الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أبرزها التزام الطرفين.. عقبات أمام تنفيذ اتفاق السلام بين حكومة إثيوبيا و"تيجراي"

  • Share :
post-title
جانب من توقيع اتفاق السلام بين حكومة إثيوبيا وجبهة تحرير شعب تيجراي

Alqahera News - محمود غراب

رغم الإعلان عن توقيع اتفاق السلام وإسكات البنادق بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، إلا أن هناك عدة عقبات تهدد تنفيذ هذا الاتفاق، أبرزها مراقبة الاتفاق والشكوك حول مدى التزام طرفي الصراع، خصوصًا قدرة قادة إقليم تيجراي على إقناع شعبهم بقبول السلام مع الحكومة الإثيوبية.

وكانت الحكومة الإثيوبية وجبهة تيجراي الشعبية، توصلتا، خلال المحادثات التي جرت بينهما في جنوب إفريقيا، في وقت سابق من شهر نوفمبر الجاري، إلى اتفاق سلام، يقضي بوقف دائم للأعمال العدائية، في انفراجة دبلوماسية غير متوقعة.

وحدد الطرفان بوساطة إفريقية خارطة الطريق لتنفيذ هذا الاتفاق، في محادثات استضافتها العاصمة الكينية نيروبي منذ الإثنين الماضي، حتى الإعلان أمس السبت عن التوقيع على الاتفاق.

الحكومة الإثيوبية تعلن بنود اتفاق السلام

أشارت الحكومة الإثيوبية إلى عملها على ضمان تطبيق اتفاق السلام الُموقع مع جبهة تحرير تيجراي، وفقًا للشروط المتفق عليها، منوهة بمناقشة قادة الجيش الإثيوبي وقادة جبهة تحرير تيجراي، دخول قوات الجيش الفيدرالي الإثيوبي إلى ميكيلي عاصمة الإقليم.

وقالت الحكومة الإثيوبية في بيان، إنها ستعمل على ضمان تنفيذ اتفاق السلام الموقع في جنوب إفريقيا، مشيرة إلى بذل جهود لتقديم المساعدة الإنسانية في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش الإثيوبي في إقليم تيجراي.

ونوه البيان، بأن قادة الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير تيجراي، ناقشوا الخطط التفصيلية لنزع سلاح مقاتلي الجبهة، وتوّجت المناقشات بالاتفاق على خطط نزع السلاح ودخول قوات الجيش الإثيوبي إلى ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي، وفقًا لما هو موضح في اتفاقية السلام، بحسب بيان أديس أبابا. وأظهر الإعلان أن نزع السلاح سيبدأ في 15 من نوفمبر الجاري.

وحثّت الحكومة الإثيوبية، جميع الأطراف المشاركة في تنفيذ الخطة على الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وذكرت أنه يجري استعادة الخدمات الأساسية ببطء في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى، يجري العمل على إصلاح الأضرار التي لحقت بالخدمة الأساسية، بعد تدمير البنى التحتية في أعمال القتال.

الاتفاق انتصار لرئيس الوزراء الإثيوبي

في المقابل، قال أحد ممثلي الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، الجنرال تاديسي ويريد، إن إعلان التنفيذ منح الجبهة الأمل في إنهاء معاناة الناس في تيجراي. لكن هل يستطيع قادة التيجراي إقناع شعب الإقليم الشمالي، بقبول هذا الاتفاق، دون محاكمة مرتكبي الفظائع بحقهم؟

ووفق تقرير نشر على الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، يعد الاتفاق انتصارًا لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، حيث جاء متسقًا بشكل عام مع أهدافه عندما أطلق ما أسماه "عملية إنفاذ القانون" ضد الحزب الحاكم للمنطقة "جبهة تحرير شعب تيجراي" قبل عامين تقريبا وحتى يومنا هذا. فإن اتفاق الهدنة وقعه زعماء المنطقة تحت اسم جبهة تحرير شعب تيجراي، وليس كما أراد أهالي الإقليم "حكومة تيجراي".

فرئيس الوزراء الإثيوبي يرفض انتخابات 2020 في المنطقة، التي فازت بها جبهة تحرير شعب تيجراي، ويخطط لاقتراع جديد. ورغم أن الحكومة الفيدرالية طالبت بالاستسلام الكامل لجبهة تحرير شعب تيجراي، إلا أنه لم يتحقق لها ذلك.

وقد تعهدت الحكومة بإلغاء تصنيف جبهة تحرير شعب تيجراي كمنظمة إرهابية، والدخول في مفاوضات سياسية معها حول كيفية إدارة الإقليم. 

ويؤكد الاتفاق أن الطرفين سيلتزمان بالدستور الفيدرالي، ويشمل ذلك تسوية وضعية مناطق مثل تيجراي الغربية الغنية بالمحاصيل الزراعية، التي استولت عليها منطقة أمهرة المجاورة خلال الأسابيع الأولى من الحرب، بوسائل دستورية.

الاتفاق لا يشتمل على بند المساءلة

بينما لا يشتمل الاتفاق على بندٍ للمساءلة عن ارتكاب جرائم الحرب، لكن رئيس كينيا السابق أوهورو كينياتا، وهو وسيط آخر، قال: "ستكون هناك عقوبات صارمة ضد كل من يرتكب فظائع بحق المدنيين، عندما يتم إسكات المدافع ومعالجة الوضع الإنساني المتردي".

وينص الاتفاق على وضع الحكومة الإثيوبية "سياسة عدالة انتقالية وطنية شاملة"، من دون ذكر أي تحقيقات دولية، على سبيل المثال، من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

وأشار "أوباسانجو" إلى أن توقيع اتفاقية ما هو إلا خطوة أولى، فتنفيذها عمل أصعب بكثير. وتعتمد عملية السلام وإنهاء الأعمال الوحشية والمجاعة في تيجراي وتحقيق الاستقرار في إثيوبيا إلى حد كبير على حسن نية الحكومة الفيدرالية. وسيكون الاختبار المبكر هو تعهدها بأن البيانات العامة التي ستصدرها ستكون مشتركة مع جبهة تحرير شعب تيجراي، وإنهاء "الدعاية العدائية وخطاب الكراهية".

شعب تيجراي استقبل الاتفاق بخيبة أمل

لكن تقرير "بي بي سي"، يشير إلى أن شعب تيجراي في الداخل وفي الشتات، استقبل الاتفاق بخيبة أمل. ومن المحتمل أن بعض قادة تيجراي يفضلون الاستمرار في حرب العصابات على الخضوع لما يعتبرونه شروط سلام مهينة.

ويفتح العنصر الإنساني في الاتفاقية، الباب أمام إنهاء المجاعة، التي أودت بحياة ما يصل إلى مليون شخص، وربما يشمل ذلك نحو 10 في المئة من سكان تيجراي البالغ عددهم نحو 6 ملايين، وذلك بحسب بحث نشره أكاديميون في بلجيكا. 

فبعد عامين من الحصار والمجاعة، وتحت ضغط عسكري لا هوادة فيه من قبل القوات المشتركة للجيشين الإثيوبي والإريتري، بالإضافة إلى قوات من منطقة أمهرة، قدم قادة تيجراي تنازلات كبيرة.

ويبدو أن حساباتهم هي أن بقاء شعب تيجراي بات على المحك، فقد نزح أكثر من مليون شخص منذ استئناف القتال في أغسطس الماضي، حيث باتوا غير قادرين على جني محاصيلهم.

آلية مراقبة محدودة

وحسب تقرير "بي بي سي"، فإن العائق الآخر أمام تنفيذ الاتفاق، يتمثل في آلية المراقبة والتحقق والامتثال التي تتكون من وحدة صغيرة، بحد أقصى 10 أشخاص فقط، يقدمون تقاريرهم إلى لجنة الاتحاد الإفريقي، التي يرأسها الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو.

في المقابل، يأتي تفويض أوباسانجو من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، وليس من مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة مستبعدة تمامًا. وسيكون تقييم تقارير الانتهاكات والفصل في النزاعات وفقا لتقدير "أوباسانجو" و"فكي"، وهي آلية رقابة غير عادية على أقل تقدير.

ومن الممارسات المعيارية لاتفاقيات السلام رفيعة المستوى أن يشهدها الشركاء الدوليون. في هذه الحالة، سمح الاتحاد الإفريقي للأمم المتحدة والولايات المتحدة والهيئة الإقليمية لشرق إفريقيا فقط بالحضور بصفة مراقبين، لكن لم يوقع أي منهم على الاتفاقية. وتم منع الاتحاد الأوروبي من الحضور بصفة مراقب، على الرغم من أنه أكبر مانح للاتحاد الإفريقي.