الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

قانون خفض التضخم.. التربح من الأزمة الأوكرانية يفجر الخلافات بين أوروبا وأمريكا

  • Share :
post-title
أزمة بين حلفاء الغرب

Alqahera News - مروة الوجيه

الحرب الروسية الأوكرانية.. لا تزال أصداؤها تضرب العالم شرقًا وغربًا، خاصة من الناحية الاقتصادية، حيث يعاني اقتصاد العالم جراء تبعات هذه الحرب، من ارتفاع نسبة التضخم، والركود، وارتفاع أسعار الغاز وإمدادات سلاسل التوريد جراء العقوبات الغربية على روسيا، ورد الأخيرة بتقليص إمداداتها لمواد الطاقة للجانب الغربي، الأمر الذي أدى إلى إحداث زلزال مدوٍ فجّر أزمات متوالية على الحلفاء الغربيين للقضية الأوكرانية، كما أسقط حكومات كانت بريطانيا أولى ضحاياها.

الأمر لم يتوقف عن ذلك فحسب، بل ظهرت تبعات انقسام بين حلفاء الماضي (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة) بالنظر إلى أن واشنطن تسعى للتربح من هذه الحرب للنأي بنفسها عن الغرق في أزمات اقتصادية جديدة، الأمر الذي يشير إلى تفكك القوة المتحدة أمام المصالح الشخصية للدول.

"خفض التضخم".. قانون الأزمة

أفاد تقرير صادر عن وكالة "بلومبرج" الإخبارية، أمس الجمعة، أن قانون خفض التضخم الأمريكي أدى إلى زيادة الانقسامات بين دول الاتحاد الأوروبي، ويمكن أن يؤدي إلى انقسام الوحدة عبر الأطلسي (بين الاتحاد وأمريكا).

ودعا الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، الدول الأوروبية إلى محاربة "السياسة غير النزيهة" للولايات المتحدة وإقرار قانون "شراء أوروبي" مشابه للقانون الأمريكي. وهذا، بحسب المستشار الألماني شولتس، "سيكون خطأ استراتيجيًا".

كما أكد النائب التنفيذي لرئيسة المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، إن القانون الأمريكي لخفض التضخم يحتوي على عناصر تمييزية يمكن أن تضر بالشركات الأوروبية.

وأضاف المسؤول الأوروبي في جلسة، قبيل الاجتماع الثالث لمجلس الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتجارة والتكنولوجيا: "يحتوي قانون الحد من التضخم على عناصر تمييزية بشكل واضح من شأنها أن تضر بشركات الاتحاد الأوروبي وقدرتها على التصدير إلى الولايات المتحدة، وكذلك يمكن أن تؤثر على قدرتنا التنافسية بشكل نزيه مع المنتجات الأمريكية في أسواق الدول الثالثة".

ونوّه دومبروفسكيس، بأن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قاما بتشكيل مجموعة خاصة حول هذا القانون لمناقشة مخاوف الاتحاد الأوروبي والعمل على إيجاد حلول، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية "د.أ.ب".

وقال: "نحن نطالب بالعدالة، لا أكثر، نريد ونتوقع أن تعامل الشركات والصادرات الأوروبية في الولايات المتحدة بالطريقة نفسها التي تعامل بها الشركات والصادرات الأمريكية في أوروبا".

القانون الأمريكي

ويشمل القانون الأمريكي الجديد، التخفيضات الضريبية والمزايا في مجال إمدادات الطاقة للمؤسسات، ويشجع عمومًا السكان على شراء المنتجات الأمريكية (خطة اشترِ المنتجات الأمريكية)، من جهتها تعتقد ألمانيا وفرنسا، أقوى دول الاتحاد الأوروبي اقتصاديا، أن هذا القانون حمائي ويؤثر سلبًا على الصناعة الأوروبية.

ووقّع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أغسطس الماضي، على مشروع القانون بخفض التضخم بقيمة 430 مليار دولار، الذي ينظر إليه على أنه أكبر حزمة للمناخ في تاريخ الولايات المتحدة ويستهدف تقليص انبعاثات الغازات المحلية وخفض سعر الأدوية، حيث وصف الرئيس الأمريكي هذا القانون بأنه "أهم التشريعات في تاريخ الولايات المتحدة" مشددًا على أن قانون خفض التضخم "يفي بالوعد الذي وعدت به واشنطن الشعب الأمريكي لعشرات الأعوام".

وقد أدي ذلك القانون الى زيادت المخاوف الأوروبية، بعد حزمة الإعانات والإعفاءات الضريبية الأمريكية التي تبلغ 369 دولارًا لدعم الصناعات والأعمال القائمة على تقنيات الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، أو ما يسمى بـ"الاقتصاد الأخضر"، والذي وفقًا للقانون سيدخل حيز التنفيذ في يناير المقبل.

وأوضح المستشار الألماني أولاف شولتس أنه يخشى من تصرفات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ردًا على إجراءات الحكومة الأمريكية هذه، حيث قد يؤدي الأمر إلى "نشوب حرب تجارية أخرى عبر المحيط الأطلسي"، وفق "بلومبرج".

مناقشات أوروبية

ووقفت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بحزم ضد قانون الرئيس بايدن لخفض التضخم، وسط مخاوف من أن يلحق الضرر بشركاتها واقتصاداتها المحلية.

وناقش 27 وزيرًا، من وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، التشريع الأمريكي الشامل، وجاء ذلك بعد أن قالت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إن هناك "مخاوف جدية" بشأن تصميم الحوافز المالية في الحزمة.

ونقلت شبكة CNBC الأمريكية عن مسؤولين بالاتحاد الأوروبي تابعوا مناقشات المفوضوية، حيث اتفق كل وزير من الدول الأعضاء (27 عضوًا في الاتحاد) على أن هذا موضوع مثير للقلق على المستوى الأوروبي وأنهم بحاجة لمعرفة ما هو أفضل رد".

وأضافت الشبكة عن مسؤول أوروبي "هناك إجماع سياسي (بين وزراء دول الاتحاد) على أن هذه الخطة تهدد الصناعة الأوروبية".

خرق القانون الدولي

ووفق CNBC، فإن الاتحاد الأوروبي أدرج نحو 9 نقاط في قانون خفض التضخم الأمريكي، يمكن أن يكون خرقًا لقواعد التجارة الدولية.

وكانت أكبر النقاط الشائكة بالنسبة للأوروبيين هي الإعفاءات الضريبية الممنوحة للسيارات الكهربائية المصنوعة في أمريكا الشمالية، لأن هذا قد يجلب تحديات لشركات صناعة السيارات الأوروبية التي تركز على المركبات الكهربائية.

وأوضح فالديس دومبروفسكيس، المفوض الأوروبي للاستقرار المالي والخدمات المالية: "هذا ما نسعى إليه في النهاية: أن يكون الاتحاد الأوروبي، كحليف وثيق للولايات المتحدة، في وضع يشبه إلى حد كبير موقف المكسيك وكندا".

كما أثار المسؤولون الكوريون الجنوبيون مخاوف مماثلة لأوروبا، نظرًا لأن مجموعة الإجراءات في الولايات المتحدة قد تقيّد أيضًا شركات صناعة السيارات غير الكهربائية.

من جانبها، نقلت الشبكة الأمريكية عن وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، الذي أخبر نظراءه أنه لم يطلب اتخاذ قرار سلبي قوي ضد أصدقاء الاتحاد الأوروبي الأمريكيين، بل طلب دعوة للاستيقاظ لنظرائه الأوروبيين الذين يحتاجون إلى حماية مصالح الشركات الأوروبية.

وأضاف لومير: "نحن بحاجة إلى أن نكون واضحين للغاية، وموحدين للغاية، وقويين جدًا منذ البداية لنشرح لشركائنا في الولايات المتحدة أن قانون خفض التضخم يضر بإمكانية الحفاظ على تكافؤ الفرص بين الولايات المتحدة وأوروبا".

وقال: "إن تكافؤ الفرص هو جوهر العلاقة التجارية بين القارتين، ولا نريد أن نرى أي نوع من القرارات يمكن أن يضر هذا المجال المتكافئ".

يذكر أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد اقترح أكتوبر الماضي، ضرورة أن يتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات في إبرام "قانون الشراء الأوروبي" لحماية شركات صناعة السيارات الأوروبية.

وأوضح "ماكرون" في مقابلة مع محطة فرانس 2 الإذاعية: "نحن بحاجة إلى قانون شراء أوروبي مثل الأمريكيين، نحتاج إلى تثبيت دعمنا لمصنعينا الأوروبيين"، مضيفًا: "لديك الصين التي تحمي صناعتها، والولايات المتحدة تحمي صناعتها وأوروبا التي تعتبر منزلًا مفتوحًا".

ليس الواقعة الأولى

لم يكن القانون الأمريكي بخفض التخضم هو الواقعه الأولى التى تثيرها أوروبا باتهام واشنطن بالنظر إلى مصالحها الشخصية دون الاعتبار لتأثير ذلك على اقتصاد حلفائها في الغرب، حيث أورد تقرير لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، أوردت فيه أن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي يهاجمون الرئيس الأمريكي جو بايدن لأسباب تتعلق بارتفاع أسعار الغاز ومبيعات الأسلحة والتجارة، ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن مسؤول أوروبي بارز، "تتمثل الحقيقة في أنه إذا نظرتم إلى الأمر بهدوء، فإن البلد الأكثر استفادة من هذه الحرب هو الولايات المتحدة لأنها تبيع مزيدًا من الغاز وبأسعار أعلى، وكذلك الحال بالنسبة للأسلحة".

وأعرب مسؤولون أوروبيون عن قلقهم من الغضب المتزايد في أوروبا حيال الدعم الذي تقدمه أمريكا للغاز والطاقة في أراضيها، فيما ترتفع أسعارهما في القارة العجوز، "ما يهدد بتدمير الصناعة الأوروبية. ومن المرجح أن يرحّب الكرملين بتسمم الأجواء بين الحلفاء الغربيين"، وفق الموقع الإلكتروني لـ"بوليتيكو".

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي، حيث وصف الخطوة الأمريكية وبيع الغاز لحلفاء أوروبا بأسعار مرتفعة، تعمل على تأليب الرأي العام ضد المجهود الحربي والتحالف الغربي خلال الحرب الروسية الأوكرانية. وبشكل كبير، تتأثر التجارة بين ضفتي الأطلسي لأن أسعار الطاقة المرتفعة في أوروبا، بسبب شراء الغاز من أمريكا، تؤدي إلى ارتفاع في أسعار السلع الأوروبية، مما يضعف قدرتها على المنافسة. ووفق المسؤول الأوروبي نفسه، "على أمريكا أن تدرك أن الرأي العام يتغير في عدد من دول الاتحاد الأوروبي".

وقد دعا جوزيب بوريل، كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، واشنطن إلى الاستجابة للمخاوف الأوروبية. ونقلت "بوليتيكو" عنه عتابه على ذلك الوضع الذي يتسبب فيه الأمريكيون "أصدقاؤنا"، ويؤثر اقتصاديًا في أوروبا.

وفي سياق متصل، أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن ارتفاع أسعار الغاز الأمريكي ليس "وديًا". وكذلك دعا وزير الاقتصاد الألماني، واشنطن إلى إظهار مزيد من "التضامن" والمساعدة في خفض كلفة الطاقة.

ووفق ما نقلته "بوليتيكو" فقد أعرب وزراء ودبلوماسيون أوروبيون عن إحباطهم من الطريقة التي تتجاهل بها حكومة بايدن، ببساطة، أثر سياساتها الاقتصادية المحلية على الحلفاء الأوروبيين. وخلال قمة "مجموعة العشرين" التي أقيمت في بالي، الأسبوع الماضي، تواصل قادة الاتحاد مع بايدن بشأن ارتفاع أسعار الغاز الأمريكي، و"ببساطة" بدا الرئيس الأمريكي غير مدرك لأبعاد تلك المسألة، واتفق مسؤولون ودبلوماسيون آخرون في الاتحاد الأوروبي على أن الجهل الأمريكي بالعواقب المترتبة على أوروبا يمثل مشكلة كبرى بين الحلفاء وربما يؤثر ذلك على العلاقات بين الاتحاد وواشنطن.