق حد الاقتراض لمدة عامين، والحد من الإنفاق الحكومي خلال تلك الفترة، الأمر الذي من شأنه أن يخفّض الإنفاق على الأولويات المحلية التي يفضلها الرئيس وحزبه الديمقراطي، بينما يعزز الاتفاق زيادة الإنفاق العسكري بنحو 3%، كما أنه يوسّع نطاق القيود المفروضة على تقديم المساعدات الغذائية الفيدرالية لحث المستفيدين على البحث عن وظائف، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز". 

كذلك تسريع منح التراخيص لبعض مشاريع الطاقة، مثل بناء خط أنابيب غاز طبيعي جديد من ويست فرجينيا إلى فيرجينيا، الذي تبناه المشرّعون الجمهوريون، بالإضافة إلى تخفيض ما يسمى بالبرامج التقديرية غير الدفاعية، التي تشمل إنفاذ القانون المحلي وإدارة الغابات والبحث العلمي وغيرها، للسنة المالية 2024. وسيحصر كل الإنفاق التقديري على نمو بنسبة 1% في عام 2025، وهو فعليًا تخفيض في الميزانية، لأنه من المتوقع أن يكون ذلك أبطأ من معدل التضخم.

أزمة "التصويت"

وعلى الرغم من الصفقة المبرمة، السبت الماضي، بين مكارثي وبايدن، إلا أن هناك قوة معارضة داخل الكونجرس حول بنود هذا الاتفاق، سواء من التيار التقدمي بالحزب الديمقراطي، الذي يرفض أي تخفيض للإنفاق في برامج الرعاية الاجتماعية، أو من التيار اليميني المتشدد، في الحزب الجمهوري الذي يرى أن الاتفاق لم يذهب بعيدًا بما يكفي للحد من الإنفاق الفيدرالي.

وبعيدًا عن هذه الخلافات، تطفو على السطح نقاط وعقبات إجرائية سواء داخل مجلس النواب، أو مجلس الشيوخ، قد تُعقّد السعي لتجنب تخلف غير مسبوق عن السداد بحلول الاثنين المقبل.

أزمة "التقدمي" و"المتشدد"

ويرفع الاتفاق الراهن حد الدين الحالي البالغ 31.4 تريليون دولار حتى عام 2025 مع وضع حد أقصى للإنفاق التقديري غير الدفاعي عند 704 مليارات دولار للسنة المالية 2024.

وقاوم الحزب الجمهوري المطلب الديمقراطي بالتكافؤ بين الإنفاق الدفاعي والرعاية الاجتماعية، إذ يزيد الاتفاق الإنفاق الدفاعي بنحو 3% في السنة المالية 2024 وترفعه إلى 895 مليار دولار في السنة المالية 2025.

ويرى التيار المتشدد بالحزب الجمهوري أن هذا أقل من معدل زيادة نسب التضخم ولا يقترب من المستوى المطلوب لمواجهة التهديدات العالمية المتزايدة خاصة من الصين.

في المقابل، أعرب أعضاء التيار التقدمي الديمقراطي عن رفضهم لتنازلات بايدن، وعلى رأسها التضحية بالإعانات الاجتماعية والغذائية للعاطلين عن العمل من كبار السن.

وتعهد أعضاء الكونجرس من التيارين بالتصويت برفض مشروع القرار أمام الكونجرس.

إجراءات تنفيذية

وفي حال موافقة مجلس النواب في تصويت غدًا الأربعاء، فسيواجه المشرّعون جدولًا زمنيًا مضغوطًا لرفع مشروع القرار أمام مجلس الشيوخ، وقد يستغرق تمريره أيامًا تتخطى فرصة الخمسة أيام المرجوة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الجمهوريين في مجلس النواب استخدموا الفرصة الوحيدة التي أتيحت لهم لاختصار العقبات الإجرائية الطويلة لمجلس الشيوخ. وتخضع معظم مشاريع قوانين مجلس الشيوخ لتصويتين، تصويت يوافق فيه مجلس الشيوخ على وقف النقاش، ومن ثم الانتقال إلى الإقرار النهائي بالتصويت على مشروع القانون.

ويتطلب الانتقال للتصويت النهائي أغلبية 60 صوتًا، ويمكن أن تضاف عدة أيام في حال وجود معارضة في ظل الانقسام الحاد في المجلس الذي يتشكل من 51 عضوًا ديمقراطيًا مقابل 49 جمهوريًا.

وعلى الرغم من أن مكارثي وبايدن، قد أمضيا الأيام الماضية في الترويج نحو الاتفاق لضمان إيجابية تصويت الحزبين في غرفتي الكونجرس (النواب والشيوخ) إلا أنه يمكن للمعارضين لمشروع القانون أن يبطئوا تمريره، ما يهدد بعرقلة الجهود الرامية إلى تجنب تخلف الحكومة الأمريكية عن سداد وهو الأمر الذي يهدد بحدوث فوضى اقتصادية في الولايات المتحدة والاقتصادات العالمية.

وقال بعض المحافظين (الجمهوريين) في مجلسي النواب والشيوخ إنهم يعارضون الصفقة لأنها "لا تذهب بعيدًا بما يكفي للحد من الإنفاق الفيدرالي"، في حين أن بعض التقدميين (الديمقراطيين) يتهمون بايدن بالرضوخ لتقييد الإنفاق بصورة كبيرة.

وقال "مكارثي"، في مؤتمر صحفي الأحد الماضي، إنه يتوقع أن يدعم أكثر من 95% من الجمهوريين في مجلس النواب مشروع القانون.

احتدام الصراع

ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" فإن أعضاء الحزب الديمقراطي يرون تخفيض الإنفاق الحكومي الخاص بالإعانات الاجتماعية والغذائية للعاطلين عن العمل وكبار السن قد يؤدي لمواجهة أصحاب الأجور الضعيفة لأزمة توفر الغذاء، وخاصة أن المنتفعين من مشروعات قواسم الطعام هم أكثر من سيعانون من تخفيض الإنفاق الحكومي على هذه المعونات.

من جهة أخرى، عرضت الصحيفة انقسامات أعضاء الكونجرس حول بنود الاتفاق بين أعضاء الحزبين، إذ إنه حتى الوقت الراهن لم يتم الاتفاق بصورة نهائية على تمرير هذا المشروع لمجلس الشيوخ.

كما قالت كارين جين بيير، متحدثة البيت الأبيض، إن الرئيس جو بايدن أجرى محادثات مع نحو 100 من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونجرس ليضمن دعمهم في التصويت على مشروع القرار.

وقال هاكيم جيفريس، زعيم الأقليات في الكونجرس، إن أعضاء الحزب الديمقراطي وعدوا بضمان نحو 150 صوتًا للتصويت لمشروع القرار لكن ما نراه أنه يوجد انقسام في الحزب نفسه حول بنود الاتفاق "وهو الأمر الذي يضعنا في أزمة حتي عشيت التصويت".

مطالب بإلغاء سقف الدين

وقالت براميلا جايابال، رئيسة المؤتمر الحزبي التقدمي في الكونجرس إنه إذا فاز الرئيس بايدن في انتخابات 2024 يجب عليه العمل على إلغاء سقف الدين بعد هذه الأزمات المتوالية، وأضافت جايابال: "ألقي باللوم على رئيس النواب مكارثي بسبب ما وصلنا إليه من هذه النقطة المتأزمة.. والآن ونحن في مواجهة أزمة اقتصادية حرجة مع وجود انقسامات بين النواب حول التصويت على مشروع القرار فإن مكارثي يجب عليه العمل لضمان جمع أصوات نواب الكونجرس للموافقة على اتفاقه مع الرئيس الأمريكي".

في المقابل وصل غضب النواب الجمهوريين، وخاصة من "تجمع الحرية" إزاء موافقة مكارثي على مشروع قانون تعليق سقف الدين حتى عام 2025 دون اقتطاعات كبيرة من الإنفاق الحكومي، لدرجة تهدد بتفتيت تلك الوحدة.

ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن تشيب روي، النائب الجمهوري عن ولاية تكساس، قوله، إن مؤتمر "كتلة الحرية" في مجلس النواب الذي عُقد ظهر، أمس الثلاثاء، "شهد خلافات حادة"، ودعا إلى "تصفية حسابات".

أما دان بيشوب، النائب الجمهوري عن ولاية نورث كارولينا، فقال إن التصويت على اتفاق تعليق سقف الدين "مصيري في تحديد المسار السياسي لجميع النواب الجمهوريين"، متهمًا مكارثي بـ"التنازل" عن الوحدة التي شكلها النواب الجمهوريون في محادثات وراء الكواليس أفضت إلى تنصيبه رئيسًا للمجلس.

ويتطلب الانتقال للتصويت النهائي أغلبية 60 صوتًا، ويمكن أن تُضاف عدة أيام في حال وجود معارضة في ظل الانقسام الحاد في المجلس الذي يتشكل من 51 عضوًا ديمقراطيًا مقابل 49 جمهوريًا.

ويرى بعض الخبراء أنه حتى لو تخلّفت الحكومة عن دفع بعض الفواتير في الوقت المحدد في الخامس من يونيو بسبب العراقيل داخل الكونجرس، فلن يكون هناك عواقب واسعة النطاق، وستتعامل الأسواق مع هذا التخلف كتأخير إجرائي وليس إخفاقًا جوهريًا من قِبل الحكومة الأمريكية عن الوفاء بالتزاماتها.