الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حصد دب برلين الذهبي.. "يرقة" ينقل هموم الهجرة والاغتراب والأمل

  • Share :
post-title
ميشيل ونويل كسرواني

Alqahera News - ولاء عبد الناصر

استلهمت الشقيقتان اللبنانيتان ميشيل ونويل كسرواني رحلة صناعة الحرير من ليون في فرنسا إلى المشرق، ليرصدا من خلالها قصة أسماء وسارة، الفتاتان المغتربتان في فرنسا واللتان يعود أصلهما إلى بلاد الشام، ورغم انتمائهما إلى وطن عربي واحد، لكن التوتر والحذر من بعضهما البعض كان العامل المشترك بينهما، قبل أن يذوب جليد العلاقة وتزول معه حالة التوتر والقلق بعد أن تقربهما الظروف وتكتشفان رابطًا مشتركًا بينهما يتمثل في تاريخ صناعة الحرير.

"يرقة" كان الاسم الذي اختارته الشقيقتان، وهو إحدى المراحل التي تمر بها صناعة الحرير، إذ استطاعت ميشيل ونويل كسرواني من خلال هذا الفيلم القصير الذي شارك في الدورة 73 لمهرجان برلين السينمائي، أن تسلّطا الضوء على حجم المعاناة والضغوط التي تواجه الشباب وتدفعهما إلى الاغتراب، بعد أن لمسا الواقع بأنفسهما من خلال اغترابهن في فرنسا ليكتشفا في هذه الرحلة العديد من القصص التي تدفع للهجرة، إذ عبّرا عن الواقع بلغة سينمائية رشيقة نجحا بسببها في أن تقتنصا جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم قصير.

واقعية

"ولدت الفكرة تحت وطأة الضغوط والأوضاع السيئة التي تمر بها لبنان بعد أن اضطررت العيش بين لبنان وفرنسا أنا وشقيقتي"، هذا ما أكدته الفنانة ميشيل كسرواني مخرجة ومؤلفة العمل، لموقع "القاهرة الإخبارية"، وقالت: عندما سافرنا فرنسا وجدنا مجموعة كبيرة من الشباب مثلنا تعرضوا لضغوطات كبيرة في بلادهم ما اضطرهم للاغتراب، فشعرنا أننا نعيش شيئا متشابهًا، ومن هنا استوحينا فكرة الفيلم، هذا إلى جانب بعض الأشياء الأخرى التي كانت دافعًا لاستلهام القصة، مثل مقال للكاتب والباحث اللبناني فواز طرابلسي بعنوان "حب الحرير"، الذي يستكشف من خلاله العلاقة بين النساء من جبل لبنان ومصانع الحرير الأجنبية في القرن التاسع عشر".

لا تبحث "ميشيل" عن رسالة للعمل بقدر ما تريد التعبير عن مشاعر وأحاسيس بعض الشباب الذين دفعتهم الظروف لمواجهة متاعب الغربة، إذ ترى أنها كافية لتعبر عن الفيلم، وتقول: "حاولنا التعبير عن الأحداث الضاغطة التي أثّرت علينا في الماضي، من خلال الصداقة، لأن أكثر شيء يدفع للاطمئنان هو وجود ناس قريبة منك تفهمك وتقدّرك، ومهما كان الضغط الذي تتعرض له، تستطيع أن تتخطاه مع الأشخاص القريبين منك".

تجربة ممتعة

رغم أن العمل يعد التجربة الإخراجية الأولي للبنانية ميشيل كسرواني، إلا أن حبها للفكرة كان سببًا في عدم شعورها بأي صعوبات في إخراج العمل، بل على النقيض كان هناك شعور بالمتعة والراحة، وتقول: "فكرة الفيلم كانت من البداية نابعة من القلب، وتعبر عن شيء نشعر به، إضافة إلى أن فريق العمل، عمل سويًا أكثر من مرة، كما قدمنا معًا العديد من الأغاني والفيديوهات، وبالتالي كانت هناك سهولة في التفاهم والتأقلم والعمل وشعرت معهم براحة كبيرة".

وتضيف: "استغرق التصوير نحو أربعة أيام، لكن التحضيرات تطلبت فترة طويلة حتى نستطيع بناء كل شخصية بشكلها الطبيعي، وعندما كتبت شخصية "سارة" التي تقدمها شقيقتي نويل، كنت حريصة أن تظهر بشكل طبيعي وغير مفتعل؛ لأن الشخصية قريبة مني ومن نويل، وبالفعل قدمت بشكل عفوي وقريب من القلب، وأيضًا شخصية أسماء، التي لعبت دورها الفنانة السورية مسا زاهر، كانت مبنية على تجارب شخصية عاشتها مسا زاهر في الواقع، إذ كان هناك تشابه كبير بين شخصيات العمل والأبطال الحقيقيين، فظهر الفيلم بشكل طبيعي والشخصيات المشاركة به نجحوا في إقناع العالم".

صدمة غير متوقعة

تصف ميشيل كسرواني فوزها وشقيقتها نويل بجائزة الدب الذهبي، بالصدمة غير المتوقعة، إذ إنه أول فيلم ومهرجان وجائزة أيضًا، وتقول: "لم نتوقع أبدًا أن نحصل على جائزة الدب الذهبي، إذ كان هذا الخبر بمثابة الصدمة المفرحة، والذي أسعد الكثير من الأشخاص خاصة في ظل هذا الوضع الصعب الذي تعيشه لبنان، بالإضافة إلى أن هذه الجائزة حمّستني للانتهاء من مشاريعنا التي نعمل عليها منذ فترة طويلة، لننفتح أكثر على عالم السينما، خاصة أنني ونويل لم ندرس سينما في الجامعة، بل علّمنا أنفسنا كل شيء خاص بالسينما سواء الكتابة، التصوير، أو الإخراج".

وتضيف: "التجربة كانت ثرية ومفيدة بالنسبة لنا بشكل كبير جدًا، خاصة أننا تعلمنا أيضًا من الأفلام القصيرة التي كانت مشاركة في المسابقة نفسها، ومن طريقة التفكير والإبداع، وقضينا وقتًا طويلًا مع صنّاع العمل، ورأينا أفلامنا بمنظور مختلف وجديد، فهذه التجربة عبّرت عن حالنا بشكل حر وقوي، ومهرجان برلين السينمائي كان قريبًا من القلب وبه احترام كبير للآخر، ووضوح بالقصص المبني عليها، فهو يستقبل الأفلام التي لديها وجهات نظر قوية بدون خوف، ويشجّع المخرجين الذين لديهم شجاعة كافية في تقديم أعمال فنية جريئة ومؤثرة في المجتمعات".