الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد مرور 17 شهرًا.. مَن الرابح الأكبر من الحرب الروسية الأوكرانية؟

  • Share :
post-title
بايدن وبوتين وزيلينسكي وشي جين بينج

Alqahera News - محمد سالم

عَلِقَت روسيا وأوكرانيا في حربٍ لا يرى العالم لها نهاية منظورة على المدى القريب، وبالطبع علق الغرب والولايات المتحدة كذلك، الخسائر تضرب الجميع، روسيا واقتصادها الذي يعاني من العقوبات، وجيشها الذي يكافح على الميدان، والغرب الذي يدعم كييف بكل ما أوتي من قوة بمساعدات عسكرية ومالية.

ربما تنظر إلى المشهد وتتساءل، من الرابح؟ من يخرج من هذه الحرب أقوى؟ وعلى ما يبدو فإن كل الأطراف المنخرطة في الصراع ليست كذلك، إلا إن الصين في وضع يمكنها من الخروج من الصراع بشكل أقوى، بحسب "nationalinterest".

مع استمرار الحرب، ورفض أي طرف تقديم تنازلات، لإنهاء الحرب، تجد روسيا نفسها عالقة مع أوكرانيا والغرب في حرب لا نهاية منظورة لها، وفي المقابل تجد أمريكا وحلفاؤها في موقف الدعم المستمر لأوكرانيا حتى لا تنتصر روسيا، وضخت أمريكا وحدها أكثر من 75 مليار دولار في شكل مساعدات إنسانية وعسكرية ومالية، كما يقدم حلفاؤها مساعدات مستمرة لكييف، في المجالات المختلفة.

الاتحاد الأوروبي، يعد داعمًا رئيسيًا لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، ووافق في ديسمبر الماضي، على حزمة تشريعية توفر لأوكرانيا 18 مليار يورو من الدعم المالي خلال العام الحالي، لتتحول الحرب إلى "استنزاف" روسيا ومحاولة طردها من كييف، في ظل الهجوم الأوكراني المضاد، الذي تواجهه روسيا بضراوة حتى اللحظة، إلا إن أوكرانيا تتقدم ولو ببطء.

خسائر روسية

وعلى الجانب الآخر، تقاوم روسيا وتحاول الاستمرار في عمليتها العسكرية وتحقيق المكاسب رغم الدعم الغربي لكييف، إلى جانب تكبد الاقتصاد الروسي للعبء الأكبر بسبب العقوبات الغربية، كما أن روسيا خسرت سوق الاتحاد الأوروبي، والذي كان أحد أهم الأسواق لوقودها الأحفوري، إلى جانب اتجاه العالم للتحول للطاقة النظيفة، وإيجاد أسواق بديلة للغاز والنفط الروسي، ما شكل ضربة قوية لاقتصاد موسكو القائم على الوقود الأحفوري.

ولا تقتصر خسائر روسيا على هذا الأمر، إذ شهدت هجرة هائلة للأدمغة، وأصبحت بحكم الأمر الواقع الشريك الأصغر للصين بكل المقاييس، بعد أن فشلت في تحقيق انتصار كبير، كما أن حلف شمال الأطلسي أصبح أكثر اتحادًا أكثر من أي وقت مضى.

ومثّل انضمام فنلندا إلى الحلف أحد أكبر انتكاسات موسكو التي هاجمت أوكرانيا في الأساس لتمنعها من الانضمام إليه، كما أن السويد في طريقها كذلك للانضمام إلى الحلف بعد موافقة تركيا التي عطلتها لنحو عام تقريبًا.

الدولة الرابحة

رئيسي أمريكا والصين

في المقابل، يُنظر إلى الصين كونها الرابح من الحرب، فكما جلست بكين وراقبت الولايات المتحدة وهي تنزف بسبب تدخلاتها في منطقة الشرق الأوسط طوال العقدين الماضيين، تفعل الشيء نفسه في الوقت الحالي، وتقف متفرجة على واشنطن التي وجدت نفسها في حرب طويلة الأمد وغير قابلة للفوز، بحسب "ناشيونال إنترست".

وفي الوقت الذي يشهد استنزاف جيشي روسيا وأوكرانيا، ومعدات الغرب العسكرية ومخزوناته من الأسلحة، أنفقت الصين إنفاقا كبيرًا على جيشها، ورفعت من قدرات قواتها الجوية والبرية وكذا البحرية، التي توسع نطاقها في شرق آسيا.

ولم تقتصر استفادة الصين على هذا، بل حققت مكاسب في سياستها الخارجية، وعززت علاقتها الاقتصادية مع روسيا، في وقت يرجع فيه بعض الخبراء الصينيين، إلى احتمالية تزويدها لروسيا بالأسلحة والذخيرة في المستقبل القريب.

ونما التعاون الروسي الصيني بشكل كبير في جميع الاتجاهات منذ بداية الحرب، وزاد حجم التبادل التجاري بينهما والذي بلغ نحو 190 مليار دولار العام الماضي، بنسبة 39% أخرى في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من 2022، كما ارتفعت صادرات الخام الروسية إلى الصين وواردات السلع الصينية بشكل حاد، بحسب مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.

وتحدثت المؤسسة عن استغلال الصين للأوضاع، وانفصال روسيا عن الغرب، وتحويلها إلى "دمية مطيعة"، ما يفرض تنازلات من جانب واحد، ورغم أن اقتصاد الصين 10 أضعاف الاقتصاد الروسي تقريبًا، إلا أن النظرة الفاحصة تخبر أن الاعتماد ليس من جانب واحد، وأن روسيا لديها الكثير من النفوذ.

مفارقة مدمرة

تحدث تقرير "ناشونال إنترست"، عن مفارقة وصفها بـ"المدمرة"، إذ أصبح الغرب متورطًا في حرب ضد روسيا، في نفس اللحظة التي كان ينبغي أن تكون روسيا بمثابة ثقل يوازن صعود الصين، وبدلًا من ذلك دفع الغرب روسيا إلى أحضان العملاق الصيني، ليحقق لها رغبتها في "صداقة بلا حدود" مع روسيا، التي لديها كل الأسباب للخوف من صعود الصين، وبدلًا من أن تعمل مع الولايات المتحدة لاحتواء الصين، أصبحتا تخوضان حربًا، وبالتالي أصبحت الولايات المتحدة في مواجهة قوتين عظميين وهو وضع "يعتقد الساذجون المتفائلون فقط أن الولايات المتحدة يمكنها الفوز فيه"، بحسب التقرير.

ولكن حتى الآن ورغم كل الحديث عن التبعة الاعتمادية، لم تنضم روسيا إلى مشروع الصين "مبادرة الحزام والطريق"، أو تعترف بمطالب الصين الإقليمية في بحر الصين الجنوبي، كما أن موسكو ليست في عجلة من أمرها لإبرامات اتفاقيات امتياز مرهقة مع الصين، أو حتى تعديل التشريعات لتحقيق هذه الغاية.

وبعد عام ونصف العام تقريبًا من بدء الأزمة، لا زالت العلاقة بين روسيا والصين تتبع إلى حد كبير نفس القواعد كما كانت من قبل، ورغم أن الاستثمارات الصينية زادت في روسيا بنسبة 150% في 2022 لا تزال صغيرة نسبيًا لأن موسكو ليست مستعدة لقبول الاستثمار الصيني دون قيود محددة.

ورغم أن العلاقة بين روسيا والصين ليست مثالية، إلا إن المصالح المشتركة، ومواجهتهما مع الغرب تخلق أساسًا متينًا للتعاون المتكافئ، ومن من غير المرجح أن يتغير هذا الوضع بينهما على الأقل في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، بحسب مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.