الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بيرو على صفيح ساخن بين الاحتجاجات واحتدام الأزمة السياسية

  • Share :
post-title
احتجاجات بيرو

Alqahera News - مروة الوجيه

تتصاعد الأوضاع السياسية في بيرو بوتيرة سريعة، خلال فترة حرجة يمر بها العالم حاليًا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما خلّفته من أزمة اقتصادية طاحنة أثرت على كل الدول شرقًا وغربًا.

وفي أعقاب هذه التوترات تصاعدت الاحتجاجات في العاصمة ليما، بالإضافة لاستقالة عدد من الوزراء في الحكومة الراهنة، ومطالبة المتظاهرين باستقالة الرئيسة الحالية للبلاد دينا بولوارتي، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي بصورة قوية.

ورفضت رئيسة بيرو الجديدة دينا بولوارتي الاستقالة من منصبها الذي تولته قبل نحو 10 أيام، وأصرت على طلبها إلى الكونجرس بتقديم موعد الانتخابات العامة لإنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد عقب عزل سلفها بيدرو كاستيلو في 7 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

وخلال مؤتمر صحفي، أمس السبت، مع أعضاء حكومتها وقادة القوات المسلحة، أكدت الرئيسة بولوارتي أن استقالتها لن تحل الأزمة السياسية في البلاد. وأضافت: "سنكون حازمين هنا حتى يبت الكونجرس في الانتخابات المبكرة"، وفقًا لما نقلته وكالة "بلومبرج" الإخبارية.

لكن الأمر ازداد تعقيدًا عقب تقديم وزيري التعلم والثقافة استقالتيهما من منصبيهما، أمس السبت، احتجاجًا على سقوط ضحايا في المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ إزاحة الرئيس بيدرو كاستيلو عن السلطة الأسبوع الماضي.

وقال وزير الثقافة، يائير بيريز برانيز، حسب ما ذكرت وكالة أنباء "أندينا" البيروفية، إنه قدم استقالته "غير القابلة للتفاوض" عبر رسالة موجهة إلى رئيسة الجمهورية الحالية، دينا بولوارتي.

وكتب "برانيز" على موقع "تويتر": "بيرو بحاجة إلى السلام والحوار الفعال، لا مزيد من العنف، أدعو جميع القوى للتفكير واتخاذ الإجراءات من أجل إحلال السلام لشعب بيرو".

وفي سياق متصل، قدمت وزيرة التربية والتعليم، باتريشيا كوريا، استقالتها أيضًا، بعدما بقيت في منصبها لأسبوع فقط.

وفي رسالة بعثت بها إلى رئيسة الجمهورية، أوضحت "كوريا" الظروف التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار، حيث قالت إنها قبلت أن تصبح وزيرة "مدفوعة بمسؤولية ضمان الحق في التعليم لجميع الطلاب البيروفيين، والذي يرتبط بمستقبل الجمهورية ضمن الأطر الديمقراطية والمؤسسية"، وأضافت أن بيرو "تواجه أزمة سياسية ذات أبعاد رئيسية تتطلب قناعات ديمقراطية واحترام النظام، وفي الوقت نفسه السلامة الجسدية لكل مواطن من مواطني بيرو" والتي- كما قالت- "تم انتهاكها للأسف في الآونة الأخيرة".

ماذا حدث في بيرو؟

مع بداية الشهر الجاري تصاعدت الأزمة السياسية في بيرو، بين الرئيس اليساري السابق بيدرو كاستيلو والبرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة اليمينية، لينتهي الأمر بكاستيلو معزولاً من قِبل البرلمان الذي أعلن حلّه الرئيس قبل ترك منصبه، إلا أنه بعد قرار البرلمان تم اعتقال كاستيلو من قِبل الشرطة.

ونشرت الشرطة في بيرو، صورة للرئيس كاستيلو جالسًا بلا قيود في مركز للشرطة بعد التصويت على عزله، وقالت إنها تدخلت لأداء واجباتها، ووصفته بالرئيس السابق، وقال بيان الشرطة إن كاستيلو كان ينوي اللجوء إلى السفارة المكسيكية وطلب اللجوء قبل القبض عليه، وفي المقابل قال وزير الخارجية المكسيكي، مارسيلو إبرارد، إن بلاده مستعدة لمنح اللجوء لكاستيلو المعزول إلا أنها لم تتلق أي طلب بهذا الصدد.

وصوّت البرلمان في بيرو، في 8 ديسمبر (كانون الأول) الجاري على عزل كاستيلو بأغلبية 101 نائب من أصل 130 في جلسة بثها التلفزيون بشكل مباشر، بتهمة "العجز الأخلاقي".

رئيس البرلمان، خوسيه ويليامز، قال إن قرار العزل يفعّل المادة 115 في الدستور البيروفي التي تنص على الخلافة الرئاسية. وعليه، أقسمت نائبة الرئيس دينا بولوارتي اليمين الدستورية أمام البرلمان، لتستمر في منصبها كأول رئيسة للبلاد حتى نهاية العام 2026 (موعد انتهاء مدة حكم كاستيلو)

وكانت هذه هي المرة الثالثة التي تتعالي فيها الأصوات لعزل الرئيس البيروفي، ففي مارس (آذار) الماضي أيضًا ظهرت مطالبات من البرلمان بعزله، وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قدّم مكتب المدعي العام شكوى دستورية ضد كاستيلو بزعم أنه قاد "منظمة إجرامية" للاستفادة من عقود الدولة وعرقلة التحقيقات. ووصف كاستيلو المزاعم بأنها "افتراء" من قِبل جماعات تسعى "للاستفادة منها والاستيلاء على السلطة التي أخذها الناس منها في صناديق الاقتراع".

وعقب إعلان عزل الرئيس السابق ضربت البلاد موجة عنيفة من الاحتجاجات واندلعت الاضطرابات السياسية وانتشرت المظاهرات من جنوب البلاد إلى مدن الشمال، مثل لا ليبرتاد، وطالب المحتجون بإجراء انتخابات مبكرة وإطلاق سراح كاستيلو.

وتطور الأمر خلال الأيام الماضية، حيث أعلنت حكومة ليما فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 30 يومًا، وذلك عقب دخول الاحتجاجات مرحلة العنف التي راح ضحيتها أكثر من 7 مواطنين، بالإضافة لمئات المصابين على أثر تشابك بين الشرطة والمحتجين.

وفي 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، رضخت رئيسة الحكومة لمطالب المحتجين، وأعلنت أنها بصدد تقديم طلب للكونجرس لعقد انتخابات عامة مبكرة في أبريل 2024، وأمس السبت، أعلنت بولوارتي أنها تقدمت بالفعل بالطلب الرسمي وهي بصدد انتظار رأي الكونجرس.

مواقف دولية

تعد بيرو ثاني أكبر منتج للنحاس عالميًا، ويعد اقتصادها واحدًا من أكبر 42 اقتصادًا في العالم، ووفق الوقت الراهن فإن العالم لا يزال يعاني من العديد من الأزمات التي لا مفر منها، لذلك كان الموقف العالمي تجاه أزمة بيرو يصب في اتجاه فرض الأمن والسيطرة على المظاهرات والتوجه لسبل السلام تجنبًا لانفجار أزمة عالمية جديدة، وخاصة أن كاستيلو ليس الرئيس الأول الذي أطيح به في البلاد التي تشهد أزمات سياسية متلاحقة، بل هو الثالث خلال سنوات. إذ سبق أن عُزل رئيسان، هما بيدرو بابلو كوتشينسكي اليميني عام 2018، ومارتن فيزكارا الوسطي عام 2020.

وعقب تولي دينا بولوارتي منصبها الرئاسي، كان هناك ترحيب بهذا التغير، إذ أعلنت الخارجية الأمريكية مواصلة دعم واشنطن للبيرو، لا سيما في ظل الحكومة الوطنية التي تعهدت الرئيسة بولوارتي بتشكيلها.

أما الرئيس البرازيلي المنتخب، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، فعبّر عن أسفه بأن يواجه رئيس منتخب ديمقراطيًا مثل هذا المصير الذي لاقاه كاستيلو، لكنه أعرب عن ارتياحه بأن كل شيء نُفّذ ضمن الإطار الدستوري.

أما الرئيس البوليفي، لويس آرسِ، فأشار إلى أنه، ومنذ البداية، حاول اليمين في البيرو إطاحة حكومة انتخبت ديمقراطياً من قِبل الشعب، فيما لام الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، النخبة السياسية لعدائها تجاه كاستيلو، ما خلق بيئة من المواجهة والعداء ضدّه.

الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية، لويس ألماجرو، استنكر محاولات كاستيلو خرق النظام الدستوري. فيما رحبت مدريد بعودة الحياة الديمقراطية إلى طبيعتها في ليما.