الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تجفيف المصادر.. ما مهددات اقتصاد الإخوان بعد فشل فروع الجماعة في المنطقة العربية؟

  • Share :
post-title
مهددات اقتصاد الإخوان

Alqahera News - شعبان الأسواني

يمثل الاقتصاد والتمويل، العمود الفقري لأي تنظيم متطرف، أو أي نشاط إرهابي، فبدون التمويل يكون تأثير أي جماعة متطرفة محدودًا للغاية، فلطالما سعت جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها العديد من الدول بأنها "تنظيم إرهابي"، إلى بناء أذرع اقتصادية لها داخل مصر وخارجها؛ لتحقيق العديد من الدوافع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لذلك يعد اقتصاد الجماعة هو العمود الفقري لها، الذي دائما تستخدمه في تهديد مؤسسات الدول التي تتواجد فيها.

وفي ضوء تغلغل التنظيم الدولي بخلق كيانات اقتصادية متشعبة في أكثر من 80 دولة، قد يكون من الصعب حصر قيمة الاقتصاد الإخواني بدقة، لاسيما وأن الجماعة تعمل دائمًا على إخفاء استثماراتها المختلفة بطرق غير تقليدية، للهروب من مراقبة السلطات الوطنية، والالتفاف على القانون، لذلك سيحاول هذا التحليل تناول التساؤل الخاص بمصادر الاقتصاد الإخواني بمزيد من التفصيل، في محاولة للقضاء على التهديدات الإرهابية للجماعة؛ فالقضاء على الجماعة لن يكون إلا عبر استهداف اقتصادها.

حجم اقتصاد الجماعة:

ترى الجماعة أنها ستكون في مهب الريح، في حال حصر المعاملات المالية والاقتصادية لها في كيان واحد؛ إذ تعتقد أن ذلك سيسهل على الحكومة المصرية تصفيتها اقتصاديًا، لذلك عملت الجماعة على تنويع مصادر تمويلها واقتصادها، معظمها مصادر ملتوية وغير شرعية، من أجل تعزيز قوتها وتأثيرها في صياغة مواقف الجماعة وضبط التوازنات بداخلها وتأطير ديناميتها السياسية، ويمكن تناول أبرز تلك المصادر فيما يلي:

حجم اقتصاد جماعة الإخوان المسلمين

(*) صندوق أوروبا (The Europe Trust)، الذي تتخذه منظمة العمل الخيري والتنموي في أوروبا غطاء لتحركاتها، منذ تأسيسها في 1996 بقرار من اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، التي تعد مظلة لتحركات الإخوان في القارة العجوز، فقد أوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن المنظمة أنشئت بالأساس كذراع لجمع التبرعات، وتوفير الموارد لصالح اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، فيما قالت "التايمز" البريطانية إن المؤسسة تمتلك أصولًا عقارية تزيد قيمتها على 8.5 مليون جنيه إسترليني، وترسل إيرادات الإيجار من ممتلكاتها إلى شبكة غير رسمية من المنظمات المرتبطة بالإخوان في جميع أنحاء القارة الأوروبية، بما في ذلك الرابطة الإسلامية في بريطانيا، التي تصفها الحكومة البريطانية بأنها "ممثل الإخوان في المملكة المتحدة".

(*) اشتراكات وتبرعات الأعضاء، تشير دراسة للخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق، إلى أن الجماعة كانت تحقق سنويًا ما يقارب 190 مليون جنيه مصري، من اشتراكات الأعضاء، فيما كانت تصل القيمة السنوية لتبرعات الأعضاء لنحو 604 ملايين جنيه مصري، وتبرعات رجال الأعمال تصل إلى 500 مليون جنيه مصري.

(*) مصادر متعددة، بلغت أموال الزكاة التي كانت تقدم للجماعة سواء من الداخل أو الخارج، نحو 5 مليارات جنيه مصري سنويًا، فيما قد بلغت أموال ما يسمى بـ "الإغاثة" والتي كانت تتلقاها الجماعة من دول ورجال أعمال لتوجيهها لإغاثة المسلمين حول العالم، كانت تتخطى 100 مليون جنيه استرليني سنويًا، أما ما يسمى بأموال "الجهاد" كانت تتراوح حصيلتها ما بين 50 -100 مليون جنيه سنويًا، وأموال المشروعات الخارجية بلغت حصيلتها ما يصل إلى 5 مليارات جنيه سنويًا.

(*) السياحة وتنظيم رحلات، لم يتوقف نشاط الإخوان عند هذا الحد، بل اتجهوا للعمل في مجال السياحة الدينية، وتنظيم رحلات الحج والعمرة، والتي كان يزيد سوقها السنوي على 1,5مليون جنيه مصري، ومعها توجهوا نحو التنمية السياحية، ومجال بناء القرى السياحية، وأصبحت لديهم قرى كاملة في مرسى مطروح المصرية.

(*) الاستثمارات الإخوانية في مصر، لا توجد إحصائيات دقيقة عن حجم استثمارات الإخوان في مصر، لأن أغلبها اقتصاد غير رسمي، ويصعب تصنيفها، لكن يُقدر البعض حجمها بنحو 10% من إجمالي الاستثمارات في مصر، فيما كشفت لجنة التحفظ وإدارة أموال الجماعة؛ أن استثمارات الجماعة المعلنة وصلت إلى 100 مليار جنيه داخل مصر، يتم إدارتها عبر شبكة معقدة من الشركات التي تؤول ملكيتها في نهاية المطاف للجماعة أو قادتها، سواء عبر ملكية كاملة أو بحصة جزئية، فضلاً عن ذلك فإن التقديرات الأمنية والقضائية تشير إلى أن حجم الممتلكات الإخوانية التي تم التحفظ عليها داخل مصر قد تجاوزت 60 مليار دولار.

(*) اقتصاد الجماعة في أوروبا، أشار تقرير لمركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا، حول هياكل الإخوان، في 6 مارس 2022، إلى أن ديناميكيات التمويل الخاصة بالإخوان في أوروبا معقدة ويصعب اختراقها، لكن التقرير تمكن من حصرها في 4 روافد لتمويل الإخوان في أوروبا، أهمها تبرعات عناصر الجماعة، والهبات الخارجية من دول خارجية، وأرباح شبكة شركات تديرها الجماعة في القارة الأوروبية، وأخيرًا مساعدات من حكومات أوروبية في إطار برامج لدعم الاندماج والتواصل مع الجاليات الإسلامية.

(*) تهريب وغسيل الأموال، حيث قامت الجماعة بتهريب الأموال النقدية من العملات الأجنبية إلى خارج البلاد من أجل إلحاق الأضرار بالاقتصاد المصري، وتحقيق الأرباح من جهة أخرى؛ إذ يحصل المهرب على 5% من قيمة العملة التي يهربها في رحلة واحدة، أي ما يعادل مليارات الجنيهات، فيما عملت الجماعة على الخوض في عمليات غسيل الأموال من خلال مكاتب الصرافة والشركات والجمعيات الخيرية والقنوات الإعلامية التحريضية، وذلك من أجل إخفاء مصادر تمويلها وإضفاء الشرعية عليها.

وضع اقتصادي متأزم:

بالرغم من اعتماد الجماعة على مصادر متعددة من التمويل، وعلى الاقتصاد غير الرسمي، مع تركيز معظم استثماراتها في التجارة، من أجل جعل عملية مراقبة حركة الأموال أكثر صعوبةً وتعقيدًا، فإن اقتصاد الإخوان يعاني في الوقت الراهن أزمات متعددة، أبرزها:

(&) ملاحقات مستمرة، تلقت الجماعة العديد من الملاحقات في عدة دول في مقدمتها مصر، والتي نجحت في التأثير على البنية الاقتصادية المباشرة للجماعة.

(&) تضييق غير مسبوق، واجهت الجماعة عمليات تضييق على أنشطتها في أوروبا وإفريقيا، وتتبع مصادر تمويله ووضع عدد كبير من قياداتها على قوائم الإرهاب العربية والأوروبية والأمريكية أيضًا، فقد تم تكليف وكالات الاستخبارات المحلية في العديد من الدول بملاحقة ومراقبة أنشطة الجماعات والشبكات المتطرفة والإرهابية، وعلى رأسها؛ وكالة الاستخبارات المحلية الفيدرالية الألمانية.

(&) انشقاق داخلي، تعاني الجماعة منذ أواخر العام الماضي من أزمة خانقة، بين أطراف الجماعة في أنقرة ولندن، والتي انعكست إلى حد كبير على كافة أفرعها وروابطها التنظيمية، والتي تؤثر بدورها على الاستثمارات والاقتصاد الإخواني، فيما ينظر البعض لملف التمويل والاقتصاد باعتباره محورًا غاية في الأهمية، وأداة لحسم الصراع بين الأطراف المتناحرة في الجماعة.

(&) التقارب العربي التركي، في إطار سياسة تركيا لتصفير المشكلات مع جوارها الجغرافي؛ الذي بدأ منذ مارس 2021، قامت أنقرة -الملاذ الآمن للجماعة وأنشطتها الاقتصادية غير المشروعة وإعلامها المُحرض- بالتخلي بشكل كبير عن دعمها للجماعة الذي قد زاد رواجه عقب 2013، ما أدى لإفساد جزء كبير من العلاقات العربية التركية.

في النهاية، فإنه من المحتمل أن يتمخض عن الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الإخواني حاليًا، تراجع قدرة الجماعة عن تجنيد عناصر جديدة من الشباب، خاصة في حالة تراجع الدعم عن الآلة الإعلامية التي تمتلكها العناصر الهاربة، بما سينذر بمؤشرات ضبابية حول مستقبل الإخوان، ويلقي بظلاله على ملف الاقتصاد، الذي من المرجح أن يستمر في انهياره خلال الفترة المقبلة، لذلك قد يتطلب الأمر تعزيز وتكاتف الجهود المحلية والدولية، للقضاء على الاقتصاد الإخواني وتجفيف منابعه، لا سيما وسط ضخامة الحضور المالي للإخوان في الدول الغربية، الأمر الذي يُحتم القضاء على روافد تمويله؛ التي تهدد استقرار المجتمعات وتزيد من مخاطر التهديدات الإرهابية.