الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد 44 يوما.. "بايدن" يتغافل عن مجازر الاحتلال ويرسم خارطة مستقبل على المقياس الإسرائيلي

  • Share :
post-title
الرئيس الأمريكي جو بايدن- أرشيفية

Alqahera News - سمر سليمان

بعد 44 يوم من السابع من أكتوبر الماضي، هذا اليوم المفصلي في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وما تلاه من عدوان وحشي على قطاع غزة، كتب الرئيس الأمريكي جو بايدن مقالًا للرأي لصحيفة واشنطن بوست، تحت عنوان " الولايات المتحدة لن تتراجع أمام تحدي بوتين وحماس".

يأتي المقال بينما بدأت ثقة الأمريكيين في إدارة البيت الأبيض تتضاءل؛ وفيه سطّر بايدن، وهو على مشارف معركة انتخابية حامية، رؤية الدولة العظمى الداعمة علنًا لإحدى طرفي النزاع المتنامي حاليًا في الشرق الأوسط لما اتخذته من إجراءات وما تأمل أن تصل به بعد انتهاء الحرب.. فما هي الرؤية الأمريكية لمآلات العدوان على غزة ومستقبل القطاع المحاصر؟.

العدمية القاتلة

واستهل بايدن بالوعد الأمريكي توفير كامل الحماية لإسرائيل، ومنحها في سطوره الحق في الدفاع عن نفسها، لكنه لم يشر إلى هذا الحق باعتباره ملكًا للشعب الفلسطيني بدوره.

كتب بايدن في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، السبت: "نقف بثبات إلى جانب الشعب الإسرائيلي وهو يدافع عن نفسه ضد العدمية القاتلة".

واختلفت رؤية الرئيس الأمريكي لما يمارسه كلا الجانبين، فبينما وصف ما أقدمت عليه حركة حماس في هجومها يوم السابع من أكتوبر الماضي، باعتباره "عدمية قاتلة" و"مذبحة ضد الشعب اليهودي" وقعها أسوأ من أحداث المحرقة، إلا أنه اقتصر أحداث العنف والمذابح التي باتت جرائم حرب رصدتها الأمم المتحدة، وأكدتها وكالاتها العاملة على الأرض في القطاع، في شعوره بالحزن على "الخسارة المأساوية" للأرواح البريئة، مشيرًا للوضع السيء للقطاع في ظل الحصار وشُح الموارد.

كتب بايدن أن هجوم المقاومة على إسرائيل خلّف "قتل الرضع والأطفال"، و"ذبح عائلات بأكملها في منازلهم"، بالإضافة إلى"جثث مثقوبة بالرصاص ومحترقة لدرجة يصعب التعرف عليها"، فضلًا عن إشارته لقتل الشباب في مهرجان الموسيقى، متجاهلًا التقارير الإسرائيلية التي نشرتها صحيفة "هآرتس" حول قتل مروحية تابعة لجيش الاحتلال لشبان في الحفل الموسيقي، زعموا أنه بطريق الخطأ بينما كانت تستهدف عناصر المقاومة بمحيط الحفل يوم الهجوم.

بالمقابل، عن الوضع في القطاع كتب: "أشعر بحزن عميق إزاء الصور المؤلمة القادمة من غزة والخسارة المأساوية للعديد من الأرواح البريئة، بما في ذلك الأطفال. الأطفال الفلسطينيون يشعرون بالحزن على والديهم المفقودين، بينما يلجأ الآباء إلى كتابة اسم طفلهم على أيديهم أو أرجلهم في حالة حدوث الأسوأ".

ورغم أن مقال الرئيس الأمريكي يتزامن مع أكبر مجزرة يشهدها القطاع، منذ بدأ الحرب، وهي العملية العسكرية التي يجريها جيش الاحتلال بمستشفى الشفاء، وفق تعريفه، وجريمة حرب مكتملة الأركان وفقًا للقانون الدولي الإنساني، لكن المقال لم يشر إليها ولو من بعيد باعتبارها ممارسة لـ"عدمية قاتلة" بحق الأطفال الخدج –المبتسرين- وجرحى الحرب من المدنيين، والنازحين من مناطق القتال، والضحايا من الشهداء اللذين تعذر دفن جثامينهم في ظل وضع حصار صعب، فواروا الثرى في حفرة عميقة بالفناء الخلفي للمستشفى بعد أن نهشت الكلاب جثامينهم وأكل بعضها الدود. وفق تقارير الصحة الفلسطينية.

وحتى نشر جو بايدن لمقاله، سقط أكثر من 12 ألف شهيد في قطاع غزة، جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة صوب القطاع، أكثر من 40% من بينهم أطفال، إضافة إلى سقوط ما يزيد على 28 ألف من الجرحى وفق وزارة الصحة الفلسطينية، ونزوح نحو 1.6 مليون فلسطيني من شمال القطاع صوب الجنوب، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

دولة دون حماس

مقال بايدن حافظ أيضًا، على الفصل الأمريكي المتكرر لتعريف طرف النزاع في مواجهة إسرائيل، وهو المقاومة الفلسطينية، واعتبر المقال حماس كيان – منظمة إرهابية، بحد وصفه- لا ينتمي للدولة الفلسطينية، يجب التخلص منه للأبد.

ورغم محاولة التضئيل من حماس لكنه وضعها في خانة واحدة مع روسيا في تصنيفه لمن يحاربون الديمقراطية المجاورة، في إشارة إلى العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي تقول موسكو إنها تقوم بها لضمان أمن حدودها.

ضرورة حل الدولتين

حل الدولتين ورغم أنه بدا للإدارة الأمريكية بعيد المنال أكثر من أي وقت مضي، إلا أنه أصبح الوسيلة الوحيدة والأكثر ضرورة بالوقت الراهن "لضمان الأمن الدائم لكل من السكان الإسرائيليين والفلسطينيين". بحسب مقال بايدن.

كتب الرئيس الأمريكي "إن حل الدولتين، الذي يتميز بوجود شعبين متميزين يتعايشان مع المساواة في الحصول على الحرية والفرص والكرامة، هو الطريق نحو السلام الدائم".

ورهن بايدن، في مقاله، تحقيق الهدف – حل الدولتين- بالتزامات فورية من الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك من الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء.

المبادئ الأساسية للحل (من وجهة النظر الأمريكية)

أشار المقال إلى الرؤية الأمريكية لبلوغ هدف "حل الدولتين" وذلك من خلال مبادئ أساسية تقدمت بها واشنطن يمكن البناء عليها، بحد ما يأمل.

واستهل المقال هذا الجزء باللاءات الخمس التي سبق وأشار إليها وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، في وقت سابق من هذا الشهر بشأن الرؤية الأمريكية للوضع في غزة وهي "ألا تُستخدم غزة مرة أخرى كمنصة للإرهاب. ألا يكون هناك تهجير قسري للفلسطينيين من غزة، ولا إعادة احتلال، ولا حصار، ولا تقليص في الأراضي". ومن ثم تبعها بأن "تكون أصوات الشعب الفلسطيني وتطلعاته في قلب الحكم بعد الأزمة في غزة".

سلطة فلسطينية متجددة

تحدث بايدن، عن إعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل هيكل حكم واحد، لكن "في ظل سلطة فلسطينية متجددة"، وفق تعبيره، وذلك في إشارة أخرى لضرورة القضاء على الإرهاب وخروجه من القطاع.

كتب "هدفنا إنهاء الحرب إلى الأبد وبناء وضع أقوى في غزة".

"خطوات خاصة" مقابل "عقوبات"

وأمام 3 حزم من العقوبات الأمريكية فرضت على قادة حماس، وكيانات، زعم قرار وزارة الخزانة الأمريكية، مسؤوليتها عن تمويل الحركة وإمداداها بالأسلحة، والتدريب، لوّح بايدن بـ"خطوات خاصة" بالمقابل، لمن يمارسون "العنف المتطرف" ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

كتب بايدن في المقال:" لا بد لأولئك الذين يرتكبون أعمال العنف من أن يخضعوا للمساءلة. والولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ خطواتنا الخاصة، بما في ذلك إصدار حظر على تأشيرات الدخول ضد المتطرفين الذين يهاجمون المدنيين في الضفة الغربية".

تدابير أمنية مؤقتة

وبدعوى تجنب ألا تنطلق أي "تهديدات إرهابية" من غزة أو الضفة الغربية، أشار الرئيس الأمريكي في مقاله إلى ضرورة فرض "تدابير أمنية مؤقتة" في غزة، ضمن خطوات خاطب المجتمع الدولي لاتخاذها لأجل دعم سكان القطاع في أعقاب انتهاء الحرب مباشرة، تشمل "إنشاء آلية لإعادة الإعمار لتلبية احتياجات غزة على المدى الطويل وبشكل مستدام".

شرق أوسط أكثر سلمًا

ووجد الرئيس الأمريكي أن من واجب بلاده القيادة، إدراكًا منها لدورها كدولة أساسية، ونزولًا لما يتطلع إليه العالم في أن تتصدى للتحديات المعاصرة، متعهدًا بأن تضاعف الولايات المتحدة جهودها لأجل شرق أوسط "أكثر سلمًا وتكاملًا وازدهارًا" لا يتكرر فيه أحداث السابع من أكتوبر، في إشارة لـ"طوفان الأقصى" المباغت على إسرائيل.

لافتًا لما تراءى للعالم عبر التاريخ بشأن كيف يمكن للصراعات في الشرق الأوسط أن تطلق العنان لعواقبها في جميع أنحاء العالم.