الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

محمد قنديل.. "صاحب الألف حنجرة" صوت الحب والوطن والأماكن

  • Share :
post-title
المطرب محمد قنديل

Alqahera News - إيمان بسطاوي

صوت لا تخطئه أذن، وحنجرة ذهبية، وأداء متفرد، شكلت جزءًا من شخصية المطرب الراحل محمد قنديل الفنية، الذي يمثل حالة نادرة في تاريخ الطرب المصري، لما امتاز به صوته من مقومات ليلقّب بـ"صاحب الألف حنجرة"، ويوافق اليوم ذكرى وفاته، فقد رحل عن دنيانا في 9 يونيو 2004.

اجتمع على حب محمد قنديل،ليس فقط الجمهور شرقًا وغربًا، ولكن زملاؤه أيضًا ممن عاصروه، فعندما سُئلت كوكب الشرق أم كلثوم عن أفضل صوت في الوطن العربي، ردّت على الفور: "محمد قنديل"، وأيّدها الرأي موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

بعد 13 عامًا من ميلاده في 11 مارس عام 1929، لعب الحظ دورًا وساعدت موهبة محمد قنديل في أن يخطف أنظار كوكب الشرق ليشاركها الغناء في فيلم "عايدة"، وهو ما مثّل له بداية مرحلة جديدة من حياته، لينمو بداخله حب الفن الذي ورثه بحكم نشأته في أسرة موسيقية، فوالده كان يعمل مدرسًا بمعهد الموسيقى، وجدته عملت مطربة، بينما شقيقه الأكبر كان مطربًا أيضًا، ولم يكتفِ محمد قنديل بالموهبة بل دعمها بالدراسة، إذ التحق بمعهد الموسيقى العربية.

كان صوت قنديل كفيلًا بأن ينقل لمستمعه إحساس الراحة والدفء والاحتواء، تستشعر في نبرته شهامة "ابن البلد" وقوته وحنانه أيضًا، فكان صوتًا نادرًا يصعب تكراره، قدّم الكثير من الأغاني والمواويل التي عاشت عبر الزمن، فغنى للحبيبة والوطن والدين، والأعياد والأفراح، وعبَّر بصوته عن الشوق واللهفة والحنان والشجن، لتصلح أغنياته في كل زمان ومكان وكثير من المناسبات.

على حافة مركب في قلب الماء مرتديًا ملابس صياد، وقف محمد قنديل يشدو أغنيته الشهيرة "يا حلو صبح يا حلو طل"، والتي قدمها ضمن أحداث فيلم "شاطئ الأسرار" بطولة الفنان عمر الشريف وماجدة، وما زالت هذه الأغنية وغيرها تتردد يوميًا وتتناقلها الأجيال، إذ تسجل جانبًا من حجم ومساحة ظهوره في التمثيل، فعلى الرغم من قوة وتفرد صوته، إلا إنه لم يظهر في دور البطولة بأي عمل شارك فيه.

على مدار ما يقرب من نصف قرن، ظل قنديل يحفر اسمًا ذهبيًا لا يمحو أثره الزمن، بل يزداد بريقًا مع مرور السنين، فترك إرثًا موسيقيًا وغنائيًا ضخما بلغ نحو 800 أغنية، بخلاف طلته اللافتة في عدد من الأفلام التي وقف فيها ممثلا ومغنيًا في نحو 20 فيلمًا سينمائيًا.

"سحب رمشه".. تلك الأغنية التي قدمها للإذاعة المصرية، حظيت بإعجاب الكثير من الجمهور وحققت نجاحًا كبيرًا حينذاك، ووصفها الموسيقار الراحل عمار الشريعي بأنها "حالة من الفتح الموسيقي" أصابت قنديل عند تقديمه لها.

حققت أغنية "سماح يا أهل السماح" بصمة لم تستطع أي أغنية تحقيقها، بل كان لها وقائع لا تنسى في ذاكرة محمد قنديل، التي يعتبرها علامة في مشواره ولا يستطيع غيره غنائها لصعوبتها، فكان يغنيها من القلب، فاستعاد "قنديل" ذكرياته معها في لقاء إذاعي، ليقول عنها:" بعد أن انتهيت من تسجيل الأغنية في الاستديو، فوجئت بملحنها "صدقي" يبكي لتأثره بغنائي لها، كما أصيب "راشد" عازف الرق، بإغماء، فهذه الأغنية أثرت في كل الموجودين، ولحنها صعب جدًا".

لم تكن هذه الواقعة الوحيدة في ذاكرة قنديل بخصوص الأغنية، ولكنه يذكر أنها كانت سببًا في المصالحة بين زوجين ليسرد هذه الواقعة قائلاً: "كنت في أحد الفعاليات في الكويت وقابلني رجل كويتي وطلب مني غناءها، وأكد لي أن الأغنية لعبت دورًا في المصالحة بينه وزوجته، بعدما وقع خلاف بينهما وحمل الزوج أغراضه وسافر، ثم سمع هذه الأغنية فعاد إلى زوجته وانتهى الخلاف".

لم تحفظ القلوب والآذان فقط صوت محمد قنديل ولكن شهدت عليه الأماكن، فسجل صوته أغنيات تتغزل في جمال بعض الأماكن بمصر منها منطقة الغورية التراثية، التي غنى لها "يا رايحين الغورية"، كما قدم لأهالي الإسكندرية أغنية "بين شطين ومياه عشقتهم عينيا.. يا غالين عليا يا أهل الإسكندرية"، ليسجل صوته العابر للقلوب حالة استثنائية صعب تكرارها.