الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الحرب الحاسمة "قد" تكتب نهاية حركة الشباب الصومالية المتطرفة

  • Share :
post-title
جنود الجيش الصومالي يهاجمون منازل مقاتلي حركة الشباب

تعيش الصومال حالة من الاضطرابات والأزمات المتتالية في أصعب أوقاتها، فبين تهديد وحش المجاعة وشبح الأزمات السياسية، تظهر حركة الشباب المتطرفة، الذراع الإفريقية لتنظيم القاعدة الإرهابي، لتؤجج الأزمة في البلد الإفريقي وتزيد جراحها.

حرب حاسمة

وعقدت الحكومة الصومالية العزم -على ما يبدو- لكتابة فصل النهاية في تاريخ التنظيم الإرهابي، الذي استمر لـ16 عامًا، فبدأت القوات الصومالية شنّ هجمات قوية على حركة الشباب، مدعومة بمقاتلي العشائر، وهي بتعبير الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، "حرب حاسمة".

بداية الحركة

كان أول ظهور علني لاسم حركة الشباب عام 2006 إبان سيطرة اتحاد المحاكم الإسلامية على العاصمة مقديشو ومعظم مناطق وسط وجنوب الصومال.

وكان للحركة المتطرفة نفوذ قوي في المحاكم الإسلامية، إذ كان معظم الميليشيات المسلحة التابعة للمحاكم الإسلامية تحت قيادات عسكرية من حركة الشباب، وكان أمير الحركة المتشددة مختار أبي زبير يشغل آنذاك منصب الأمين العام للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم الإسلامية، وكان في العاصمة معسكر لتجنيد وتدريب المقاتلين الجدد.

ومن أهم نقاط التفوق لحركة الشباب هو ضم المقاتلين الأجانب الذين خدموا في عدد من مناطق الصراع الملتهبة مثل الشيشان وأفغانستنان؛ ونقلوا خبراتهم القتالية إليها.

تشعب الحركة

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2009 باصطياد أهم المقاتلين الصوماليين والأجانب، فقتلت صواريخها ثلاثة من أهم عناصر التنظيم المتطرف. وفي فبراير من العام نفسه بثت مواقع في الإنترنت شريطًا صوتيًّا لأمير حركة الشباب الشيخ مختار أبي زبير، يعلن فيه مبايعته لأمير تنظيم القاعدة السابق أيمن الظواهري، وكليب فيديو لأيمن الظواهري يعلن ترحيبه بانضمام الحركة الصومالية إلى "قافلة الجهاد العالمي" بقيادة تنظيم القاعدة.

وعلى مدار 16 عامًا، منذ ظهورها الأول عام 2006، تمكنت حركة الشباب الإرهابية من تقديم نفسها تنظيمًا متطرفًا ليس في الصومال فقط؛ بل في إفريقيا أيضًا، غير أن نشاطها الملحوظ خلال الفترة الأخيرة يحمل دلالات عدة، وذلك حسب دراسة نشرها مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات.

كانت الأعوام بين 2008 حتى 2011 كافية لأن تتضخم فيها قوة وتأثير ودموية الحركة الإرهابية، حيث شنّت هجمات إرهابية عدة استهدفت مؤسسات الحكومة الانتقالية، والمسؤولين والعاملين فيها، فضلًا عن الأفراد ذوي الصلة والمصالح الغربية في البلاد، وكذلك بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في مقديشو.

تشير الدراسة الصادرة عن مركز "تريندز" إلى أن الحركة استفادت من تقهقرها إلى الريف الصومالي في إعادة ترتيب صفوفها والبحث عن مصادر للتمويل ونشر أفكارها، حتى جاء الوقت المناسب عندما قرر الرئيس الأمريكي سحب القوة العسكرية الأمريكية المكونة من 700 جندي أمريكي من الصومال عام 2020، لتصبح الفرصة سانحة أمام الحركة الإرهابية التي استعادت نشاطها، ونفذت هجمات إرهابية عدة، منها استهداف فندق الحياة في العاصمة مقديشو، واغتيال وزير العدل بولاية جنوب غربي الصومال، ما أدى إلى عودة القوة الأمريكية مرة أخرى بقرار من الرئيس بايدن، العام الحالي.

صحوة صومالية

وتختلف العملية العسكرية التي دعا لها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، عن نظيراتها السابقة من حيث الكم والكيف والآليات المتبعة لمنع عودة مقاتلي الحركة للمناطق المحررة، فضلًا عن غياب دعم القوات الإفريقية عن العمليات العسكرية، مقابل الزخم الأمريكي الداعم للجهود العسكرية الصومالية.

ويخوض الجيش والعشائر معارك واسعة ضدّ حركة الشباب في عدد من الولايات منذ تولي الرئيس الصومالي الحالي حسن شيخ للسلطة، كما يخطط الجيش لتوسيع العمليات لتشمل ولايات أخرى، خاصةً إقليم جوبا الوسطى الذي تسيطر الحركة عليه كاملةً.

ووفقًا للبيانات الحكومية، حقق الجيش المدعوم بالمقاتلين العشائريين تقدمًا كبيرًا، وحرر عشرات البلدات والقرى، ولقي العشرات من حركة الشباب مصرعهم، وجرى اعتقال آخرين، ما يُمثل ضربة قوية للتنظيم الإرهابي في الصومال.

وتشير بعض البيانات الحكومية إلى أن الفضل الأكبر في التقدم العسكري والهزائم المتتالية لحركة الشباب، يعود إلى مقاتلي العشائر الذين يدعمون صفوف القوات الصومالة، لما تمتلكه قوات العشائر من خبرات ميدانية واسعة في قتال التنظيم المتطرف.

دعم الولايات المتحدة

وعلى الصعيد الدولي، دعمت الولايات المتحدة الإدارة الصومالية الحالية في حربها على حركة الشباب، وأعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أنّها ستقدم 700 مليون دولار إضافية مساعدات للصومال؛ من أجل التخفيف من حدة الجفاف، ومساعدة مقديشو على مواجهة جبهة واحدة بدلًا من جبهتين.

واتخذت واشنطن قرارًا بإعادة مئات القوات الأمريكية إلى الصومال، لمساعدة القوات الصومالية في تحجيم حركة الشباب الإرهابية، عقب تنصيب الرئيس حسن شيخ.

وكضربة قاسمة من الإدارة الأمريكية لمصالح تنظيم الشباب، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على عناصر في حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، ويتبوّؤون مناصب ورتبًا رفيعة داخل المنظومة الإدارية والقيادية للحركة.

ووفقًا لما ذكره مساعد وزارة الخزانة الأمريكية براين نيلسون، فإن هذه العقوبات تستهدف مسؤولين في الحركة، مهمتهم شراء الأسلحة وجمع الأموال من الجهات المختلفة.

وكشفت الإدارة الأمريكية قائمة أسماء مكونة من 6 أفراد تواجه العقوبات الأمريكية الجديدة التي تأتي في إطار الحرب الشاملة على حركة الشباب التي تنشط في الصومال منذ ما يقارب 15 عامًا.

بالإضافة إلى عقوبات على أشخاص آخرين مسؤولين عن إمداد التنظيم بالأسلح، وتجميد جميع أصول هؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية، وحظر التعامل معهم شخصيًا أو تجاريًا.

يذكر أن الولايات المتحدة، فرضت في أوقات سابقة عقوبات مختلفة على الحركة، غير أن العقوبات الجديدة الحالية تتزامن مع حملة عسكرية واقتصادية تشنّها الحكومة الفيدرالية على الحركة، بالتعاون مع المليشيات المحلّية المنتفضة ضدها.