الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الانعكاسات المحتملة للمؤتمر الاقتصادي على فرص الاستثمارات الخليجية بمصر

  • Share :
post-title
ميناء السخنة

Alqahera News - ضياء نوح

يدعم المؤتمر الاقتصادي الذي عٌقد في مصر خلال الفترة 23-25 أكتوبر 2022، توجه الدولة المصرية لاستشراف الحلول والفرص للتحديات التي فرضتها الأوضاع الجيوسياسية الدولية وأزمة "كوفيد-19"، كما يحقق على الجانب الآخر المزيد من الشفافية، ووضوح الرؤية للشركاء الدوليين، وخاصة في منطقة الخليج المهتمين بزيادة وتوسيع استثماراتهم أو المتطلعين لدخول السوق المصرية، في ضوء الحوافز المتعددة لدعم وتعزيز دور القطاع الخاص.

وتأسيسًا على ما سبق؛ يسعى هذا التحليل للوقوف على انعكاسات المؤتمر الاقتصادي على الاستثمارات الخليجية في مصر

واقع الاستثمارات الخليجية:

مثلت السوق المصرية بيئة جاذبة لرؤوس الأموال الخليجية، خاصة في ظل التعاون بين صندوق مصر السيادي، وكل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار، ومؤخرًا جهاز قطر للاستثمار، وخلال العام الجاري تعهدت الدول الثلاث بدعم الاقتصاد المصري بنحو 22 مليار دولار يذهب أغلبها إلى استثمارات مباشرة وشراء حصص ببعض الشركات لتوسع معدلات نموها، وتحقيق المزيد من الأرباح التي تنعكس على الاقتصاد المصري، وتساعد في تعزيز قدرة الدولة المصرية في مواجهة تحديات الاقتصاد العالمي.

وتعتزم "أبوظبي" زيادة استثماراتها في مصر من مستوى 20 مليار دولار إلى 35 مليار دولار، خلال 5 سنوات مقبلة في ضوء الشراكة المتنامية بين البلدين، ضخت أبوظبي القابضة (ADQ) 1.8 مليار دولار في السوق المصرية مقابل الاستحواذ على حصص في 5 شركات مقيدة بالبوصة، بنسبة 32 في المئة من أسهم شركة "الإسكندرية لتداول الحاويات"، و21.5 في المئة من شركة "أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية"، 20 في المئة بشركة "موبكو للأسمدة"، و17 في المئة بالبنك التجاري الدولي، و12.6 في المئة من شركة فوري.

واستحوذ الجانب السعودي، ممثلًا في "الشركة السعودية المصرية للاستثمار" على حصص أقلية في 4 شركات مدرجة بالبورصة بإجمالي 1.3 مليار دولار، بنسبة 25 في المئة في كل من شركة "إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية" وشركة "موبكو للأسمدة"، كما نالت حصة 20 في المئة من شركة "الإسكندرية لتداول الحاويات"، و19.82 في المئة من شركة "أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية".

كما يدرس الجانب الكويتي، فرص زيادة الاستثمارات والتي بلغت نحو 20 مليار دولار، في إطار زيارة وفد اقتصادي بقيادة رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر، وحضور شركات الشحن والخدمات اللوجستية والاتصالات والمصارف والسياحة في أكتوبر الجاري.

ولا تزال المحادثات جارية حول استحواذ جهاز قطر للاستثمار على حصة 20 في المئة من أسهم شركة فودافون مصر بقيمة 2.5 مليار دولار من حصة شركة المصرية للاتصالات البالغة 45 في المئة من إجمالي أسهم شركة فودافون.

ويشهد قطاع الطاقة حضورًا خليجيًا مؤثرًا من قبل شركة دانة غاز الإماراتية في الحقول البرية بالدلتا وحقل ظهر، بلغت استثماراتها منذ 2007 نحو 2 مليار دولار، وفي ديسمبر 2021 استحوذت شركة قطر للطاقة على 40 في المئة من منطقة استكشاف بشمال مراقيا في البحر المتوسط.

حدود جذب مصر للاستثمارات الخليجية:

وتتضح من التحركات الخليجية الأخيرة في السوق المصرية وتوقعات الخبراء المحليين والدوليين، بجانب محاور تركيز المؤتمر الاقتصادي، فضلًا عن الإجراءات التحفيزية التي تبنتها الدولة لجذب رؤوس الأموال وتوجيهها لصناعات ذات قيمة تعزز القدرة على التصدير، أن تشهد الفترة المقبلة زيادة مؤثرة في تدفقات الاستثمارات الخليجية إلى الاقتصاد الوطني.

إن وضع الدولة سقفًا عاليًا لاستثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي والتخارج الجزئي أو الكلي من الأنشطة الاقتصادية بنسبة 65 في المئة، يعزز من المناخ الجاذب للاستثمار الخليجي الذي يتركز اهتمامه على مجالات تطوير الموانئ والشحن البحري ومشروعات الغاز الطبيعي وصناعة الأسمدة والبتروكيماويات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة، فضلًا عن القطاع الصحي والتعليم.

كما أن الرخصة الذهبية أو نظام الموافقة الواحدة وفق قانون الاستثمار 2017، والتي تمنحها مصر للمستثمرين في مجالات الصناعة- تقدم تسهيلات واسعة لتأسيس المشروعات الجديدة في غضون 20 يومًا فقط، وعلى رأسها صناعة السيارات الكهربائية وإنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة ومشروعات البنية التحتية ومحطات تحلية مياه البحر.

استكمالًا لما سبق، يمكن القول إن صندوق مصر السيادي، يساعد على تعزيز تنافسية السوق المصرية بقاعدته الاستهلاكية الضخمة من خلال 5 صناديق فرعية في الخدمات المالية والتحول الرقمي، والخدمات الصحية وصناعة الدواء، والبنية الأساسية، والسياحة والاستثمار العقاري، صندوق "ما قبل الطروحات" لامتلاك حصص في شركات عامة، لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال عبر توسيع قاعدة الشراكة في الأصول المملوكة للدولة، ويعتزم طرح 44 مشروعًا جديدة بقيمة 7 مليارات دولار.

مستوى الاهتمامات الخليجية بالسوق المصرية:

تهتم الدول الخليجية وصناديقها السيادية بالاستثمار في مجالات استراتيجية تتخارج الدولة المصرية منها، في إطار تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتحقيق الحياد التنافسي، خاصة في ظل تدشين "الشركة السعودية المصرية للاستثمار" المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة التي ستستثمر 10 مليارات دولار في مشروعات البنية التحتية والصناعات الغذائية والتطوير العقاري والخدمات المالية.

ويعد التحول إلى مركز إقليمي للطاقة في قلب الاهتمامات المصرية، تشهد تعاونًا مع دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث وقع الجانبان مذكرتي تفاهم في إنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وعلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، بإجمالي طاقة إنتاجية (حتى إتمام مراحل المشروعين 2030) 480 ألف طن سنويًا، كما وقعت مصر اتفاقيات مماثلة مع المملكة العربية السعودية في مجال الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر.

قطاعات واعدة للشراكة:

لا يزال القطاع العقاري جاذبًا لتوسعات الاستثمارات الخليجية في مصر، خاصة في المدن الساحلة مثل العلمين الجديدة وتوسعات الساحل الشمالي، خاصة مع إعلان رجل الأعمال الإماراتي، مؤسس شركة إعمار العقارية، في أغسطس 2022،إطلاق مشروع جديد بالساحل الشمالي، بإجمالي استثمارات 3 مليارات دولار.

وفي مجال السياحة، من المحتمل أن تضخ المملكة العربية السعودية استثمارات في جنوب سيناء، ضمن مشروع مدينة نيوم العملاقة، كما يسعى جهاز قطر للاستثمار، بالتعاون مع شركة أكور لبناء مدينة سياحية عالمية على السواحل المصرية.

كما يعزز إطار الشراكة الصناعية التكاملية بين مصر والإمارات والأردن والبحرين من استغلال الثروات المعدنية وتعميق الإنتاج المحلي وتأمين سلاسل الإمداد في قطاعات صناعية حيوية، مثل الذهب والفوسفات، وصناعة الزجاج وألواح الطاقة الشمسية، بالنظر لمخزون مصر من الرمال البيضاء (رمال السيليكا) عالية النقاء والتي تدخل في صناعة الرقائق الإلكترونية.

ومع تعدد مجالات الشراكة والبيئة الجاذبة للاستثمار اقتصاديًا وإجرائيًا وتشريعيًا، عزز البنك المصري الخليجي من توقعاته بقفزة غير مسبوقة في الاستثمارات الخليجية، خلال الفترة المقلبة، باعتباره واجهة تلك الاستثمارات في القطاع المصرفي بشراكة مصرية سعودية كويتية، مستندًا إلى فوائض الدول الخليجية جراء ارتفاع عوائد النفط.

وإجمالًا، يعد الاعتماد على مقومات مصر وموقعها المحوري على خطوط التجارة العالمية والقرب من الأسواق الأوروبية، فرصة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة ومركز للنقل البحري واللوجستيات، أبرز القطاعات التي توجهت إليها أنظار الجانب الخليجي. كما أن توجيه الاستثمارات الخليجية، نحو مشروعات البنية التحتية ومشروعات الطاقة، يعظم من فرص نمو الاقتصادي المصري، ومن المهم توسيع إطار الشراكة الصناعية لتعظيم سلاسل القيمة الصناعية وتقليل فاتورة استيراد مستلزمات الإنتاج، والعمل على تشكيل تحالف صناعي يؤمن احتياجات مصر والدول الخليجية في جذب صناعات مهمة، في ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا.