الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ذكرى رحيل عمار الشريعي.. أسطورة موسيقية خالدة

  • Share :
post-title
عمار الشريعي

Alqahera News - محمد عبد المنعم

في صعيد مصر، وتحديدًا مدينة سمالوط بالمنيا، عام 1948 ولد طفل لا يرى العالم بعينيه، لكن يتعرف عليه من خلال الأصوات، وحينما وصل إلى عمر الثالثة، حرص على أن يرى طاقة نور يهرب بها من الظلام، ويحاور بها العالم لتكون الموسيقى هي لغته، حيث بدأ هذا الطفل العزف على البيانو، وظل يحاول التعرف على هذا العالم، ليمر بعدها بمحطات من التألق والنجاح المبهر.

 كانت والدة الشريعي تحب الغناء والاستماع إلى الموشحات والأغاني، ظل بدوره يتتبع الأصوات، ويتعلم بكل السُبل طرق السير وراء هذا النور الذي وجده، ويغوص مع الأنغام حتى تحول لأسطورة في عالم التلحين والموسيقى، قبل أن يرحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم.

يعد عمار الشريعي حالة نادرة، ومثالًا يحتذى به في الإصرار على النجاح، وتحدى كل ما حوله ليصنع تاريخه الكبير الذي عبر به العالم، ورغم أنه تعلّم في بداياته العزف على البيانو والعود إلا أنه اشتهر بعزفه على الأكورديون والاورج.

مصادفة

"عمار" الذي اهتم بموسيقى الأطفال لمدة 12 عامًا يحكي عن المصادفة الأولى في حياته التي جعلته عازفًا على الأورج وظل رفيقه حتى النهاية، حيث يقول: "لم أعزفه باختياري، فقد كان هناك حفلان للمطربتين عفاف راضي ونجاة في الوقت نفسه، ومن المفترض أن لدينا عازف أورج والحفلان في مكانين مختلفين، وتأخر العازف في أحد الحفلين، وفوجئت بأحدهم يطلب مني أن أعزف على الأورج، وتعجبت فأنا لا أعرف ماذا أفعل، ومن هنا تعلقت بهذه الآلة وارتبطت بها حياتي".

عازف من الدرجة الأولى

حلَّ الأورج مكان الأكورديون، حيث يستكمل "عمار" حكايته: "الأكورديون عاش معي فترة أقل، فأنا لم أختره في حياتي، بل اختاره لي مدرس الألعاب في مدرستنا، وأول مرة أسجل كعازف في الإذاعة دخلت إليها كعازف أكورديون، وصنفوني وقتها عازفًا من الدرجة الأولى وهذه درجة عالية جدًا لا يحصل عليها أحد إلا نادرًا".

سرقة الأورج

عمار الشريعي أسطورة الموسيقى التصويرية الذي شارك بموسيقاه في أكثر من 50 فيلمًا منها؛ "البرئ، البداية، وحب في الزنزانة"، و150 مسلسلًا تلفزيونيًا من بينها "زيزينيا، وحديث الصباح والمساء"، بجانب الاستعراضات الغنائية يحكي عن موقف طريف تعرض له حينما كان ذاهبًا للسيدة أم كلثوم في أول لقاء بينهما.

يقول "عمار" في لقاء تلفزيوني: "كان لدي موعد مع كوكب الشرق في الثامنة مساء، وكنت ذاهبًا في الثالثة لأخذ الأورج من الموسيقار بليغ حمدي لكي أذهب لها وأسجل الأغنية، وأنا عائد بالأورج في التاكسي، سُرق مني، ولم أعرف ماذا أفعل، فذهبت للسيدة أم كلثوم في ميعادي ولكن بالأكورديون، وسجّلنا الأغنية، وبعد ثمانية أيام من السرقة، وجدت أحدهم يرسل لي الأورج الخاص بي".

هدية شريفة فاضل

"عمار" تزوج من ميرفت القصاص، التي تعرف عليها من لقاء تلفزيوني وأنجب منها ابنهما مراد، يتحدث عن أول مرة يشتري فيها أورج من أمواله الخاصة ويقول: "في يونيو عام 1974، كنت ذاهبًا مع المطربة شريفة فاضل إلى بيروت لتحيي 15 حفلًا، ووجدت وقتها ماركة أخرى من الأورج بها أصوات مختلفة، وكان يوجد منه قطعة واحدة، لكن لم يكن معي أموال، فلم أكن قد حصلت على ثمن الحفلات بعد، ووجدت شريفة فاضل تشتريه لي، وأعطيتها أمواله بعد ذلك، وحينما وجده معي الملحنون المصريون ذهبوا لشراء مثله وانتشر بين العازفين".

طريقة برايل

يحكي عمار الشريعي، الذي أسس فرقة "الأصدقاء" عام 1980 والمكونة من حنان ومنى عبد الغني وعلاء عبد الخالق، عن دور طريقة برايل في حياته ويقول: "فتحت لي آفاقًا غير محدودة، ولكل المكفوفين، وساعدتني في أن أتعلم النوتة الموسيقية، والموسيقى بشكل عام منذ كنت في عمر الـ6 سنوات".

ورداً على سبب عدم إجرائه لعملية يسترد فيها بصره قال عمار: "أرفض أن أغادر هذا العالم الذي تعودت عليه".

الفن طاقة

عمار الشريعي الذي كان يرعى المواهب الشابة ويحاول أن ينقل خبرته لمن بعده ويكتشف الأصوات الرائعة مثل ريهام عبد الحكيم، مي فاروق، حسن فؤاد، كان له رأي في تغيير الموسيقى بعد دخول التكنولوجيا عليها، ويقول: "في الستينيات كان الفن طاقة مكملة لمجتمع، فقد كان الفن يدفع لبناء السد العالي، للعواطف النبيلة وغيرها، أما الآن فتراجع الفن بالنسبة للناس وأصبح المطلوب فن يُسْمَع ولا يُفْهَم، وكأنه في الخلفية ولا نهتم به، وإذا نزلنا الشارع وسألنا عشرة أفراد عن أغنية بعينها ستجدهم يقولون سمعناها لكن لن يستطيعوا أن يقولوا كلماتها".

رحيل

في 7 ديسمبر عام 2012 وبعد صراع طويل مع مرض القلب، توقفت أصابع هذا العملاق عن العزف لكن مازالت ألحانه تبحر في كل مكان بالعالم.