الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

عاش به 18 عامًا.. وفاة ملهم فيلم "ذا ترمينال" بمطار شارل ديجول

  • Share :
post-title
مهران كريمي ناصري وبوستر فيلم "ذا ترمينال"

Alqahera News - محمد صبحي

قصة تبدو خيالية، حتى إنك ربما تكون قد شاهدت الفيلم الذي جسدها، و اعتقدت أنه مجرد "خيال كاتب"، وربما سمعت اسمه من قبل، مهران كريمي ناصري، لاجئ سياسي إيراني، فارق الحياة، السبت، بعد 18 عاماً عاشها داخل مطار شارل ديجول الفرنسي، المعروف باسم "رواسي". 

مهران، كان الملهم للمخرج ستيفن سبيلبرج، في فيلمه "مبنى الركاب" (ذا ترمينال)، حيث عاش في الصالة رقم واحد بمطار باريس، منذ 8 أغسطس 1988 وحتى أغسطس 2006.

وقالت وكالة "فرانس برس"، إن موته كان طبيعيًا في المبنى "2 F"، قبل وقت قصير من ظهر يوم السبت، بعدما أنفق جزءًا كبيرًا من الأموال التي حصل عليها نظير الفيلم، بعد أن عاد إلى المطار قبل أسابيع، وعُثر معه على آلاف اليوروات. 

اشتهر مهران كريمي ناصري، بلقب "السير ألفريد"، وهو من مواليد إيران عام 1945، وتحديدًا في محافظة خوزستان، لأب إيراني يعمل طبيبًا وأم اسكتلندية، على حد قوله. 

بداية المعاناة

في 1974، شارك "ناصري"، الذي كان يدرس في جامعة برادفورد، في مظاهرة ضد الشاه الإيراني، بعدها عاد إلى إيران، ليُلقى القبض عليه في المطار، ويسجن في سجن "إيفين" نحو 4 أشهر، إذ طُرد بعدها من البلاد بعد تخليه عن جواز سفره.

بعد طرده، حاول "ناصري" على مدار 6 سنوات، الحصول على اللجوء في الدول الأوروبية، لكن دون جدوى، ورفضته 5 دول هي "ألمانيا وهولندا عام 1977، ثم فرنسا عام 1978، ثم إيطاليا عام 1979، وكذلك بريطانيا"، ثم بعد ذلك طُرد من ألمانيا الغربية إلى الحدود البلجيكية، وسمحت له السطات هناك بالدخول إلى أراضيها، التي ظل فيها حتى عام 1986، بعدما وافقت مفوضية اللاجئين بها في أكتوبر 1980 على منحه حق اللجوء.

بدأت المعاناة الحقيقية لـ"ناصري"، في أغسطس 1988، وتحديدًا في مطار شارل ديجول، الذي نزل فيه قاصدًا مطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن، إلا أنه فقد أوراقه الخاصة باللجوء، وهنا بدأت القصة.

تقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن حقيبة ناصري التي تحوي أوراقه، سُرقت في ذلك اليوم، ورغم وصوله إلى مطار هيثرو، إلا أنه لم يتمكن من مغادرته بسبب عدم حيازته وثائق تُثبت هويته، فعاد إلى مطار شارل ديجول وبدأ رحلة الثمانية عشر عامًا.

لم يستطع ناصري، أن يحصل على أوراق بديلة من بلجيكا، حتى يتمكن من إثبات هويته، وهنا مُنع من مغادرة صالة الانتظار، بسبب عدم وجود أوراق تمكنه من ركوب الطائرة أو مغادرة الصالة.

يحكي ناصري، في كتابه الذي اختار "رجل الصالة" عنوانًا له، والذي ألفه بمشاركة الكاتب البريطاني أندرو دونكين، أنه عاش في ركن محاذٍ لمحلات "ريلاي" التي تبيع كتابه، واعتبر هذا المكان "الحارس لحياته"، حيث أصبح "مواطن شارل ديجول".

صحيفة "إل بايس" الإسبانية، ذكرت أن مكان إقامة ناصري في المطار لا تدل على وضعه، فهو حريص على قراءة الكتب والدراسة، ويجلس وسط صناديق أمتعة توحي لمن يراه بأنه ينتظر طائرته التي قد تأتي في أي لحظة، وظل كذلك حتى مرض عام 2006، وعندها ودع مقر إقامته في الصالة "1"، حيث ظل 18 عاماً، ونقل في 1 أغسطس 2006 إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية، وفي بدايات عام 2007 تسلم مكتب الصليب الأحمر الفرنسي قضيته، ووُضع في فندق قريب من المطار، وفي تاريخ 6 مارس 2007 أُدخل إلى مركز إيمايوس في باريس.

السير ألفريد

بعد نحو 10 سنوات قضاها "ناصري" في مطار شارل ديجول اختار اسم "السير ألفريد"، وأنكر أصوله الإيرانية، ولم يعد يرد على من يناديه باسمه الإيراني، وفقا لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية، ومن الغريب أنه رفض موافقة فرنسا على منحه صفة اللجوء، بسبب خطأ السلطات الفرنسية في اسمه، فهو لم يعد "مهران كريمي ناصري"، وهو سويدي الأصل وليس إيرانيًا كما يقولون، ولا يفهم الفارسية حتى.

قصة "ناصري" كانت ملهمة، وكان محطة الكثير من الروايات والأفلام السينمائية، ففي عام 1994 ألهمت قصته المخرج الفرنسي فيليب ليوري في فيلم "من السماء"، إذ عاش بطل الفيلم"أرتورو كونتي" طيلة يومين في المطار، بعد أن علق في صالة مطار شار ديجول إثر سرقة حافظة أوراقه هناك.

كما كانت قصة ناصري، ملهمة للمخرج ستيفن سبيلبرج، في فيلم "ذا ترمينال"، الذي جسد الفنان العالمي توم هانكس، دور فيكتور نافورسكي، حيث كانت قصة الفيلم تدور حول رجل يعيش داخل المطار، فبمجرد وصوله مطار جون كينيدي في نيويورك، شهدت بلده انقلابًا، ومُنع من دخول الولايات المتحدة، كما أنه لم يستطع العودة إلى بلاده بعد أن أُغلقت حدودها، ليظل في المطار ويتأقلم مع وضعه الجديد.