الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ارتفاع تكاليف المعيشة السبب.. شبح "السترات الصفراء" يخيّم على فرنسا

  • Share :
post-title
مظاهرات السترات الصفراء - مظاهرات باريس

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

مظاهرات.. اعتصامات.. إضراب عام.. مشهد يتكرر بعد سنوات مرة أخرى داخل العاصمة الفرنسية باريس، ليعيد مشهد أزمة "السترات الصفراء" 2018 إلى الأجواء الفرنسية، وسط توترات عالمية وأزمات اقتصادية طاحنة تضرب أرجاء أوروبا.

وعلى مدار الأسبوع الماضي، بل قبل ذلك، شهدت فرنسا تصعيدًا شعبيًا قويًا ينادي بزيادة الرواتب، وسط تضخم هو الأعلى منذ عقود، ليواجه الرئيس إيمانويل ماكرون أحد أصعب التحديات منذ انتخابه لفترة ثانية في مايو الماضي.

تصعيد الموقف

بدأت الأزمة في 16 أكتوبر، حيث ضجت الشوارع الفرنسية بخروج الآلاف في احتجاجات واسعة بشوارع العاصمة، ضد ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وصاحب ذلك إضرابات عامة لقطاع العمال أدّت إلى إغلاق عديد من محطات الوقود في أنحاء عديدة بفرنسا.

الاضطرابات التي تشهدها فرنسا تأتي وسط أجواء سياسية متوترة، إذ تستعد الحكومة لإقرار ميزانية 2023 باستخدام صلاحيات دستورية خاصة تمكنها من اجتياز تصويت في البرلمان على بنود الميزانية.

ووصل عدد المحتجين في شوارع العاصمة باريس، إلى أكثر من 30 ألف شخص، بحسب تقديرات الشرطة، حيث انضم لهم عدد ضخم من نشطاء حركة "السترات الصفراء" والمتقاعدين.

ووفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، نظم التظاهرات الأحزاب اليسارية المعارضة لحكم الرئيس ماكرون، احتجاجًا على قيادة الحكومة الفرنسية للأزمة الاقتصادية الراهنة للبلاد التي أدّت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع سعر الوقود بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، ويأتي هذا في ظل تشبث الاتحاد العام للعمال بمواصلة إضرابه، والمطالبة بزيادة الرواتب وسط حالة من التضخم هي الأعلى منذ عقود.

وشمل إضراب العمال العام، قطاع المدارس والنقل والرعاية الصحية، وأعلنت شركة "يوروستار" إلغاءها بعض خدمات القطارات بين لندن وباريس بسبب الإضراب.

وامتدت الإضرابات إلى أجزاء أخرى من قطاع الطاقة، ومنها شركة الطاقة النووية العملاقة "إلكتريستي دو فرانس"، حيث ستتأخر أعمال الصيانة الضرورية لإمدادات الطاقة في أوروبا.

الثلاثاء الأسود

وفي 18 أكتوبر الجاري، شهدت العاصمة باريس تطورًا للأوضاع بصورة متوترة، بعد دعوة النقابات إلى الإضراب والتظاهر للمطالبة برفع الأجور والتوقف عن إجبار العاملين المضربين في المصافي ومستودعات الوقود على العمل.

وجاءت التعبئة في سياقٍ أصبح قابلًا للاشتعال بسبب الإضراب في مصافي التكرير الذي عطل بشكل كبير توزيع الوقود في جميع أنحاء البلاد منذ نحو أسبوعين، خصوصًا في الشمال والوسط ومنطقة باريس.

وفي محاولة لاحتواء التظاهرات، استدعت الحكومة الفرنسية بعضًا من المضربين من أجل إعادة فتح بعض مستودعات الوقود، واستدعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رئيسة الوزراء إليزابيث بورن والوزراء المعنيين لتقييم الوضع في الوقت الذي تشهد 30% من محطات الخدمة في فرنسا اضطرابات، وغالبًا ما تكون هناك طوابير لا نهاية لها لسائقي السيارات.

وصرّح الرئيس الفرنسي: "سنواصل بذل قصارى جهدنا"، مضيفًا أنه يريد حل هذه الأزمة "في أقرب وقت ممكن"، مؤكدًا أنه يقف إلى جانب "جميع مواطنينا الذين يكافحون والذين سئموا هذا الوضع".

في المقابل، دعا الأمين العام للاتحاد العام للعمل فيليب مارتينيز، الحكومة إلى "الجلوس حول الطاولة" مع النقابات لـ"مناقشة رفع الحد الأدنى للأجور".

وأكد الأمين العام لنقابة "القوة العاملة" فريديريك سوييو الذي يشارك في يوم الإضراب، أن "إجبار الموظفين على العمل بأمر رسمي غير مقبول وليس الحل الصحيح أبدًا".

التصعيد مستمر

جاءت المظاهرات في العاصمة الفرنسية، بعد أسبوعين من إضراب لعمال مصافي النفط الذي أدى إلى حدوث نقص الوقود وارتفاع سعره بصورة كبيرة حتى وصل إلى 3 يوروهات للتر الواحد.

ويرى محللون أن تباطؤ الحكومة الفرنسية في التعامل مع أزمة عمال المصافي ومعامل تكرير النفط، أدى إلى تفاقم الأوضاع خاصة النقابات العمالية التى أكدت أن الحكومة الفرنسية لم تهتم بمطالب العمال، ما يرجع بنا إلى أزمة مظاهرات السترات الصفراء في الفترة الأولى من رئاسة إيمانويل ماكرون.

وفيما يبدو أن انفراجة الأزمة ليست قريبة، فبينما تعمل الحكومة بكل جهودها لعدم عودة زخم مظاهرات 2018 التي كانت تقودها حركة السترات الصفراء، قال زعيم المعارضة اليسارية جان لوك ميلونشون: "إن البلاد ستعيش أسبوعًا استثنائيًا من المظاهرات والإضرابات، فأزمة السترات الصفرات انطلقت من غضب من رفع أسعار الوقود، واليوم أزمة أخرى للسبب ذاته"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.

الطريق إلى الانتخابات المبكرة

عن خيارات الحكومة لحل الأزمة، فإن الوضع الراهن متفاقم في الداخل الأوروبي ككل، خاصة فيما يتعلق بأزمة الطاقة والركود الاقتصادي والتضخم، واجتمع القادة خلال قمة بروكسل، خلال اليومين الماضيين، لبحث حل جماعي وتضامن ينقذ الجميع، خاصة أن بعض الدول الأخرى منها ألمانيا وإيطاليا والتشيك، شهدت تظاهرات أخرى متفرقة؛ ولكن ليست بقوة تظاهرات فرنسا.

أما فيما يتعلق بفرنسا، فإن الوضع تعدى التظاهرات والأزمة الاقتصادية، إذ شهد الرئيس الفرنسي وحكومته برئاسة إليزابيث بورن، أزمة أخرى تشعل الأوضاع السياسية في أروقة البرلمان، عقب استخدام المادة الـ49 من القانون الفرنسي التي تسمح بتمرير الميزانية دون موافق البرلمان؛ الأمر الذي أشعل أزمة سياسية بين الأحزاب السياسية. 

وجاءت دعوة من أحزاب اليسارية بسحب الثقة من حكومة بورن؛ الأمر الذي يؤدي إلى الإطاحة بالحكومة الفرنسية، ويدفع ماكرون لحل البرلمان، والدعوة لعقد انتخابات مبكرة.