الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بين متغيرات واجبة وأشعار باقية.. الإنشاد الديني تراث مصري خاص

  • Share :
post-title
الإنشاد الديني تراث مصري خاص عبر العصور

Alqahera News - محمد عبدالمنعم- تصوير: عمرو حطب

"يا إمام الرسل يا سندي.. أنت باب الله معتمدي.. ودنيايا وآخرتي.. يا إمام الرسل خذ بيدي.. يا رسول الله مدد يا حبيب الله مدد" من هذه الكلمات يذوب الناس في رحلة مع الإنشاد الديني والمديح، هائمين بين أشعار جلال الدين الرومي وابن الفارض والحلاج وابن عربي، فالكلمات اختلفت لكن الحب جمع الناس الذين بحثوا عما يلامس شغاف قلوبهم ويتصل بأرواحهم فيهيمون به في رحلة إلى عنان السماء.. "ولي في الهوى آلمان، آلم أبثه وآخر في طي الضلوع مستور".

تراث مصري

هذه الرحلة التي بدأت من مصر القديمة، وصاحبها مجموعة من الطقوس والشعائر، تغيرت على مر سنوات، فمصر لها خصوصية في هذا الفن الذي خرج من أرضها، ويحافظ عليه الأجيال المتعاقبة، فهو إرث كبير حسبما يؤكد المنشد محمود التهامي لموقع "القاهرة الإخبارية"، الذي تحدث حول المتغيرات التي طرأت على هذا اللون قائلًا: "لدينا مَن يقدم أشعار الإنشاد الديني لكن ليس بنفس الزخم الذي كان موجودًا في الماضي، لأنه يرى أن المتغيرات الخارجية الآن أصبحت مسيطرة على الناس مثل وسائل التواصل الاجتماعي والألوان الأخرى من الغناء".

طقوس خاصة

هذه الرحلة الروحانية لديها طقوس خاصة حتى مع وجود المتغيرات التي يتحدث عنها الشيخ محمود التهامي، فليس كل من وقف وغنى أشعار الرومي وابن عربي نطلق عليه "مبتهل"، ويوضح قائلًا: "يجب على مَن يقدم هذا اللون أن يكون حافظًا لبعض من آيات القرآن والكثير من الأشعار واللغة العربية، ولديه خلفية موسيقية ودراسة في علم المقامات ويتمتع بصوت جميل".

التطور مهم

يؤكد "محمود التهامي" نجل شيخ المداحين ياسين التهامي أن الإنشاد الديني يشهد تطورًا ملحوظًا في الموسيقى، ويقول: "الآلات تطورت وهذا مهم جدًا من أجل استمرار الوجود، فالأناشيد إذا بقيت كما هي ستندثر، لذلك علينا أن نحافظ على هذا الفن الذي لنا السبق فيه، وتطويره من أجل الوصول إلى كل الثقافات".

ويضيف: "قديمًا كان الإنشاد مقتصرًا على المساجد، لكن في الوقت الحالي الأمر مختلف، والأناشيد أصبحت موجودة على المسارح والحفلات، ودخلت في الثقافات والفنون الأخرى، لذلك يجب أن نوجد بقوة، فأنا دائمًا أحرص على تقديم الإنشاد الديني في مختلف الدول، وأخيرًا كنت موجودًا مع السيمفونية الثلاثية في حفلة خارج مصر لأحافظ على وجودنا العالمي مع 300 موسيقي وعازف من مختلف البلدان".

المنشد محمود التهامي
الاقتباس من التراث

"تُناديكم روحي ويشتاقكم وجدي، وتهفو لكم نفسي ويحلو بكم وردي"، و"أكاد من فرط الجمال أذوب" هذه الكلمات هي جانب من الإرث الكبير الذي تتميز به مصر عن الدول العربية، وعن ذلك يقول المنشد عبد الرحمن بلالة: "الفرق العربية مازالت تغني الإنشاد القديم الخاص بنا، فلا جديد في النصوص أو الإنشاد حاليًا".

متغيرات الإنشاد

ويوضح "عبد الرحمن" التغيرات التي طرأت على الإنشاد قائلًا: "قديمًا كان المنشد يوجد مع البطانة الخاصة به (الفرقة الموسيقية المصاحبة للمنشد) أما الآن فالإيقاعات الموسيقية الإلكترونية أصبحت منتشرة، حتى الشعراء الصوفيون أصبحوا نادرين جدًا، والمنتشر حاليًا هو المديح الشعبي مثل "لاجل النبي"، "قمرٌ"، "وحب الرسول يابا" وغيرها.

تعلق بالماضي

"مازال يستمتع الناس بابن الفارض والحلاج وجلال الدين الرومي، فهم جزء من الروحانيات التي اعتادوا عليها"، هكذا يوضح "عبد الرحمن بلالة" سبب تعلق المحبين للتراث القديم، ويقول: "هم متعلقون بكل ما اعتادوا عليه حتى الموالد لها أجواء خاصة حتى بالنسبة لنا، ونكون حريصين على تقديم أشعار مناسبة مع المواسم التي نوجد فيها، فعلى سبيل المثال لا أغني شيئًا متعلقًا برمضان في ليلة مثل الإسراء والمعراج".

المنشد عبد الرحمن بلاله
غياب العربية الفصحى

تُرجع الناقدة الموسيقية والدكتورة المصرية ياسمين فراج سبب عدم وجود أشعار لهذا اللون بسبب قصور في كتابة الأشعار بالعربية الفصحى، وتقول: "صيغة القصيدة اختفت تمامًا، ومن يغنيها حاليا العراقي كاظم الساهر، الأردني أيمن تيسير، بينما يلجأ الجميع حاليًا للعامية، كما أننا يجب أن نلتفت إلى أن الموالد لا يقال فيها الابتهالات والإنشاد فقط بل يوجد فيها المدح الشعبي أيضًا عن الرسول والحج وطاعة الله، وليس فقط أشعار ابن عربي والحلاج".

وتؤكد على وجود تطور آلي في اللحن قائلة: "منذ ظهور هذا اللون كانت طبيعة الآلات مختلفة، لكن حاليًا أصبح لدينا آلات موسيقية جديدة غيّرت من ألحان هذا اللون، كما أن طبيعة الأصوات التي تقدم هذا اللون حديثًا تناسب أغنية البوب - الجماهيرية- فلم يعد لدينا المتمكنين في غناء المقامات العربية، وغالبًا تميل أصوات الأجيال الجديدة إلى المقامات الخالية من ثلاثة أرباع التون، - وهى مقامات تستخدم في الموسيقى الغربية والعربية- وأنا أحب أن أطلق عليها المقامات الحيادية، وفضّلوا الآلات الجديدة على الطبيعة التي كانت تستخدم وهذا أحدث فرقًا كبيرًا".

الناقدة الموسيقية والدكتورة ياسمين فراج