الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

غضب الشباب.. إلى أين يتجه الصدام داخل "الإخوان" بعد وفاة إبراهيم منير؟

  • Share :
post-title
عناصر من جماعة الإخوان

Alqahera News - نورا فايد

بلغت الانقسامات والصراعات داخل أروقة جماعة الإخوان ذروتها، خلال العشر سنوات الماضية، وهو ما نجم عنه تشكيل عدة جماعات داخل التنظيم، سُميت على اسم الدولة أو العاصمة التي يعيش فيها بعض قيادات الإخوان، فأصبح هناك على سبيل المثال لا الحصر، 3 جبهات، هي "جبهة إسطنبول، لندن، والقاهرة"، الأمر الذي ساهم بدوره في تفاقم حدة الانقسامات لرغبة كل قيادي تنصيب نفسه على رأس السلطة وإعلان أن جبهته هي المتحكمة في مفاصل وقرارات الجماعة الأساسية، وعليه فإن العديد من الأوساط الأكاديمية وبعض دول المجتمع الدولي تترقب ما سيؤول إليه الإخوان بعد وفاة "إبراهيم منير"، القائم بأعمال مرشد الإخوان، الأمين العام للتنظيم الدولي، الممثل الرسمي لجبهة "لندن"، مطلع نوفمبر 2022، خاصة وأن "منير" كان سببًا رئيسيًا في بعض الانقسامات التي شهدتها الجماعة.

واقع الانقسامات الإخوانية:

تجدر الإشارة إلى أن هناك عددًا من الوقائع حدثت خلال الثلاثة أعوام الماضية، كشفت عن ارتفاع حدة الانقسامات داخل الإخوان، خاصة منذ دخول مرشد الجماعة "محمد بديع" أحد السجون المصرية، بتهمة ارتكاب العنف والإرهاب والتحريض عليهما، وصدر بحقه أحكام بالإعدام والسجن المؤبد، على النحو التالي:

(*) صراع جبهات الإخوان الخارجية: من أبرز الأدلة التي كشفت عن تفاقم الانقسامات داخل صفوف الجماعة وتحديدًا الخلافات بين جبهتي "إسطنبول ولندن"، كانت في 12 فبراير 2022، حينما أصدر "مصطفى طلبة"، القائم بأعمال مرشد الإخوان، المعين من قبل جبهة إسطنبول، بيانًا حادًا، كشف فيه عن جميع انتهاكات "إبراهيم منير"، الممثل الرسمي لجبهة لندن، وقال وقتها إن "الجماعة لا تعترف بعمل "منير" كقائد للمرشد، بناءً على قرار من مجلس الشورى العام بإعفائه من منصبه"، وهو ما يرفض "منير" الاعتراف به، ولهذا اتهمته الجماعة بالديكتاتورية ومحاولة الانفراد بالرأي وتجاهل إدارة قيادات الجماعة وآلياتها ومؤسساتها المتمثلة في مجلس الشورى العام وتهميشها وتجاهل قراراتها، معلنًا أن "منير" استغل فرصة غياب قيادات الجماعة، وتنفيذهم أحكامًا قضائية في السجون، لتغيير شكل الجماعة وجعلها تقوم بدور هامشي داخل مصر، بجانب مساعيه لتشكيل مجلس شورى عام جديد يقتصر على من هم في الخارج فقط، ليحل محل كيان الإخوان الرئيسي، بجانب تدشين مكتب إرشادي للإطاحة بمكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام الحالي.

وردت جبهة لندن، بقيادة "إبراهيم منير" وقتها على هذا البيان، معلنة إقالة القائم بأعمال المرشد "مصطفى طلبة"، وأكدت في بيان، أنها لم تعترف بقرارات جبهة إسطنبول أو ما يُسمى بمجلس الشورى العام، وهو ما دفع "جبهة إسطنبول" لرفض قرارات "جبهة لندن"، معلنة تمكسها بقرارات مجلس الشورى، ومشددة على بقاء "طلبة" في منصبه، ومُجددة "البيعة" لمرشد الإخوان "محمد بديع".

(*) الخلافات الإدارية بين قادة الإخوان: برزت خلافات من نوع آخر، في أواخر أغسطس 2021، بين إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد وقتها، ومحمود حسين، الأمين العام السابق للإخوان، بعد تدشين الأخير لجنة تقوم بأعمال المرشد وبموجبها عُزل "منير" من منصبه، الذي أصدر من جهته قرارًا بإحالة "حسين" وآخرين للتحقيق الداخلي على أساس "مخالفات مالية وإدارية"، بعد حصوله على معلومات تفيد بتوقيع كل من "همام يوسف، ممدوح مبروك، مدحت الحداد، محمد عبد الوهاب، ورجب البنا"، على توقيعات بتعيين "حسين" أمينًا عامًا للجماعة وتحديد صلاحيات مجلس الإدارة، الذي سيحل مؤقتًا محل المكتب الاستشاري، بل وشكل "إبراهيم منير" وقتها لجنة لإدارة الجماعة وإجراء انتخابات داخلية للعمل على إنهاء الانقسام.

(*) فشل سيطرة الجماعة الأم في مصر: إن الانقسامات السالف ذكرها، كشفت عن ما تعانيه الجماعة داخل مصر بالفعل من تشرذم وخلل وفشل في إحكام السيطرة على الجبهات الخارجية، وبدلًا من حل تلك الأزمات خرجت الجماعة لـ"تزيد الطين بلة"، من خلال بيان متأخر للمتحدث الإعلامي للإخوان، على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في يناير 2022، لتعلن تبرأها ممن وصفتهم بـ"المنشقين" من أعضائها في بيان حمل عنوان "ليسوا منا ولسنا منهم"، وأفاد البيان ببطلان عمل "اللجنة القائمة بعمل المرشد"، بالقول: "كل من شارك في ابتداع وجودها إنما اختار لنفسه الخروج عن الجماعة، بمخالفته لوائحها وأدبياتها ورفض كل محاولات لمّ الشمل وتوحيد الصف"، ورغم أن الجماعة أرادت من خلال هذا البيان نفي وجود انقسامات بداخلها، إلا أن ما حدث كان العكس، وفقًا لهذا النص، "تطالب الجماعة كل من بايع بأن يلتزم ببيعته، ليلتئم جرح الانقسام والتشتت، ولنتحد في العمل لرفعة الدين والوطن، كل هذا حسب دعوتهم لأنصارهم".

تأثيرات متعددة:

وبناء على ما تقدم، يمكن القول إن تلك الانقسامات ألقت بظلالها ليس فقط على التنظيم وقياداته، بل أيضًا على الشباب سواء المنضمين للجماعة أو من يرغبون في الانضمام، حيث زعزعت بشكل كبير ثقة هذه الفئة التي يعتمد عليها الإخوان لتوظيف شعاراتهم وتحقيق مخططاتهم، على النحو التالي:

(*) اللجوء إلى خيار الانشقاقات التكتيكية: دفعت الانقسامات السالف ذكرها بعض الشباب، خاصة المنضمين للجماعة أحيانًا إلى اتخاذ خيار "الانشقاقات التكتيكية" عن التنظيم حتى تهدأ الأمور، بمعنى أنه انفصل عن الجماعة "اسميًا" وليس بشكل فعلي، بمعنى أنه لا مانع من عودته مرة أخرى في حال تعافي التنظيم وهدأت حدة تلك الصراعات، وهذا الأمر يجعل الدول التي يقبع فيها عناصر الإخوان، القيام خلال الفترة المقبلة، بإقامة وتفعيل المزيد من برامج التوعية عن طريق رجال الدين ومبادرات التأهيل النفسي وبالتحديد التي تخاطب فئة الشباب حتى يتم القضاء على المفاهيم المغلوطة التي رسختها الجماعة في عقول الكثير من الشباب على مدار سنوات.

(*) تراجع ثقة الشباب في أحاديث الإخوان: إن تفاقم الانقسامات داخل صفوف التنظيم ساهم في تبخر شعارات الجماعة، التي فتحت في وقت سابق بابًا لانضمام عدد كبير من الشباب، وهي ذاتها التي ستُخرج الشباب، لأن الضربات التي تلقتها الجماعة خلال السنوات الماضية في عدة دول، أدت إلى اختفاء أغلب الشعارات التي كانت تستخدمها في استقطاب الشباب، أبرزها نصرة القضية الفلسطينية، فجمود المشاعر لدى القيادات الحالية، ومحاولة كل واحد منهم البحث عن النفوذ والسلطة والهيمنة، أدى إلى فقد ثقة الشباب في التنظيم، وما يدل على ذلك أيضًا أن البيان الأخير الصادر عن الجماعة، يناير الماضي، كشف عن مدى غضب الشباب منه، الذين عبروا على ذلك من خلال تعليقاتهم على موقع "فيسبوك"، وأكدوا أن خروج بيان بهذا الشكل بدلًا من اتخاذ قرارات فعلية، يعني أن التنظيم يسير نحو الهاوية، رافضون الاعتراف بأي شيء يصدر عن الجماعة، إلا من خلال "مجلس شورى الجماعة"، وبالتالي فإن الوقت الحالي يعد مناسبًا لاستعادة هؤلاء الشباب مرة أخرى إلى الوطن، حتى لا يبحثوا عن بدائل أخرى ذات ميول موازٍ لتنظيم الإخوان.

(*) اتساع فجوة التواصل بين الشباب والقادة: انعكس صراع قادة الإخوان، بشكل سلبي على عملية التواصل بين شباب وقادة الجماعة، فقبل تفاقم حدة الصراعات التي تشهدها الجماعة في الوقت الراهن، أعرب الكثير من شباب الإخوان عن غضبهم من عدم إنصات القيادات لهم، لكن القاعدة تغيرت تمامًا عن ذي قبل، فالشباب فقدوا شغف التواصل مع التنظيم منذ سنوات سواء في مؤتمرات أو لقاءات وحفلات، أو حتى في الاستجابة لنداءات الجماعة وتعد دعوات "11 – 11" الأخيرة خير دليل على ذلك، إذ فشلت قبل أن تنطلق، وهو ما أكد اشتعال الصراعات داخل أروقة التنظيم، وهذه الفجوة دفعت عددًا ليس بالقليل من الشباب إلى اعتبار بأن الجماعة غير موجودة، مقررًا الانفصال الأبدي عنها.

تفاقم الخلافات:

تأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن استمرار حالة النزاع التي تشهدها جبهات الإخوان الثلاث في الوقت الراهن حول "بيعة مرشد الإخوان"، من المتوقع أن تتفاقم خلال الفترة المقبلة، لأن الأمر ليس متعلقًا بشخص "إبراهيم منير"، بل بالعقلية التي يتمتع بها بعض قيادات الجماعة، الذين يريدون الهيمنة وإعلاء نفوذهم، وكان واضحًا حينما أعلنت "جبهة لندن" تعيين "محيي الدين الزايط" قائمًا بأعمال المرشد، إذ لاقى هذا الأمر وفقًا لمصادر مطلعة رفضًا شديدًا بين قيادات الإخوان، سواء في جبهة تركيا أو مصر، وهو ما تدل عليه البيانات الصادرة عن جبهتي إسطنبول ولندن بعد وفاة "منير"، فالأخيرة أكدت اختيار القائم بأعمال المرشد من بينها، في حين أن جبهة إسطنبول أصرت على أحقيتها في السيطرة على الجماعة، وعليه فإن تلك الصراعات المستمرة، ستُلقي بتأثيرها على الشباب، فالبعض منهم إما أن يترك الجماعة وإما أن يتجه للانفراد برأيه وتجاهل قراراتها، والبعض الآخر قد يعلن الانشقاق عنها.