الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الغرب والتنين الصيني .. صراع من أجل النفوذ في جنوب المحيط الهادئ

  • Share :
post-title
رئيس وزراء بابوا غينيا يصافح وزير الدفاع الأمريكي في بورت مورسبي

Alqahera News - سامح جريس

شهدت المنطقة الجنوبية من المحيط الهادئ في الآونة الأخيرة تصاعدًا في التنافس على النفوذ والسيطرة بين المعسكر الغربي والصين، إذ يسعى كل معسكر لتعزيز تحالفاته ونفوذه في المنطقة.

وفي إطار هذا التنافس، قام أخيرًا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجولة دبلوماسية، شملت عدة دول في المحيط الهادئ، في محاولة لاستعادة الدور الفرنسي وتقديم بديل للنفوذ الصيني المتزايد، بعد عدة زيارات دبلوماسية للمنطقة من المعسكر الغربي، أبرزها زيارتا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن.

عودة فرنسية

قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخلع بدلته وربطة عنقه يوم الجمعة، وتجول لأكثر من ميل في الغابات البرية لبابوا غينيا الجديدة، برفقة رئيس وزراء البلاد، جيمس مارابي.

وجاءت نزهة الزعيمين في حديقة فاريراتا الوطنية الغنية بالغابات، بالتزامن مع توقيع مبادرة بيئية جديدة مدعومة من فرنسا والاتحاد الأوروبي، والتي ستكافئ الدول التي تحافظ على غاباتها الاستوائية.

وفي المحطة الأخيرة من نزهتهما في الغابة، وصل الزعيمان إلى مشهد بانورامي لتلال مغطاة جزئيًا بالغابات ممتدة إلى الأفق، حيث تمت تسمية الموقع حديثًا على اسم الزائر الكبير: "منظر إيمانويل جان ميشال فريدريك ماكرون".

وقد توجت جولة ماكرون في بابوا غينيا الجديدة سلسلة من المناورات الدبلوماسية في جميع أنحاء المحيط الهادئ هذا الأسبوع، بما في ذلك رحلات قام بها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن.

صراع صيني-أمريكي

ويأتي هذا التوافد الكثيف للزيارات رفيعة المستوى وسط معركة متصاعدة بين الولايات المتحدة والصين للنفوذ في جنوب المحيط الهادئ.

وقد سعت بكين لإقامة نفوذ من خلال المساعدات وتمويل المشاريع، وفي العام الماضي وقعت اتفاقية أمنية مع جزر سليمان.

وردًا على ذلك، عززت واشنطن وحلفاؤها الجهود الدبلوماسية وتوسيع التعاون العسكري في محاولة لتعزيز الروابط مع حكومات المحيط الهادئ وتقديم بديل للصين.

إعادة انخراط فرنسا

بدأ ماكرون رحلته في كاليدونيا الجديدة، ثم فانواتو ثم بابوا غينيا الجديدة.

وذكر الإليزيه أن الغرض من رحلة ماكرون ليس هو "إعادة انخراط" فرنسا في المحيط الهادئ بقدر ما هو "تقديم بديل" للنفوذ المتزايد للصين في المنطقة.

واستخدم ماكرون الزيارة كوسيلة لإخبار قادة المحيط الهادئ بأن فرنسا تدرك التهديد الذي يواجهونه من الاحترار العالمي، بدءًا من ارتفاع مستوى سطح البحر وغمر الجزر المنخفضة وفقدان الحياة البرية والطقس المتقلب والتكاليف المالية التي تفرضها.

وهي رسالة شدد عليها على طول الساحل المتآكل في كاليدونيا الجديدة وفي أرخبيل فانواتو المهدد بالبحر، حيث انضم إلى دعوة للتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري.

ولا تعد حملة ماكرون البيئية في جنوب المحيط الهادئ فريدة من نوعها، إذ تمول الولايات المتحدة والصين وأستراليا ونيوزيلندا مساعدات مناخية كبيرة في دول المحيط الهادئ.

ومع ذلك، فإن مشروع الغابات والمناخ والتنوع البيولوجي، الموقع يوم الجمعة مع بابوا غينيا الجديدة والذي ستتم إدارته من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية، كان الركيزة الأساسية لزيارة ماكرون إلى بابوا غينيا الجديدة.

توافد كثيف

وتشير زيارة ماكرون، بالإضافة إلى زيارة وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلى زيادة التركيز الاستراتيجي على بابوا غينيا الجديدة.

وفي هذا العام، تلقت البلد الواقعة في جنوب غرب المحيط الهادئ زيارات من رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، ورئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، والرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو.

كما ألغى الرئيس الأمريكي جو بايدن رحلة مخططة؛ بسبب أزمة سقف الدين آنذاك في الولايات المتحدة.

بابوا غينيا والجيش الأمريكي

وأثناء وجوده في عاصمة بابوا غينيا الجديدة، بورت مورسبي، ناقش أوستن الخطوات التالية بعد التوقيع الأخير على اتفاقية تعاون دفاعي، من شأنها توسيع قدرات الدولة الجزرية وتسهيل تدريب الجيش الأمريكي مع قواتها.

ومع ذلك، شدد أوستن على أن الولايات المتحدة "لا تسعى لإنشاء قاعدة دائمة" في بابوا غينيا الجديدة.

وقال جيمس مارب، رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة، إن الجيش البابوي سيستفيد، والأهم من ذلك أن العلاقات الاقتصادية وبين البلدين ستتعزز مستقبلًا.

الولايات المتحدة بديلًا للنفوذ الصيني

وبعد الإعلان عن اتفاقية الأمن المفاجئة بين الصين وجزر سليمان العام الماضي، سعت واشنطن لتقديم نفسها كبديل للنفوذ الصيني المتزايد في المنطقة.

وردًا على ذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن مساعدات جديدة، وافتتاح سفارات في المنطقة، وتوقيع اتفاقيات، مثل تلك الموقعة مع بابوا غينيا الجديدة.

وبدأ بلينكن رحلته إلى المنطقة يوم الأربعاء، بافتتاح سفارة أمريكية جديدة في دولة تونجا رسميًا، وخلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزرائها، سياوسي سوفاليني، ذكر وزير الخارجية الأمريكي أن الولايات المتحدة ليس لديها اعتراض على مشاركة الصين مع المنطقة، ولكن هناك مخاوف من أن استثماراتها تحتاج أن تكون شفافة ومنفذة بتمويل مستدام.

ثم ناقش "بلينكن وسوفاليني" العلاقة الثنائية، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والعالمية، وفقًا للمتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر.

وقال ماثيو ميلر متحدث الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة تفي "بالتزاماتها" التي قطعها بايدن بـ"رفع مستوى الحضور الدبلوماسي والتنموي لها في المنطقة"، مؤكدًا أن الزيارة سلطت الضوء أيضًا على جهود أمريكا لمعالجة أزمة المناخ في المحيط الهادئ.

ثم سافر بلينكن إلى نيوزيلندا، واختتم رحلته مع أوستن لعقد اجتماع مع نظرائهما في أستراليا.

وهناك، سعى أوستن لتسليط الضوء على ما وصفه بـ"سلوك التنمر" الصيني.