الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

منى زكي.. "الريسة حنان" التي عبرت بـ"تحت الوصاية" إلى قلوب الجمهور

  • Share :
post-title
منى زكي

Alqahera News - محمود ترك

قبل نحو أكثر من 20 عامًا، عبّرت الممثلة المصرية منى زكي عن استيائها من هجوم النقاد على جيلها من الممثلات، إذا أخطأوا في اختيار أدوارهم أو لم يجيدوا فيها، دون النظر إلى حداثة عمرهم الفني وقتئذ، قائلة في حوار تلفزيوني: "نحن جيل لا يدعي أنه فاهم كل شيء، هناك أمور لا نعرفها، وليست لدينا خبرات حتى الآن، لماذا تحاسبوننا كأن عمرنا الفني فوق الـ40؟".

منى زكي دون أن تعرف مشروعاتها الفنية المستقبلية راهنت على عامل تراكم الخبرات بمرور الزمن، خصوصًا أن جيلها من الممثلين لم يرافقه ظهور جيل من المؤلفين قادر على التعبير عنهم، ورغم أن الكثير من صنّاع السينما والنقاد رأوا في الجيل الذي بزغ نجمه مع فيلمي "صعيدي في الجامعة الأمريكية" و"إسماعيلية رايح جاي" لم يفطن أحد إلى أن هذا الجيل ومنهم منى زكي ثروة قومية حقيقية يجب الحفاظ عليها وتوجيهها، ليتركوا هذه المهمة لظروف السوق التي عطّلت بعضهم كثيرًا ونجا منها نجوم آخرون بفضل إصرارهم على تطوير أنفسهم، ومنهم نجمة مسلسل "تحت الوصاية".

الموهبة الفطرية التي تتمتع بها منى زكي لفتت أنظار محمد صبحي في التسعينيات من القرن الماضي ليضمها إلى عرضه المسرحي "بالعربي الفصيح" عام 1991، إذ كانت فقط تحتاج إلى اكتساب الخبرات التي تتضمن اختيارات ليست جيدة أحيانًا، لكنها كانت تتعلم منها، وتطور من نفسها رافضة الوقوف في محطة انتظار واحدة، أو الاعتماد على أداء أو دور حقق بالفعل نجاحًا جماهيريًا، لترسم مشوارها الفني بملامح خاصة واجتهاد ومذاكرة مستمرة.

مشوار بدأته منه زكي في ظل ثقة شديدة من مخرجين لهم بصماتهم الفنية الخاصة، ومنهم إسماعيل عبد الحافظ في "العائلة" و"ليالي الحلمية، ويحيى العلمي في "نصف ربيع الآخر"، ومجدي أبو عميرة في "الضوء الشارد"، على اختلاف طبيعة وحجم أعمالها في الأعمال الأربعة لكنها كانت حاضرة فيها.

مسلسل تحت الوصاية
التصرف بصدق

"التمثيل هو التصرف بصدق في ظل ظروف خيالية"، هكذا وضع الممثل والمدرب الأمريكي سانفورد ميسنر تقنيته الشهيرة في التدريب على فن الأداء، التي يركز فيها على الاستجابة الحقيقية للممثل للظروف المحيطة به، وتسمى بـ Meisner Acting Technique، الأمر الذي نراه جليًا ويفسّر سر صدق أداء النجمة منى زكي في أعمالها الفنية خصوصًا مع الخبرة والنضج الفني الذي اكتسبته على مدار السنوات.

ذلك النضج لم يأت وليدًا للصدفة، بل من منهج في التفكير ربطت عليه الوثاق منذ بداية مشوارها الفني، فهي لا ترى نفسها سلعة يتم تقييمها بالإيرادات من شباك التذاكر، بل تذهب إلى موقع التصوير فقط لتؤدي مهمة تحبها، حسبما تقول في تصريحات سابقة لأحد البرامج الرمضانية الشهيرة، الأمر الذي يفسر لنا إصرارها على مهنة الفن رغم محاولات والدها الشديدة أن يبعدها عنه واختيار مهنة أخرى، لكنها أصرت على طريقها، ومراقبة نفسها في كل خطوة ولديها دائمًا رهان المستقبل.

ويميز مشوار منى زكي أنها لم تفوت أي فرصة للتألق والظهور بشكل مغاير، سواء في بدايتها عندما وقفت أمام النجم الراحل أحمد زكي في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة"، أو البطولة الجماعية في الفيلم الأشهر "سهر الليالي"، كما لم تفوت فرصة التألق مع المخرج محمد ياسين في مسلسل "أفراح القبة" عن رواية نجيب محفوظ وكتب السيناريو لها نشوى زايد، لتجد الممثلة المصرية ضالتها في قصة الأديب صاحب نوبل، ليكون بمثابة نقطة تحول في مشوارها الفني.

مسلسل تحت الوصاية
اقتناص الفرص

واللافت للنظر أنه مع كل تألق في دور تجسده منى زكي بالفترة الأخيرة، يشعر الجمهور بأن هذا العمل كُتب لها خصيصًا، لكن الأمر ليس كذلك، ويفسره أنها تتعايش مع الشخصية وتذاكر تفاصيلها حتى لا نرى غيرها في دور (هناء سالم السيد) بمسلسل "لعبة نيوتن" إخراج وتأليف تامر محسن، وأيضًا نصدقها تمامًا في شخصية (حنان عبد الحميد السيد) بمسلسل "تحت الوصاية" تأليف خالد وشيرين دياب وإخراج محمد شاكر خضير صاحب مسلسلات "لا تطفئ الشمس" و"جراند أوتيل" و"طريقي".

تماهي منى زكي مع شخصية (حنان) في المسلسل الرمضاني اللافت للنظر، وتجسيدها لدور أرملة لديها طفلان، صاغته بتفاصيل شديدة الخصوصية، ساعدها فيه اختيار الأزياء والماكياج، لكن أيضًا انفعالات الممثلة المصرية وتعبيرها عن المرأة المكلومة جاءت متوازنة تمامًا، حتى أننا نكاد نسمع ضربات قلبها أثناء مشاهد الخوف والقلق ومنها مشهد خوفها من فضح أمر سرقتها للمركب، وخوفها على طفليها، وأيضًا لحظات السعادة الصادقة ونجاحها في الصيد بالمركب، مرورًا بكل اللحظات الصعبة التي تعيشها.

وأثبت الوقت بالفعل أن منى زكي وجيلها من النجمات، يشكلن ثروة قومية بما يمتلكن من موهبة نادرة أصقلتها السنوات، وزاد من قيمتها قدرة خاصة على تطوير الأداء رفقة مخرجين متميزين، وأنها كانت على حق في رفض وصاية بعض الأقلام النقدية على ما يقدمونه دون النظر إلى ما يحتاجونه بالفعل من توجيه سليم.

مسلسل تحت الوصاية