الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

اضطرابات النيجر.. صراع دولي على النفوذ واليورانيوم والذهب والنفط

  • Share :
post-title
مظاهرات مناهضة لفرنسا فى النيجر

Alqahera News - محمود غراب

تطورات الاضطرابات في النيجر كشفت عن صراع دولى على النفوذ والثروة المعدنية والنفطية في البلد الإفريقى.

تجلت ملامح هذا الصراع الدولى في المظاهرات التي خرجت، أمس الأحد، أمام السفارة الفرنسية في نيامي، بعد ما انتزع بعض المتظاهرين اللوحة التي تحمل عبارة "سفارة فرنسا في النيجر" دهسوها بالأقدام ووضعوا مكانها علمي روسيا والنيجر. وصاح بعض المتظاهرين "تحيا روسيا" و"فلتسقط فرنسا".

مخاوف فرنسية على إمدادات اليورانيوم

وأبدت فرنسا إدانتها الشديدة لأي محاولة لتولي الحكم بالقوة في النيجر، حليفتها الرئيسية في منطقة الساحل، مشددة على ضرورة استعادة وحدة المؤسسات الديمقراطية النيجرية.

ووفق وكالة "فرانس برس" فإن الاضطرابات في النيجر تشكل مصدرًا لقلق كبير للدول الغربية خصوصا فرنسا، لأن الرئيس محمد بازوم يعد آخر حلفاء باريس في غرب إفريقيا.

كما تخشى فرنسا أن تكون النيجر الدولة التالية التي تخسرها لصالح روسيا في غرب إفريقيا.

وتقول صحيفة "تايمز" البريطانية، إن النيجر الغنية باليورانيوم، وقبل واقعة الإطاحة بالرئيس أصحبت ضمن أهداف موسكو، التي تساعدها البيئة الأمنية المتدهورة في بسط سيطرتها على المستعمرات الفرنسية السابقة، مشيرة إلى أن روسيا استغلت التحرك الذي أطاح بحكومة بوركينا فاسو أواخر العام الماضي ومدت نفوذها.

وأشار التقرير إلى أن النيجر، المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في المنطقة، التي لا تزال باريس تسيطر عليها، ضرورية لمحطات الطاقة النووية التي توفر 70 في المئة من الكهرباء لفرنسا.

ومنذ تولي بازوم السلطة عام 2021 تسعى فرنسا بالتعاون معه إلى بناء استراتيجية جديدة لها في منطقة الساحل غرب إفريقيا، تكون قاعدتها النيجر، لمنع تمدد الإرهاب ومواجهة النفوذ الروسي، لتلافى أخطاء تجربتها في مالي.

ووفق مراقبين، فإن استقرار النيجر وموقعها الجغرافي، يساعدان الجيش الفرنسي في مراقبة الحدود مع ليبيا، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

ووفق صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن الجيش الفرنسي يحاول الوجود عبر النيجر بعد مغادرة مالي في عملية "برخان"، ومطالبة بوركينا فاسو المجاورة بسحب القوات الفرنسية من أراضيها لعدم تركها فريسة لمجموعة "فاجنر" الروسية.

النيجر تمتلك ثروة هائلة من المعادن

وتزخر النيجر بمجموعة واسعة من المعادن التي تلعب دورًا مهمًا في اقتصاد الدولة وتشمل اليورانيوم والفحم والذهب وغيرها، وقدرت الحكومة بأنها تشكل نحو 40 في المئة من صادرات البلاد. ويسهم قطاع المعادن بنسبة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وتم اكتشاف اليورانيوم في النيجر عام 1957 من قِبل المكتب الفرنسي للبحوث الجيولوجية، وارتبط تعدينه ارتباطًا وثيقًا بدول إفريقية أخرى مثل الجابون عن طريق دور لجنة الطاقة الذرية الفرنسية.

وبعد أن أصبحت النيجر مستقلة عن فرنسا في 1960، بدأت الشركة النووية الفرنسية تعدين احتياطات اليورانيوم منذ عام 1970، وعام 2021 زودت النيجر الاتحاد الأوروبي بنحو 25 في المئة من إمدادات العنصر النووي مع زيادة الطلب الفرنسي عليه بتوسيع باريس محطاتها النووية.

وإلى جانب اليورانيوم، أشارت العديد من التقارير عن وجود كميات كبيرة من احتياطيات الذهب موجودة بين نهر النيجر والمنطقة الحدودية المتاخمة لبوركينا فاسو. وفي الخامس من أكتوبر لعام 2004، أعلن الرئيس تانجي رسميا عن افتتاح منجم الذهب بهضبة سميرة بمقاطعة تيرا وقدمت له أول سبيكة ذهبية تنتجها النيجر. ومثلت هذه اللحظة نقطة تاريخية في تاريخ النيجر المعاصر، إذ يعتبر منجم هضبة سميرة هو أول منجم للكشف عن الذهب وإنتاجه وتصديره في النيجر.

ويمتلك المنجم شركة ليبتاكو للتعدين وهي شركة مغربية كندية نيجرية مشتركة يمتلك الطرفان المغربي والكندي 80% من الشركة مناصفة في حين تمتلك حكومة النيجر 20% من الشركة.

وبلغ إنتاج المنجم في العام الأول 135 ألف أوقية بسعر 177 دولارًا للأوقية. ويتوقع خبراء أيضا العثور على احتياطات أخرى في المنطقة التي أطلق عليها حزام الذهب والواقعة بين مدينتي جوثاي وعولام في الجنوب الغربي للبلاد.

احتياطيات نفطية كبيرة

وتمتلك النيجر أيضًا احتياطيات نفطية كبيرة. في عام 1992 تم منح حق استخراج النفط من منطقة هضاب دجادو لشركة "هانت أويل" الأمريكية، كما تم منح حق التنقيب في صحراء تينيري لشركة النفط الوطنية الصينية، كما تم منح حق الكشف والتنقيب بمنطقة أجاديم الواقعة في ديفا شمال بحيرة تشاد لشركتي إكسون موبيل وبيترونز الأمريكيتين إلا أن التنقيب لم يتخط َ المراحل الكشفية.

وفي عام 2008، أعطت الحكومة النيجرية حق الانتفاع بمنطقة أوجاديم لشركة النفط الوطنية الصينية، وذلك مقابل 5 مليارات من الدولارات الأمريكية. وتمتلك النيجر احتياطيات من النفط تقدر بنحو 324 مليون برميل تم الكشف عنهم وبانتظار الكشف عن احتياطيات جديدة بصحراء تينيري بجوار واحة بيلما.

قلق أمريكى من تمدد النفوذ الروسي

وسارعت واشنطن إلى إدانة الإطاحة برئيس النيجر، إذ عبّر البيت الأبيض عن قلق الولايات المتحدة إزاء تلك التطورات، ودعا الحرس الرئاسي في النيجر، إلى إطلاق سراح الرئيس بازوم، ووقف العنف.

ويعود قلق واشنطن إلى أن النيجر حال نجاح التحرك ستصبح الدولة رقم 11 في سلسلة الدول الإفريقية التي تشهد نفوذًا روسيًا عبر مجموعة فاجنر بعد استمالة بوركينا فاسو العام الماضي.

منبع القلق الأمريكي مرده أن مجموعة فاجنر نشرت نحو ألفي مرتزق منذ عام 2018 على خلفية الصراعات الدينية والتحول الدبلوماسي في دول غرب إفريقيا وبينها النيجر.

كما أن انحسار النفوذ العسكري الفرنسي في دول إفريقيا الوسطي ومالي وبوركينا فاسو واقتحام روسيا لهذا الفراغ يثير خشية الولايات المتحدة من تمدد الروس في النيجر.

والتنافس الدولي على الموارد الخام، كالذهب والفحم والنفط واليورانيوم، في النيجر والمخاوف من سيطرة التنظيمات الإرهابية لتمويل عملياته مصدر قلق لواشنطن.

كان الرئيس بازوم هو الحليف الوحيد للغرب لاحتواء التهديدات الأمنية والإرهابية والتصدي للنفوذ الروسي في المنطقة. وفي مقابل هذا الدور كانت البلاد تتلقى سلسلة من الموارد والمساعدات العسكرية والإنمائية بشكل موسع من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الماضية.

فقد أنفقت واشنطن نحو 500 مليون دولار منذ عام 2012 لمساعدة نيامي، كما أعلن أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، خلال زيارته للنيجر في مارس الماضي عن تقديم مساعدات إنسانية بقيمة 150 مليون دولار لدول المنطقة بما في ذلك نيامي.

كما أعلنت ألمانيا في أبريل 2023 دعمها لتحسين كفاءة وقدرات الجيش النيجري في البلاد. فيما تعهد الاتحاد الأوروبي في عام 2022 بتقديم نحو 1.3 مليار دولار لتحويل اقتصاد النيجر بعيدًا عن النفط.