الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحديات إعادة الإعمار.. الطريق الطويل نحو عودة الحياة لطبيعتها في المغرب

  • Share :
post-title
زلزال المغرب - أرشيفية

Alqahera News - سامح جريس

إن المأساة التي تسبب فيها الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب لم تكن مجرد اهتزاز أرضي عابر، بل كانت صدمة قوية تعمقت في قلوب الناس وألحقت أضرارًا جسيمة بالمنطقة، إذ فقدت العديد من الأسر أحباءها ومنازلها، وتعرضت الآلاف لإصابات جسيمة تطلبت عناية طبية عاجلة. وبالإضافة إلى ذلك، تضررت البنية التحتية الأساسية في المنطقة، مما أدى إلى انقطاع الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية.

تعتبر عملية إعادة الإعمار في مثل هذه الأوقات صعبة للغاية. فلا يكفي أن نبني مساكن جديدة ومرافق حديثة، بل يجب أن نستعيد الحياة والأمل في قلوب الناس المتضررين. يتطلب ذلك تحقيق التوازن بين إعادة الإعمار الجسدية والنفسية، وتوفير الدعم العاطفي والاجتماعي للمتضررين. كما يجب أن نأخذ في الاعتبار التراث المعماري والثقافي للمنطقة، ونعيد بناء المساكن والمرافق باستخدام التقنيات التقليدية والمواد المحلية، لنحافظ على الهوية الثقافية للمجتمعات المتضررة، مما يمثل صعوبة في إعادة الإعمار.

كان الزلزال القوي الذي بلغت قوته 7.2 درجة على مقياس ريختر مدمرًا بشكل لا يصدق، إذ تسب في مقتل قرابة 3000 شخص وإصابة أكثر من 5500 آخرين في المناطق الجبلية الواقعة بين مراكش وتارودانت. وفقًا لإحصائيات الحكومة المغربية، دمر الزلزال حوالي 50,000 مسكن بدرجات متفاوتة في المناطق المتضررة بشكل رئيسي في إقليمي الحاوزات وتارودانت، حيث تركز 90% من ضحايا الكارثة.

كما تضررت البنية التحتية الأساسية بشكل كبير في هذه المناطق الجبلية النائية. فعدد كبير من المدارس والمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية دمرت أو أصيبت بأضرار بالغة مما زاد من معاناة السكان. كذلك، فقد تضررت شبكات الطرق الترابية الوعرة وخطوط نقل الكهرباء؛ مما عقد إرسال المساعدات وعمليات الإنقاذ في الأيام الأولى.

إعادة الإعمار على أساس احترام التراث المعماري

اختار العاهل المغربي، الملك محمد السادس، أن تكون إعادة الإعمار على أساس احترام التراث المعماري للمنطقة، بحسب ما أشارت صحيفة لوموند الفرنسية، ما يعني استخدام الخامات والتقنيات التقليدية، وهو ما يزيد من تعقيد عملية البناء. كما يعاني المغرب بشكل عام من نقص في البنية التحتية وتوفير الخدمات في المناطق الريفية.

جهود ضخمة

في خضم هذه التحديات، أشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المغربية أعلنت عن برنامج طارئ للإغاثة وإعادة الإعمار، يهدف لتخصيص مبالغ مالية كمساعدات مباشرة للأسر المتضررة بلغت 30,000 درهم لكل أسرة، بالإضافة لمنح تتراوح بين 30,000- 140,000 درهم لإعادة إعمار كل مسكن تم تدميره، كما تُشير التقديرات الأولية إلى أن تكلفة البرنامج ستصل إلى 10 مليارات درهم مغربي على الأقل، بينما جمع صندوق التبرعات حتى الآن أكثر من 6 مليارات. وسيتم تمويل الباقي من خلال مختلف الصناديق الحكومية والمساهمات المحلية والدولية.

كما سيتم دعم صندوق التضامن المغربي للإسكان بـ3 مليارات درهم سنويًا لتمويل عمليات إعادة الإعمار.

أضرار هذا الزلزال ستظل مستمرة لسنوات

رغم هذه الجهود، أوضحت لوموند أن عملية إعادة الإعمار لا تبدو بسيطة، وتحتاج لسنوات طويلة قبل أن تعود الحياة مثلما كانت، إذ إن المخاطر الزلزالية ستظل موجودة دون تطبيق تدابير وقائية دقيقة. كما أن إعادة توطين الألوف من السكان في مناطق متباعدة ووعرة ستصطدم بصعوبات بالغة. ومن غير المتوقع أن تتحسن الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة دون إدخال إصلاحات شاملة طويلة الأمد.

بالإضافة إلى ذلك، ستلحق هذه الأزمة أضرارًا اقتصادية واجتماعية بالغة، إذ ستؤدي إلى زيادة عدد الهجرات من المناطق الريفية إلى المدن الكبرى؛ بحثًا عن فرص عمل، ما سيعقد مهمة النهوض بالاقتصاد المحلي. كما ستتفاقم مشكلة الفقر والبطالة المنتشرة بالفعل، مما قد يزيد من حدة التوترات الاجتماعية.

وبالرغم من التزام السلطات بتوفير الدعم المباشر للمتضررين، إلا أن أضرار هذا الزلزال ستظل مستمرة لسنوات، ولن يتمكن معظم ضحاياه من العودة إلى حياة هادئة ومستقرة إلا بعد إجراء تغييرات جذرية طويلة المدى في سياسات التنمية والتخطيط العمراني بالمنطقة.

تحديات هائلة

تواجه عملية إعادة الإعمار في المناطق الريفية المتضررة من الزلزال عدة تحديات بحسب ما أشارت الصحيفة، إذ إنها تتمثل في تشتت المساكن وصعوبة الوصول إليها بسبب انتشارها عبر مساحة واسعة في المناطق الجبلية، حيث يوجد حوالي 4000 قرية متفرقة في محافظتي الحوز وتارودانت، كما تعاني المنطقة من ضعف البنية التحتية الطرقية وندرة وسائل النقل ما يعقد عملية نقل المواد والآليات. كذلك تتمثل التحديات في ندرة الأيدي العاملة الماهرة والخبرات الفنية في تلك المناطق، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسكان واستمرار الآثار الإنسانية للكارثة، كل هذه العوامل تطيل من مهلة إنجاز عملية الإعمار وإعادة التأهيل.