الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

العملات المشفرة.. تداولات غير آمنة وأموال دون رقابة وبورصات في مهب الريح

  • Share :
post-title
بورصات العملات الرقمية

Alqahera News - محمد عادل

شهدت المعاملات المالية نقلةً نوعيةً لاقت استحسان عديد من المستثمرين والمساهمين، حينما ظهرت العملات الرقمية -صاحبة المكاسب الخيالية- وبات حلم الثراء هو لغة إقناع مسوقيها للعملاء، فهناك أموال طائلة لا يعلم مصدرها، ولا تخضع لأي رقابة أودعوها حالمو الثراء في تداولات العملات الرقمية التي ارتبطت بشكل قوي بالقيمة السوقية للدولار، وانبثق منها "العملات المشفرة"، ومع تقلب الأسواق المالية وهبوط الدولار، والاستمرار في رفع سعر الفائدة لكبح جماح التضخم الناتج عن الأزمة الروسية الأوكرانية؛ انهارت التداولات الرقمية.

ومع إفلاس بورصة العملات المشفرة (تُعدُّ جزءًا من العملات الرقمية) إف تي إكس FTX، انهارت أسواق العملات الرقمية تباعًا، إذ هبط سعر عملة "بيتكوين" عند مستويات 16 ألف فاقدة أكثر من 8 في المئة من قيمتها.

وفقدت "بيتكوين" 75 في المئة من قيمتها المسجلة في نوفمبر الماضي، والمبيعات الحادة تأتي من مستثمري المؤسسات وفق بنك مورجان ستانلي، مع تراجع حجم التداول على كوين بيز بأكثر من 80 في المئة، بسبب سحب المؤسسات الاستثمارية أموالها، وهو عكس ما حدث في عام 2018، عندما كان التراجع بنسبة 80 في المئة من بيع المستثمرين الصغار ومستثمري التجزئة للعملات.

وأعلنت بورصة FTX، إحدى كبرى بورصات العملات المشفرة في العالم، أمس الجمعة، أنها ستقدم ملفًا بشأن الإفلاس، مع استقالة رئيسها التنفيذي، سام بانكمان فرايد، بعد كشف فضيحة تداول أثارت استفسارات تنظيمية للشركة.

في نوفمبر الماضي، بلغت أسعار البيتكوين ذروتها حول مستوى 60.000 دولار، وتجاوزت القيمة الإجمالية لجميع العملات المشفرة 3 تريليونات دولار، بارتفاع من نحو 500 مليار دولار بنهاية عام 2020، وبلغ عدد العملات المشفرة المتداولة أكثر من 16 ألف عملة فردية بقيادة البيتكوين، وبلغ إجمالي أحجام التداول اليومية أكثر من 275 مليار دولار على أكثر من 400 منصة، بحسب وكالة بيانات وكالة "رويترز".

ورغم التحذيرات من المؤسسات الدولية والبنوك والخبراء من عدم استقرار تلك العملات، فإن صعود أسعار هذه العملات لمستويات قياسية لا يمكن توقعها، فهي الجاذب الوحيد لأنظار المستثمرين الشرعيين وغيرهم، لتحقيق الثراء السريع، وملاذ لاختفاء مصادر الأموال للخارجين عن القانون حول العالم.

أطلقت بورصة FTX بواسطة مستثمر العملات المشفرة "سام بانكمان فرايد" خلال عام 2019، بعد أن تربح بمليارات الدولارات من تداول عملات البيتكوين، وتُعدُّ FTX واحدةً من أكثر بورصات العملات الرقمية شهرة في العالم، حيث يتعدى حجم التداول اليومي من خلالها 2 مليار دولار.

وجدير بالذكر أن بورصة FTX موجودة في أكثر من 200 دولة حول العالم، ولكنها غير متوفرة في الولايات المتحدة واليابان وبعض الأسواق الرئيسية الأخرى، ويصل مستثمرو الولايات المتحدة الوصول إليها من خلال شركة FTX.US.

كبرى عمليات تبادل للعملات المشفرة حول العالم استنادًا لحجم تداول يوم 10 نوفمبر 2022 (القيمة بالمليار دولار)

البورصات الرقمية في مهب الريح

وسط اتهامات باستغلال بورصة FTX لأموال المتداولين بشكل يُعدُّ مخالفًا للقواعد، وأعلنت وزارة العدل واثنان من المنظمين الفيدراليين فتح تحقيقات، للنظر فيما إذا كانت بورصة العملات المشفرة المنهارة تجاوزت القواعد المتعلقة بحماية ودائع المستهلكين والعلاقات مع الشركات التابعة للتداول، وفقًا لأربعة أشخاص مطلعين على الاستفسارات.

منصة FTX، تعرضت لأزمة سيولة حادة وعجز بلغ نحو 8 مليارات دولار، وتفاقمت الأزمة بانسحاب شركة "بينانس"، أكبر بورصة لتداول العملات المشفرة في العالم، من صفقة الاستحواذ عليها التي كانت تعد الملاذ الأخير لـFTX.

وانهارت ثروة مؤسس منصة FTX، سام بانكمان فرايد، بنسبة 94 في المئة خلال يوم واحد من الأزمة لتتراجع من نحو 15.6 مليار دولار لأقل من مليار دولار.

وتراجع سوق العملات المشفرة، بنسبة 2.6 في المئة، بعد مرور يوم من إعلان إفلاس FTX، لتصل قيمتها لـ846 مليار دولار، بحسب منصة كوين ماركت كاب.

وأعلنت منصة FTX، في بيان رسمي، أن نحو 130 شركة تابعة لها بما في ذلك FTX US وAlameda Research، تتجه نحو عملية الإفلاس.

وساد القلق أوساط الاستثمار في العملات الرقمية، حيث أوقفت شركة إقراض العملات الرقمية "بلوكفاي" سحب الأموال، وأكدت أن الشركة لا تستطيع الاستمرار في أنشطتها بسبب عدم اليقين من حالة FTX، بحسب بيان للشركة.

وأوقفت قبرص ترخيص بورصة "إف تي إكس" بإدارة نشاط استثماري في أوروبا، ومع تفاق الأزمة ربما تؤدي إلى تشديد القيود الرقابية على قطاع التشفير في أوروبا والولايات المتحدة، بحسب وكالة "بلومبرغ".

وأمس، أعلنت وكالة مكافحة غسيل الأموال في الهند تجميد أصول بقيمة 228.2 مليون روبية في منصة تداول العملات المشفرة "بينانس"، مرتبطة بتحقيقات عن تطبيق ألعاب "إي-ناغيتس" على الهواتف المحمولة يتم من خلاله الاحتيال على المواطنين، وفقًا لما ذكره بيان.

وقالت شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، في تقرير لها، إن عملة "بيتكوين" تجاوزت مستوى الـ68 ألف دولار خلال هذه الفترة من العام الماضي، إلا أنها خسرت نحو 70 في المئة خلال عام فقط، ما يؤكد أن تجارب الماضي ليست ببعيدة فيما يخص تداول العملات الرقمية.

قيمة سوق العملات المشفرة سجلت في السابق نحو 3 تريليونات دولار، إلا أن هذه السوق تقدر حاليًا بنحو 900 مليار دولار فقط، بعد أن فقدت أكثر من 70 في المئة، أو ما يزيد عن تريليوني دولار أمريكي، بحسب تقرير "سي إن بي سي".

العملات الرقمية

ليس كل ما يلمع ذهبًا

أصدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، تقريرًا يتضمن تحذيرات بشأن مخاطر وتكاليف العملات المشفرة، بما في ذلك التهديدات التي تجلبها للاستقرار المالي، وحشد الموارد المحلية وأمن الأنظمة النقدية، وأكد أن "ليس كل ما يلمع ذهبًا"، تلميحًا بشأن الأرباح الكبيرة التي تجذب أعين المستثمرين.

وأوضح التقرير، أن الصدمات الأخيرة التي تعرضت لها العملات الرقمية حول العالم، تشير إلى وجود مخاطر خاصة بالاحتفاظ بالعملات المشفرة، ولكن إذا تدخل البنك المركزي لحماية الاستقرار المالي، فإن المشكلة تصبح مشكلة عامة.

وحذّر التقرير من تعريض السيادة النقدية للبلدان للخطر، إذا أصبحت العملات المشفرة وسيلة دفع منتشرة، وحلّت محل العملات المحلية بشكل غير رسمي.

وقال صندوق النقد الدولي، إن العملات المشفرة تشكل مخاطر كعملة قانونية، ويجب على صناع السياسات في الأسواق الناشئة، تحجيم التعامل بها، وذلك في ظل اتجاه المنقبين والمتداولين ومالكي العملات الرقمية إلى الدول النامية، فيما يشبه "حمى الذهب الرقمي".

وتوقع المحللون الاستراتيجيون ببنك "جي بي مورغان"، مواجهة أسواق العملات الرقمية أسابيع من بيع الأصول بسبب تداعيات الأزمة في منصة "إف تي إكس"، وهي فترة تدفع سعر عملة البيتكوين للهبوط لـ13 ألف دولار.