الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

إحصائيات صادمة.. لماذا تتزايد ظاهرة حمل الأسلحة النارية في أمريكا؟

  • Share :
post-title
دعوات أمريكية لمطالبة مجلس الشيوخ باتخاذ إجراءات بشأن سلامة الأسلحة

Alqahera News - محمود جمال

يعود ملف تقنين حيازة السلاح في الدستور الأمريكي مجددًا إلى الواجهة، لا سيَّما بعد ما شهده المجتمع الأمريكي بشكلٍ شبه يومي من حالة عنف متصاعدة؛ إذ تشير التقارير إلى وقوع ما يقترب من 222 حالة إطلاق نار في البلاد خلال الـ 55 يومًا الأولى من عام 2023، وذلك وفق إحصاءات منظمة (Gun Violence Archive)؛ وهي منظمة غير هادفة للربح، تهتم بتعقب عمليات إطلاق النار وخصائصها في الولايات الأمريكية المختلفة. ولم تسلم المدارس أو الجامعات أو دور العبادة أو المنازل أو حتى الأماكن العامة والملاهي الليلية من وقوع هذه الحوادث.

توضيحًا لما سبق، يتطرق هذا التحليل إلى ظاهرة حيازة الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك السياسات الحكومية والمجتمعية تجاهها.

بدايات الظاهرة:

يمتد السماح بامتلاك المواطنين للسلاح في الولايات المتحدة الأمريكية إلى فترة التأسيس؛ حيث شجع قطاع صناعة الأسلحة الخوف استنادًا على الخلافات التي كانت تضرب المجتمع الأمريكي وقتها. واعتبر الآباء المؤسسون أن هذه السياسة ستقود إلى الحفاظ على استقرار النظام السياسي الجديد بوجه الأنظمة الملكية المستعمرة لا سيَّما الجيش البريطاني. وقد اعتبر المؤسسون أن الشعب الأمريكي يتفرد عن بقية المجتمعات بامتلاكه الأسلحة النارية للدفاع عن الديمقراطية ونفسه بما يكفل حماية الولايات الأمريكية المختلفة من سلطة الحكومة الفيدرالية. وتطرح هذه الإشكالية نفسها على المجتمع الأمريكي الذي بات يعاني من هذه السياسة، ويدفع ثمنها عبر حوادث إطلاق النيران العشوائية التي أودت بما يقترب من مليون شخص منذ عام 1900.

أبرز محطات السيطرة على السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية

ومر جانب فرض القيود على حمل الأسلحة بالعديد من المحطات، وذلك بعد بروز عيوبه؛ حيث حظر الحزب الجمهوري البنادق الرشاشة عام 1934. ومؤخرًا، توافق الحزبان الديمقراطي والجمهوري على تمرير تعديلات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي وعد بها خلال حملته الانتخابية على قوانين حمل الأسلحة بما يسمح بالتدقيق في طالبي ترخيص هذه الأسلحة فيمَّن تتراوح أعمارهم بين 18-21 عامًا، وكذلك حظر حمل من يثبت استخدامه للعنف الأسري من حق حمل هذه الأسلحة، وقد وقع بايدن على مشروع قانون لتقييد حيازة السلاح في 25 يونيو 2022.

إحصاءات صادمة:

تُعد قضية حمل الأسلحة من أهم القضايا التي تدور في فلكها السياسة الداخلية الأمريكية، ويعمل الداعمون لحق حمل السلاح ضد السياسات التي تحاول الحد من ذلك، نبرز فيما يلي أهم ما تخبرنا به إحصائيات العنف في الولايات المتحدة:

(*) تزايد حالات إطلاق النار الجماعي: رصد موقع (أرشيف عنف الأسلحة) حوالي 70 حادث إطلاق نار جماعي في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية خلال الثلاث أعوام الأخيرة؛ إذ كان هناك أكثر من 600 عملية إطلاق نار جماعي بمتوسط عمليتين يوميًا. ووفقًا لموقع أرشيف عنف الأسلحة، فقد تجاوز عدد قتلى حوادث إطلاق النار خلال الثلاث أعوام الأخيرة حاجز 1947 قتيلًا بمتوسط 649 قتيلًا في العام الواحد. ويكاد لا يمر يومًا على الولايات المتحدة دون الإبلاغ عن حالات قتل بسبب إطلاق النار. وبمتابعة حوادث إطلاق النار، تبرز أسباب الظاهرة والتي تتركز في انتشار الأمراض النفسية والعقلية، وسهولة الحصول على الأسلحة.

(*) تضاعف مبيعات الأسلحة النارية: وفقًا لتقرير لوكالة بلومبيرج مايو 2022، يمتلك الأمريكيون أسلحة أكثر من أي مكان آخر في العالم وهم مستمرون في شراء المزيد، وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة لديها متوسط 120.5 سلاح ناري لكل 100 مُقيم. ويمتلك مالكو الأسلحة الأمريكية 393.3 مليون قطعة سلاح، وذلك وفقًا لتقرير صدر عام 2018 عن منظمة Small Arms Survey، وهي منظمة مقرها جنيف، وهي أعلى من تعداد سكان البلاد البالغ الآن حوالي 330 مليونًا. وتُعد صناعة السلاح في الولايات المتحدة غير منظمة بشكلٍ كبير؛ إذ يعاني دائمًا مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية المُكلف بالإشراف على هذه الصناعة (ATF) من عجزٍ كبير في مخصصاته، وهو ما يجعل من الصعب إجراء أنشطة رقابة متسقة وفعالة، وهو ما أدى إلى فوضى هذه الصناعة، وتسببها في مشكلات كبيرة تواجه المجتمع الأمريكي.

ويرى الناشطون في مجال مقاومة انتشار الأسلحة، أن حل المشكلة يبدأ من فرض الرقابة على صناعة الأسلحة، وعدم الاكتفاء بالتركيز على الأفراد الذين يستخدمون هذه الأسلحة. وقد بلغ قطاع تصنيع الأسلحة إلى أعلى معدلاته في عام 2016؛ حيث تم تصنيع 11.5 مليون قطعة سلاح ناري، ورغم أن الصناعة انخفضت في أعوام 2017، وعام 2018 بمعدلات 28، و25 بالمائة على التوالي؛ إلا أن هذين العامين كانا من أكبر الأعوام التي شهدت زيادة في عملية التصنيع.

(*) الضغوطات الشعبية: يطرح المعارضون لمسألة السلاح مجموعة من التساؤلات التي تتعلق بالتناقض في سلوك مؤيدي قانون حمل السلاح، وذلك رغم احترامهم للقانون وأجهزة الأمن والجيش إلا أنهم يقومون بحمل الأسلحة لحماية أنفسهم ولا يثقون في المؤسسات الأمنية الأمريكية للقيام بهذه المهام. ويربطون بين ذلك وظاهرة المواطنين الجنود التي كانت في السابق؛ حيث حمل المواطنون السلاح ضد الغُزاة في الوقت الذي لم يكن هناك جيش نظامي أو موازنة عسكرية للدولة كما هو الحال الآن. وأشارت دراسة نُشرت مؤخرًا لمؤسسة جالوب إلى أن الديمقراطيين متفقون تقريبًا على دعمهم لقوانين الأسلحة الأكثر صرامة بنسبة تقترب من 91٪، فيما يدعم 24٪ فقط من الجمهوريين الإجراءات الصارمة، ويدعمون بشكلٍ كبير مسألة حمل الأسلحة.

الرابطة الوطنية للأسلحة

وتُعد الرابطة الوطنية للأسلحة (NRA)من أقوى مجموعات الضغط المؤيدة للأسلحة النارية، ولديها ميزانية كبيرة للتأثير على أعضاء الكونجرس بشأن سياسة الأسلحة. وقد أنفقت الرابطة خلال عام 2020 حوالي 250 مليون دولار دفاعًا عن حقوق حمل السلاح في الولايات المتحدة، وقامت عبر لجنة العمل السياسي التي تأسست عام 1977 لتوجيه الأموال إلى المشرعين، ولديها تصنيف خاص لأعضاء الكونجرس وفق درجة دعمهم ورفضهم لمسألة امتلاك السلاح. وتواجه الرابطة دعوات بالحل نتيجة لسياساتها التي يتهمونها بالتسبب في مقتل الآلاف من الضحايا في حوادث إطلاق النيران.

ختامًا؛ تُقدم لوبيَّات حظر الأسلحة النارية في الولايات المتحدة الأمريكية العديد من التوصيات؛ لضمان احترام حق المواطنين في امتلاك السلاح، وفي نفس الوقت احترام حق الناس في الحياة. وعلى سبيل المثال، ترتكز استراتيجية النقاط العشر التي قدمها الأخوان "ديفيد هوج" وأخته "لورين هوج" الناجيان من حادثة إطلاق نار بمدرسة مارجوري ستونمان دوج لاس الثانوية بولاية فلوريدا، في ذكرى عيد الحب 2018، والتي عبروا عنها في كتابهما المعنون "لن يحدث مجددًا" على عدة نقاط أهمها: ضرورة تمويل أبحاث علمية تقوم بتوفير البيانات والإحصاءات اللازمة لفهم الظاهرة، ورقمنة مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية، وحظر الأسلحة الهجومية بشكل كامل، وتمويل برامج الحد من العنف وعلاجه، ومنع من لديهم سوابق عنف منزلي من حمل السلاح، وهي النقطة التي حملها بايدن في حملته الانتخابية وأقرها في مشروع قانون يوليو 2022، وسن قوانين فيدرالية لحظر تهريب البنادق من الولايات ذات القوانين الضعيفة إلى الولايات ذات القوانين الحاسمة، إضافة إلى التخزين الآمن للسلاح للحد من سرقته ووصوله لأيدي الأطفال.