الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

اليورانيوم المنضب.. هدية اللحظة الحاسمة للأوكرانيين لاختراق مدرعات جيش بوتين

  • Share :
post-title
قذائف اليورانيوم المنضب - أرشيفية

Alqahera News - سامح جريس

بعد أسابيع من المناقشات الداخلية حول كيفية تسليح دبابات أبرامز التي قدمتها واشنطن لدعم كييف، بينما لا يزال جنود أوكرانيا يستعدون للتدريب عليها في ألمانيا، في انتظار نشرها مع بداية الخريف، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن "إدارة الرئيس جو بايدن تخطط لتزويد أوكرانيا بقذائف مدفعية من اليورانيوم المنضب"، في وقت قد يكون حاسمًا في تطوير الهجوم المضاد الذي بدأ قبل أيام قليلة.

لا مانع من تزويد أوكرانيا باليورانيوم المنضب

بينما لا يزال تزويد كييف بالأسلحة الأخرى قيد المناقشة في أروقة الإدارة الأمريكية، بما في ذلك الذخائر العنقودية التي طلبتها أوكرانيا مرارًا وتكرارًا، قال مسؤول أمريكي كبير للصحيفة، إنه لا توجد "عقبات كبيرة" للموافقة على تسليم الذخيرة، التي تحتوي على شظايا من اليورانيوم المنضب وُجِدت في المفاعلات النووية. ومع ذلك فإن استخدام سلاح بهذه القدرات الدقيقة في ساحة المعركة يثير قضايا مهمة فيما يتعلق بالتوقيت والتأثير التشغيلي والعواقب.

القنابل القذرة

يتم جمع مكونات هذه الذخائر من بقايا عملية تخصيب اليورانيوم، والتي ينتج من خلالها النظائر الانشطارية اللازمة لإحداث انفجار نووي، لذلك يطلق عليها "القنابل القذرة"، إذ توجد هذه النظائر الانشطارية في جزيء صغير يسمى اليورانيوم 235 وتشكل فقط 0.7% من اليورانيوم الطبيعي، إلا إنه من أجل صنع قنبلة ذرية، من الضروري زيادة تركيز هذا الجزيء "اليورانيوم 235" إلى نسبة 5% اللازمة لصنع قنبلة.

الغرض من عملية تخصيب اليورانيوم هو تحقيق هذه النسبة من خلال تخصيب الجسيمات الانشطارية كل على حدة وفصلها عن الجسيمات الأخرى، لتشكل هذه الجسيمات المعزولة معًا اليورانيوم المنضب أو المستنفد.

بعبارة أخرى، وفقًا لتقرير صادر عن هيئة التنظيم النووي الأمريكية، إذا تمت تغذية مفاعل نووي بألف كيلوجرام من اليورانيوم، فإنه سينتج 915 كيلوجرامًا من اليورانيوم المستنفد (المنضب) و85 من اليورانيوم المشع المستخدم في القنبلة.

تحذير روسي

على الجانب الآخر من الأزمة، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب من "أنه مع هذا الإجراء، إن بدأ الغرب فعليًا في استخدام أسلحة ذات مكونات نووية، فلا خيار لروسيا إلا الرد بشكل مشابه".

بداية استخدام اليورانيوم المنضب

حتى عام 1970، كان يتم التعامل مع اليورانيوم المنضب على أنه نفايات نووية، إلا أن قواعد اللعبة تغيرت، عندما بدأ الاتحاد السوفييتي السابق تزويد أعضاء حلف وارسو بألواح مدرعة لا تستطيع أسلحة الناتو اختراقها، مما دفع هذا التطور وزارة الدفاع الأمريكية للبحث عن بدائل، وبعد اختبار عدد من المعادن، قرر علماؤها استخدام ذخيرة من هذا اليورانيوم.

كثافة عالية وذخيرة حارقة

بالإضافة إلى كونها غير مكلفة، تتميز هذه "البقايا" بأنها ذات كثافة عالية، إذ تتميز بكثافة تبلغ 1.67 ضعف كثافة الرصاص، أي ما يعادل تقريبًا كثافة الذهب، وقوة شدة مماثلة للصلب.

بسبب كثافتها العالية، تكون قذائف اليورانيوم أصغر قطرًا من قذائف الرصاص المكافئة، ولها مقاومة أعلى للهواء، ولديها قدرة أكبر على اختراق الدروع بسبب الضغط العالي في وقت الاصطدام، وهذا يسمح للجيش الأوكراني بإطلاقها من مسافات بعيدة، متيحًا لها قدرة أعلى في تدمير الأهداف وإحداث خروقات أكبر في مركبات العدو بسبب مقاومتها الكبيرة لضغط الهواء.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر مقذوفات اليورانيوم حارقة بطبيعتها لأنها تشتعل تلقائيًا عند الاصطدام بالهدف، لاحتوائها على رواسب من نظائر اليورانيوم 235 المشعة.

تضرب بقوة قطار

وفقًا لما أشار المحلل العسكري في "شركة راند" وضابط المدفعية الأمريكي السابق سكوت بوسطن، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن هذه القذائف "تضرب الهدف بقوة قطار"، مشيرًا إلى أنها "تلقي بقدر كبير من الطاقة الحركية على نقطة معينة في مدرعات العدو".

لا مجال للصدفة

لم يتم الكشف عن هذه المعلومات في الوقت الذي بدأ فيه الهجوم المضاد الأوكراني في اكتساب الزخم من قبيل الصدفة، لا سيما بالنظر إلى محدودية الوقت الذي تتمتع به القوات الأوكرانية، بحكم أن هامش المناورة الميدانية يتقلّص كلما اقترب الشتاء، إذ يشير عدد من المسؤولين في إدارة بايدن لصحيفة "وول ستريت"، أن الهدف من هذا الإجراء، هو "تمكين أوكرانيا من تحقيق أكبر قدر من التقدم في ساحة المعركة، ووضعها في موقف تفاوضي قوي إذا كانت محادثات السلام في نهاية المطاف".

بالإضافة إلى ما سبق وتقييم الصحيفة، إذا فشل الهجوم المضاد الأوكراني في إحراز التقدم المنشود، قد تبدأ الحاضنة السياسية التي ترعاها المساعدات العسكرية الأمريكية السخية لأوكرانيا في التلاشي، لذلك يضغط البيت الأبيض بكل ما أوتي من قوة والمراهنة على زيادة الدعم في هذه اللحظة الحاسمة.

تردد أمريكي وإقدام بريطاني

ومع تطور العمليات على أرض المعركة يجب أن نضع عاملين في الاعتبار، أولهما سياسي ويتعلق بـ"انتهاك الخطوط الحمراء" الروسية، لتفسير "تردد" الولايات المتحدة عن الإعلان علنًا عن هذا الإجراء، والثاني هو "قانوني - إنساني" ويتعلق بالتحذيرات المتعلقة بآثاره طويلة المدى على الصحة والبيئة نظرًا لاحتوائه على نظائر مشعة، وإن كان بكميات صغيرة.

في المقام الأول، يشار إلى التحذير السابق للرئيس الروسي من إعطاء أوكرانيا نظائر مشعة، والذي ذكر فيه صراحة ومباشرة أن "الغرب ككل، بهذه الخطوة، قد يبدأ بالفعل في استخدام أسلحة ذات مكونات نووية، مما يعني أن روسيا سترد بشكل مماثل".

لكن ذلك كان في مارس الماضي، بعدما أعلنت بريطانيا عن عزمها تزويد أوكرانيا بتلك القذائف، إضافة إلى دبابات "تشالنجر" في حزمة واحدة، وهو ما تم بالفعل، من دون أي رد روسي معلن حتى الآن.

لا محاذير دولية

ومن جهتها، نفت وزارة الدفاع البريطانية تأكيد بوتين أن أي معاهدة دولية تحظر استخدام هذه الصواريخ ردًا على تحذيره.

فيما عارض جون كيربي، منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي، مزاعم بوتين، واصفًا إياها بـ "المخادعة" على حد قوله، مؤكدًا أن "هذا النوع من الذخيرة شائع جدًا، وخلصت الدراسات إلى أنه، لا يحمل أي مخاطر إشعاعية".

أصدرت محكمة العدل الدولية في عام 1996 رأيًا استشاريًا فيما يخص "مشروعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها"، ومنها ذخائر اليورانيوم المنضب، مستندة في حكمها إلى إعلان لاهاي الثاني، واتفاقية لاهاي الرابعة، وبروتوكول جنيف، وخلصت إلى أن هذا النوع من الذخائر ليس من ضمن الأسلحة المحظورة بموجب الاتفاقيات سالفة الذكر، لأن استخدامه الأساسي "ليس للتسمم ولا الخنق، ولكن لتدمير العتاد وقتل الجنود من خلال الطاقة الحركية".

أكبر خطر محتمل على الصحة

ومع ذلك، ذكر برنامج البيئة بالأمم المتحدة في تقرير حديث نُشر العام الماضي أن "السمية الكيميائية" لليورانيوم المنضب تشكل أكبر خطر محتمل على الصحة "يمكن أن تسبب تهيج الجلد والفشل الكلوي، فضلًا عن زيادة خطر الإصابة بالسرطان".

في ذات السياق؛ أشار معهد التكنولوجيا النووية للحماية من الإشعاع في اليونان، إلى أن "الانبعاثات الجوية الناتجة عن ارتطام واحتراق ذخائر اليورانيوم المنضب يمكن أن تلوث مناطق واسعة حول مواقع الانفجار، ويستنشقها المدنيون والعسكريون على حد سواء".

هل تمتلك روسيا اليورانيوم المنضب؟

باستثناء دولتين فقط هما "الولايات المتحدة وبريطانيا"، لم تعترف أي دولة أخرى باستخدام ذخائر اليورانيوم المنضب حتى الآن، إلا أن روسيا تمتلك تقنيًا هذا النوع من اليورانيوم لأنها دولة نووية، ولأن كل عملية تخصيب تخلف وراءها آثارًا لهذا المعدن الثقيل، وكانت قد أشارت وزارة الدفاع في نشرة عام 2018 استعرضت فيها التحديثات التي تم إجراؤها على دبابة T-80، بما في ذلك إضافة صواريخ اليورانيوم المنضب، في اعتراف ضمني بامتلاك هذا النوع من الذخائر.