لم تكن المخرجة كاملة أبو ذكري تتخيل أن يتم تكريمها بجائزة فاتن حمامة للتميز في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لكن الأمنية التي لم تداعب خيالها تحققت في الدورة الـ44 للمهرجان المقامة حاليًا، اعترافًا من إدارة المهرجان برئاسة الفنان المصري حسين فهمي، بأنها واحدة من أبرز المخرجات اللاتي أثرّن في السينما المصرية، التي ابتعدت عنها خلال الفترة الماضية متمنية العودة لها مرة أخرى، إذ تركز حاليًا في الدراما التليفزيونية.
الوعد السينمائي
"واحدة من أهم جيل المخرجين المصريين حاليًا، واستطاعت في مشوارها الفني أن تحقق نجاحًا لافتًا بأعمال سينمائية مهمة".. هكذا وصفها الناقد طارق الشناوي، في الندوة التي أُقيمت لتكريمها ضمن فعاليات المهرجان، مشيرًا إلى أنه منذ آخر فيلم لها "يوم للستات" تعده دائمًا بالعودة إلى السينما، لكن ما كان يعطلها دائماً هو عطاؤها التلفزيوني، وبعد جائزة فاتن حمامة نتمنى أن تقدم الفيلم الروائي السادس، وتكون حافزاً لها، لتؤكد كاملة أبو ذكري كلامه: "يا رب أكون العام المقبل موجودة في المهرجان بفيلم".
موهبة الممثل
تتمتع كاملة أبو ذكري بعلاقات صداقة قوية مع نجوم أفلامها وأعمالها الفنية، ما ينعكس بالإيجاب على جودة ما تقدمه، إذ قالت عن ذلك خلال الندوة: "إن المخرج ليس ساحراً، وأنها تحاول فقط استكشاف موهبة الممثل، لتخرج للنور"، وترى أن حظها جيد في العمل مع ممثلين كبار وصادقين، خصوصًا أن ظروف تصوير الأعمال الفنية غالبًا ما تكون صعبة وتستغرق يوميًا أكثر من 20 ساعة.
وتؤكد مخرجة فيلم "واحد صفر" أنه إذا غاب عنصر الصدق فيما يقدمه الممثل لا يمكن إصلاح الأمر بالسيناريو أو الإخراج، فكل هذا ليس له معنى، فإحساس الممثل هو من يوصل رسالة الفيلم، ويحقق لها كل الذي تريد توصيله للمشاهد.
ويعد مسلسل "واحة الغروب" أحد أبرز الأعمال الدرامية التليفزيونية في مشوار كاملة أبو ذكري، وكشفت خلال الندوة أنها كانت تريد أن يكون فيلماً سينمائياً بدلًا من مسلسل، حيث ترى أنه سيكون أفضل كثيرًا ولكن لم تثق في وجود إنتاج يتحمل تكلفة الأمر ليخرج بشكل مميز.
نصيحة لخريجي معهد السينما
تخرجت كاملة أبو ذكري في المعهد العالي للسينما، الذي يعد أول معهد في الشرق الأوسط وإفريقيا لتعليم فنون السينما، لذا حرصت على توجيه نصيحة للجيل الجديد من طلبة وخريجي المعهد قائلة: "أي شخص يتمنى أن يصبح مخرجاً لابد أن يدرس ويشاهد أفلام العالم كله، فهذا مهم للغاية، ومهرجان القاهرة فرصة كي يشاهد محب السينما عددًا كبيرًا من الأفلام العالمية"، مشددة على أهمية القراءة، وبدء السلم من أوله بالعمل مساعد مخرج، إذ أن عملها مساعدة لمخرجين كبار أفادها كثيراً في مشوارها المهني، وتعلمت على أيديهم الكثير تدريجيًا في رحلة طويلة.
سينما المرأة
المتابع لمشوار كاملة أبو ذكري الفني لا يجد صعوبة في استنباط أنها تركز كثيرًا على قضايا تخص المرأة، ومنها فيلم "يوم للستات" ومسلسل "سجن النسا"، إذ علقت على هذا الأمر بأنها لا تفضل حصرها في سينما المرأة فقط، إذ تريد تقديم قضايا تعبر عن المجتمع كله، وإنما القدر جعلها تذهب لطرح قضايا لها علاقة بمشاكل المرأة، وأنها حاولت كسر هذا الأمر مثلما حدث في مسلسل "واحة الغروب"، وفيلم "ملك وكتابة"، رافضة هذا التصنيف لأنه محدود.
وأكدت كاملة أبو ذكري أن الرجل المصري لديه مشكلات كثيرة مثل المرأة، متمنية تقديم قضايا تخص الرجال من ناحية مشكلات الحياة، فالرجل يحب الحرية، وهو أيضًا مكبوت ولكن بشكل مختلف، وإهانة المرأة في المجتمع معناه أن الرجل مُهان أكثر منها.
بناء العمل الدرامي
وحول أسلوبها السينمائي، قالت كاملة أبو ذكري: "عندما أدخل أي عمل فني جديد أبدأ من السيناريو وبناء الشخصيات، ويكون اتفاقي مع الكاتب عليها وتصديقها ونقلها للممثل، ولا أفضل ما يسمى بـ(بروفات الترابيزة) ولكن أتحمس أكثر لقراءة المشاهد، وأن الممثل يرى نماذج لشخصيته، وعلى سبيل المثال دور "شامية" الذي جسدته إلهام شاهين في فيلم "يوم للستات"، جلست النجمة المصرية مع إحدى السيدات اللاتي يتم رسمهن عرايا في مقابل المال لتفهم تفاصيل الشخصية.
مخرجون تعلمت منهم
أما عن أكثر المخرجين الذين تعلمت منهم وأثروا فيها، قالت كاملة أبو ذكري: "المخرج أسامة فوزي من أكثر المخرجين الذين أثروا في، وله فضل علي ونقل عقلي من مرحلة لأخرى، وأطلعني على كتب وأفلام وتعلمت على يديه مبادئ كثيرة في الحياة".
رعاية ابنتها
وحول حياتها العائلية، قالت إنها خلال فترة طويلة لم تستطع العمل كل عام من أجل التفرغ لرعاية ابنتها، لتكون أمًا طبيعية، خصوصا أن التصوير يبعدها عن منزلها وتنسى العالم، وكانت والدتها التي توفيت منذ نحو 8 سنوات تتحمل رعاية ابنتها معها.
وشددت كاملة أبو ذكرى على أن ما يزيد الأمر صعوبة في التوفيق بين رعاية ابنتها ومواصلة شغفها في مهمة الإخراج أنها وقت التصوير يتم قطع علاقتها مع أي شيء إلا العمل، وقبل دخول أي عمل فني جديد تسعى إلى الاستراحة والسفر ومشاهدة الأفلام لشحن طاقتها.
تعلمت كاملة أبو ذكري من والدها ووالدتها كل شيء، حيث تعلمت من الأب العمل بضمير وحب البلد والشجاعة، وهي تخاف أكثر منه حيث كان لا يخشى شيئًا إلا الله، وتعتز كثيرًا بكرامتها التي قالت عنها: "إنها كل شيء لدي".
حلم حياتها
تتمنى كاملة أبو ذكري تقديم فيلم يحمل اسم "فلسطين"، ويكون حقيقيًا يتناول قضايا من قلب الواقع.
علاقة صداقة وتفاهم
حرصت النجمة المصرية إلهام شاهين على حضور ندوة تكريم كاملة أبو ذكري، وقالت: رغم إنها لم تقدم أفلاماً سينمائية منذ فترة طويلة، إلا أن كل حلقة في مسلسلها "بطلوع الروح" تعد بمثابة فيلم سينمائي، واستمتع كثيرًا بالعمل معها، وأوجه لها الشكر على جمالها وإبداعها، فهي لا تأخذ نصًا مكتوبًا لكي تصوره فقط بل بصماتها الإبداعية حاضرة بقوة.
وتثق إلهام شاهين بشدة في كاملة أبو ذكري إذ قالت: "أسلم نفسي لها تمامًا عندما أعمل معها، لأنها تحب الممثل بالفعل، على عكس مخرجين آخرين قد يغيرون من الممثل، لذا يظهر كل النجوم معها بشكل مختلف"، مؤكدة أنها أحدثت طفرة في السينما المصرية، وسبق أن قدمت معها فيلم "واحد صفر" الفائز بـ50 جائزة في مهرجانات سينمائية مختلفة، و في عام 2017 حصلت على جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأنه عمل مميز بإجماع لجنة التحكيم في روسيا.
ولا تتوقف جوائز الأفلام التي جمعت إلهام شاهين وكاملة أبو ذكري عند "واحد صفر" إذ أشارت الممثلة المصرية إلى أن فيلمهما "يوم للستات" حصل على 23 جائزة مختلفة.
