الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صراع يحتدم في السودان.. الصحة العالمية تنقذ الأرواح عبر "نوافذ محدودة"

  • Share :
post-title
وضع إنساني وصحي صعب في السودان

Alqahera News - سمر سليمان

"نوافذ محدودة" هذا ما أتاحته اتفاقات وقف إطلاق النار في السودان، لتوزيع الإمدادات الصحية العاجلة لإنقاذ حياة المدنيين العزل، بينما علقت كوادر الصحة في مرمى نيران قتال محتدم لأكثر من شهرين.

 حاور موقع "القاهرة الإخبارية"، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، للوقوف على مستجدات الوضع الصحي والمرافق الصحية، وجهود تقديم الإغاثة الصحية والنفسية للسودانيين، في ظل اتفاقات لم تشهد تهدئة.  

وقال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: "لقد أتاحت اتفاقات وقف إطلاق النار اللاحقة نوافذ محدودة لتوزيع الإمدادات التي تحتاجها المرافق الصحية والشركاء بشكل عاجل لعملياتهم المنقذة للحياة".

وأكد أن هذه الالتزامات والصفقات "لن تساعد العمليات الإنسانية إلا إذا نفذت الأطراف الموقعة تنفيذًا شاملًا واحترمتها بالكامل".

وبانتهاء هدنة أخرى، قبل يومين، سمحت على مدار 72 ساعة، بهدوء نسبي بين الأطراف، تجددت المعارك بين الجيش السوداني والدعم السريع، في العاصمة الخرطوم باستخدام المدفعية والطيران الحربي، فيما تشهد مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور توترًا كبيرًا، وسط حشد للقوات من الجانبين.

وأشار إلى أنه من شأن هدنة حقيقية أن تمكن فرق الصحة العالمية من "تخطي عقبة انعدام الأمن والعوائق التشغيلية التي لا تزال تشكل تحديًا في إيصال الإمدادات في الوقت المناسب إلى حيث تكون هناك حاجة إليها".

وحث المسؤول الأممي، الأطراف في السودان على وقف القتال، والانسحاب من المرافق الصحية والمستودعات التي تخزن فيها الأدوية، وحماية العاملين الصحيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع الولايات، لضمان إيصال الرعاية الصحية والإمدادات الطبية إلى جميع المحتاجين.

وأوضح "المنظري" أن هدف المنظمة الأساسي، "توسيع نطاق استجابتنا وجهود التصدي للآثار المترتبة على العنف لتشمل دعم تقديم الخدمات الصحية الأساسية المتكاملة للفئات المتضررة والمصابين، بما في ذلك رعاية الرضوح وحالات الطوارئ، من خلال الوصول بالمساعدات الطبية والأجهزة والمستلزمات للمرافق التي لا تزال صامدة وقادرة على العمل، بالإضافة إلى تعزيز ترصد الأمراض التي قد تتحوّل إلى أوبئة".

حاجة لدعم عاجل

وأكد المدير الإقليمي للصحة العالمية، حاجة المنظمة إلى "دعم عاجل" من المجتمع الدولي، للتخفيف من الآثار المدمرة على نظام الرعاية الصحية في السودان، والإبقاء على إمكان إتاحة الخدمات الصحية.

وحصل السودان على تعهدات من دول ومنظمات دولية، بمساعدات إنسانية تصل قيمتها لنحو 1.5 مليار دولار، ضمن مُخرجات مؤتمر المانحين للسودان الذي انعقد قبل أيام، برئاسة مشتركة بين السعودية، قطر، مصر، ألمانيا، منظمة الأمم المتحدة ممثلة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، الاتحاد الأوروبي، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

ودعت الأمم المتحدة وشركاؤها، السبت الماضي، لتوفير مبلغ 3 مليارات دولار لمساعدة 18 مليون شخص حتى نهاية هذا العام، في نداء وصفته بأنه الأضخم على الإطلاق من أجل السودان، وعلى إثر ذلك أطلقت خطة للاستجابة هدفها توفير الغذاء والرعاية الصحية والمأوى والحماية، وغيرها من المساعدات الضرورية.

وضع صحي مأساوي

ويُقدر المدير الإقليمي للصحة العالمية، نطاق الأزمة الصحية في السودان بأنه "غير مسبوق"، وإلى جانب الخسائر في الأرواح والإصابات، فنّد "المنظري" الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية وتوقف خدماتها، وسط مخاطر انتشار الأمراض.

أكد توقف قرابة 60% من المرافق الصحية في أنحاء البلاد عن العمل، "ونُهبت الأصول والإمدادات أو دُمرت"، وتضاءلت الإمدادات الطبية بشكل كبير، في حين اضطر العديد من العاملين الصحيين إلى الفرار.

وتحدث "المنظري" عن توقف تقديم عدة خدمات بالغة الأهمية، مثل الرعاية الصحية للأمهات والأطفال وعلاج المرضى الذين يعانون أمراضًا مزمنة، مضيفًا "من المتوقع أن يعاني أكثر من 100 ألف طفل سوء التغذية الحاد الوخيم المصحوب بمضاعفات طبية بحلول نهاية العام".

وحذر المسؤول الأممي من أن شأن اجتماع عدة عوامل، مثل موسم الأمطار المقبل، ومحدودية الحصول على مياه الشرب المأمونة، ونزوح السكان، زيادة خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه والنواقل التي يمكن أن تنتقل إلى البلدان المجاورة.

المرافق الصحية في مرمى الهجمات

وأسف المسؤول بالصحة العالمية لخروقات وهجمات طالت مرافق الرعاية الصحية والعاملين بالمجال الإنساني، خلال سريان اتفاقات وقف إطلاق النار وحولها، داعيًا لضرورة أن يتوقف هذا النهج.

وقال "المنظري" إن المنظمة تحققت من وقوع 46 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية في الفترة من 15 أبريل إلى 8 يونيو 2023، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة مثلهم.

وأضاف أن أصول بعض وكالات الأمم المتحدة تعرضت للهجوم أو النهب أو التدمير، كما تعرض مكتب منظمة الصحة العالمية في نيالا بجنوب دارفور ومستودع المنظمة في غرب دارفور للهجوم بتدمير الأصول ونقلها.

وكشف تلقي الصحة العالمية تقاريرًا تفيد بأن" إمدادات تبلغ قيمتها نحو 58.000 يورو قدمت إلى منظمة "GOAL" قد نهبت من مخازنهم إلى جانب إمدادات طبية أخرى".

الوسائل عديدة والهدف "الغوث"

أكد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمة لشرق المتوسط، نجاح المنظمة حتى الآن في إرسال ما مجموعه 170 طنًا من الإمدادات الطبية إلى السودان، بما في ذلك علاج الصدمات والإصابات والأمراض المزمنة والأمراض المعدية، باستخدام جميع الوسائل الممكنة عن طريق الجو والبر والبحر".

أشار إلى عشرات الأطنان من الإمدادات التي أرسلتها الصحة العالمية عبر مكاتبها الإقليمية، لدعم مئات الآلاف من الفارين من العنف إلى مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا.

وتحدث عن دور المنظمة في تدريب الكوادر الطبية السودانية على تقديم الإسعافات الأولية والرعاية العاجلة، ودربت العاملين في مجال الرعاية الصحية على الإسعافات الأولية النفسية للناجين من العنف.

وتعمل المنظمة مع المكتب الإقليمي الإفريقي على تنسيق الخدمات الصحية على الحدود مع دول الجوار السوداني، إلى جانب دورها في الدعم التقني واللوجستي لحملة التطعيم التفاعلي ضد الحصبة في ولاية النيل الأزرق، وفق "المنظري".

وأضاف أننا نقوم بتنسيق مجموعة العمل الفنية المعنية بالصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي، التي تضم 26 شريكًا من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل الماضي، معارك ضارية بين الجيش السوداني والدعم السريع، خلفت آلاف القتلى والجرحى، ودفعت بأكثر من مليون سوداني، إلى جانب لاجئين بالبلاد للنزوح بعيدًا عن أماكن الصراع، وسط أكثر من 10 اتفاقات لوقف إطلاق النار دون تهدئة حقيقية.