الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

فنان الشعب سيد درويش.. رحل شاباً وكتب الخلود لألحانه في وجدان مصر

  • Share :
post-title
الفنان سيد درويش

Alqahera News - إيمان بسطاوي

فنان الشعب لم يكن لقبًا عابرًا، بل كان تجسيدًا لواقع حقيقي عاشه الفنان سيد درويش الذي ارتبط اسمه بالوطن، ليقدم من صميم موسيقاه وأغانيه أعمالاً صاحبت حياة المصريين الاجتماعية والسياسية في أوائل القرن العشرين.

ارتبط اسم سيد درويش الذي ولد في مثل هذا اليوم؛ قبل 131 عامًا بمدينة الإسكندرية، فخرج من حي كوم الدكة وسار بين شوارعها التي كانت شاهدة على خطواته ليس فقط في الحياة، ولكن في مجال الفن؛ ليكون أحد أعلام هذه المحافظة الساحلية، التي كرمته بمسرح يحمل اسمه.

ظهرت موهبة سيد درويش مبكرًا منذ الصغر، إذ تأثرًا بسماع الشيخ أحمد ندا وإبراهيم الأزهري، الأمر الذي شجعه لأن يجمع أصدقاءه ويغني لهم، ثم حاول أن يطور مهاراته بالالتحاق بالمعهد الإيطالي، إذ بدأ في تعلم النوتة الموسيقية، فضلًا عن رغبته المُلحة في إتقان حفظ القرآن، فالتحق بالمعهد الأزهري، ونجح في السنوات الأولى، لكنه اضطر للعمل بسبب الظروف الاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد آنذاك، فعمل في مهن مختلفة، ومن هنا جاء‏ احتكاك سيد درويش بالفئات المختلفة من الشعب؛ مما ساعده في الوصول للطبقات البسيطة والقدرة على التعبير عنهم في أغانيه، ولذلك لم يأت لقب "فنان الشعب" من فراغ، كما أنه كان مجددًا في الموسيقى وأحدث طفرة بها.

الفنان سيد درويش

كانت القاهرة هي وجهته التي حقق فيها حلمه، حيث تعرف عليه الشيخ سلامة حجازي، وطلب منه أن يذهب معه للعاصمة، وقدمه الشيخ سلامة حجازي كمطرب، لكن لم يتقبله الناس وقتها؛ لأنهم اعتادوا على سماع صوت حجازي، فقرر سيد درويش العودة إلى مسقط رأسه في الإسكندرية، ولكن إيمان "حجازي" بموهبة سيد درويش جعله يلح عليه في إيجاد فرصته، وبالفعل عرّفه على العديد من الفرق المسرحية، ليلحن لهم مثل فرقة جورج أبيض ثم تعرّف بعدها على فرقة نجيب محفوظ وعلي الكسار.

غاص سيد درويش في الأعمال الوطنية، إذ قدّم العديد من الأغنيات والألحان التي غيّرت من شكل الأغنية بل واتخذت موقعها كشيء أصيل في حياة المصريين مثل النشيد الوطني المصري "بلادي بلادي" الذي لحنه سيد درويش؛ ليكون شاهدًا على عبقرية هذا الفنان الأصيل، فرغم مرور أكثر من 100عام على تقديم هذا اللحن، ولكنه يعيش بيننا ويمثل مصر في أي محفل دولي كنشيد وطني.

تنوعت موهبة سيد درويش بين الغناء والتلحين، إذ عمل مع فرقة سليم عطا الله، وقدّم عدة جولات ناجحة في عدد من البلدان، سواء في الشام مثل لبنان وسوريا وفلسطين والتي أثقلت موهبته الفنية وتعلّم أدوات جديدة في الموسيقى العربية، بعد أن احتك بكبار الموسيقيين هناك.

قدم سيد درويش عددًا كبيرًا من الموشحات الغنائية من ألحانه مثل "يا بهجة الروح"، و"حبي دعاني الوصال" و"منيتي عز اصطباري"، وغيرها من الموشحات بالإضافة إلى تقديم الكثير من الأغنيات الوطنية، مثل أغنية "قوم يا مصري" فعرف درويش بأنه ثوري قاد حركة التغيير ليس فقط في الموسيقى، ولكن أيضًا في تحرير الوطن آنذاك، إذ كوّن ثنائيًا مع بديع خيري، وأنتجا معًا الكثير من الأغاني التي مازالت حاضرة حتى يومنا هذا.

‏رغم رحيل سيد درويش في عمر الشباب، إذ لم يتجاوز 31 عامًا، ولكنه أثرى الحياة الفنية والموسيقية بأعمال ستظل خالدة في النفوس، ليكون صاحب صحوة حقيقية في مجال الموسيقى، وبلغ تأثيره ليشجّع الكثيرين على تقديم أعمال عن مسيرته ومشواره ومنها فيلم قدمه الفنان كرم مطاوع يحمل اسم الفنان الراحل سيد درويش، فضلًا عن مسرحية قدمها الفنان محمد توفيق عن حياته، بالإضافة لأعمال أخرى تناولت مسيرته مثل مسلسل "أهو دا اللي صار".